استيقظ أهالي بلدة سلوان المقدسية، فجر اليوم الجمعة، على واحدة من أخطر عمليات تسريب العقارات لمصلحة جمعيات الاستيطان اليهودية، بعدما لم يخطر على بالهم أن من يقف وراء ذلك ليس سوى جارهم الفلسطيني المدعو (و.ع) المتحدر من إحدى قرى نابلس شمال الضفة الغربية.
ودبر منفذ عملية التسريب الجديدة ليلا، وانسحب منسلاً وعائلته فجر أمس الخميس، بعدما فر مع باقي أصحاب البيت إلى جهة مجهولة، تاركين وراءهم أثاث العقار بالكامل وبقايا الطعام، وحتى قطع بطيخ تركت على طاولة في المطبخ، في مشهد بدت العائلة فيه جميعاً منخرطة بعملية التسريب. وأظهرت لقطات الفيديو الموضوعة قرب المنزل أفراد العائلة وهم يركضون تحت جنح الظلام، ما سبب صدمة لأهالي البلدة، خاصة في ظل ما يتعرضون له من استفزازات ومحاولات إسرائيلية لتهجيرهم من منازلهم.
تعليقا على ذلك، قال مدير مركز معلومات وادي حلوة المختص بالشأن المقدسي، جواد صيام، في حديث لـ"العربي الجديد": "لم نشك أبداً بهذا الرجل، ولم يكن هناك ما يشير إلى أن شخصاً كهذا يمكن أن يتورط في عملية تسريب، فالرجل هادئ تماماً، وبالكاد يختلط وعائلته بالجيران، إلى أن حدث ما حدث"، مضيفا "لقد بدأت المعلومات والأخبار تتسرب إلينا حول تحركات مشبوهة في محيط المنزل لنُفاجأ بأن العائلة غادرت العقار وتركته على حاله من الفوضى".
وتابع صيام قائلا "دخلنا إلى العقار، لنشاهد حجم الفوضى في غرفه، حتى قطع البطيخ تركت على الطاولة، وازدحم مجلى المطبخ بالأواني الوسخة، وكل ما في العقار ترك على ما هو عليه".
وأضاف صيام "ما توافر لدينا من معلومات بشأن مسرب العقار هو أنه ينحدر من عائلة من قرية من قرى جنوب نابلس استقرت في سلوان في مطلع الثمانينيات، حيث ولد مسرب العقار في سلوان، وكان يعمل مدرساً، وما حدث كان مفاجئاً وصادماً، خاصة أننا نتحدث عن عقار تبلغ مساحته أكثر من 200 متر مربع وتحيط به قطعة أرض مساحتها تزيد عن ألف متر مربع".
عائلة الجعبة التي يقع منزلها بجوار العقار المسرب، لم تخفِ صدمتها من عملية التسريب، التي جرت من دون أن يتوقع أحد حدوثها، مشيرة إلى أن العقار المسرب يقع أسفل منزلها، وقد شاهدت العائلة قيام شبان باقتحامه عقب مغادرة عائلة (و.ع) منزلها.
وأجمع أفراد الجعبة على التنديد بما جرى، وقال أحدهم لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه: "تسريب وبيع، هروب وخيانة، ومستوطنون، شرطة وجنود الاحتلال، كانت ليلة صعبة جداً، وفي داخلنا شعور لا يوصف، مزيج من الصدمة والخوف والغضب، كل هذا تحت بيتنا، حينما نفتح النافذة فإن المنزل كان يطل على ذلك العقار، هو أجمل بيت في الحوش، إنها لصدمة كبيرة وإحباط".
كيف يمكن لمدرس ومربٍ أن يتورط في قضية تسريب عقار بهذا الحجم؟ وفي موقع استراتيجي وينسل بهدوء من المكان؟ هذا ما يردده أهالي بلدة سلوان، خاصة الحي الذي كان يقيم فيه (و.ع)، الذي خدعهم بهدوئه. ولا يخفي الأهالي غضبهم وصدمتهم معتبرين السيطرة على العقار الذي كان يقيم فيه، يعزز بؤر الاستيطان في بلدة سلوان. وفي هذا الصدد أشار صيام إلى وجود أكثر من 80 بؤرة استيطانية داخل سلوان يقطنها أكثر المستوطنين تطرفاً.
ووفقاً لعائلتي الطويل والجعبة وشهود عيان في حي وادي حلوة بسلوان، فقد استقر المستوطنون داخل العقار الجديد بعد الاستيلاء عليه، وقاموا بتغيير أقفاله، وتركيب كاميرات مراقبة، وكل ذلك بحماية قوات الاحتلال.
وكان اعتداء سابق على منزل عائلة الطويل، الذي يقع قرب العقار المسرب، مؤشراً على قادم الأيام، حيث اعتداءات المستوطنين هناك شبه يومية. وتعرض الشاب إسماعيل الطويل لاعتداء من أحد المستوطنين فجر اليوم، برشه بغاز الفلفل في وجهه ما أدى إلى إصابته بحروق، خلال اقتحام المستوطنين للمنزل الذي تم تسريبه إليهم والسيطرة عليه.
ويخشى أهالي حي وادي حلوة في سلوان من هذا التمدد الاستيطاني الجديد في حيهم، وما سيواكب ذلك من تشديد الحراسات على المستوطنين فيه، كما هو الحال في بعض أحياء البلدة، حيث يتولى ذلك حراس أمن بلباس مدني تمولهم الحكومة الإسرائيلية بنحو 75 مليون شيكل سنويا.
وتأتي عملية التسريب الجديدة متزامنة مع كفاح يومي يقوده أهالي بلدة سلوان ضد اعتزام بلدية الاحتلال في القدس هدم نحو مائة منزل موزعة على أحياء البلدة الرئيسية في البستان، وبطن الهوى، وعين اللوزة، وواد الربابة، لإقامة ما يسمى "حدائق توراتية" على أنقاض منازل المواطنين هناك.