- حسين حرب يحذر من توترات مستقبلية قد تؤثر على الشرق الأوسط، مع إمكانية دعم إسرائيل للأسد بناءً على موقفه من فلسطين، ما قد يؤدي لتقسيم سورية.
- ناشطون ومواطنون في السويداء يستعدون للدفاع عن المحافظة ضد تحركات النظام العدائية، مع التأكيد على الحفاظ على السلمية ومقاومة أي تهديدات بوحدة.
شهدت الأسابيع الأخيرة قيام النظام السوري بإرسال تعزيزات عسكرية إلى محافظة السويداء جنوبي سورية، بعد فشله في القضاء على الحراك السلمي المناوئ له في المحافظة، وبعد عجزه عن افتعال اقتتال داخلي فيها. وعلى ضوء ذلك بدأت أصوات من داخل الدوائر المقرّبة من النظام تعلو بالتهديد بحرب على المحافظة بأشكال مبطنة وأحياناً بعبارات صريحة.
وتعيش المحافظة حالة من الترقب على ضوء هذه التعزيزات التي تعود بالبلاد إلى الأيام الأولى من الانتفاضة الشعبية ضد نظام الأسد، والتي قمعها بالعنف المفرط.
ويرى الناشط حسين حرب من محافظة السويداء، أن هذه المستجدات تنذر بتوتر مقبل في مجمل المنطقة، و"هو أمر لا يمكن إخراجه من سياق اتفاقيات وافق على مضمونها نظام الأسد بمباركة دولية، ستحدث تغييراً في جغرافيا الشرق الأوسط لما للجنوب السوري من أهمية جغرافية، باعتباره الحد الفاصل بين القوى المتصارعة ظاهراً، والتي تربطها مصلحة البقاء المشتركة فيما بينها في الحقيقة".
وقال حرب في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يمكن تجاهل الأصوات التي قالت إن الأسد سيحصل على مكافأته من إسرائيل بناءً على موقفه الحيادي الواضح مما جرى في فلسطين، التي لطالما نادى هو وسلفه بأنها قضيتهما المركزية. والأصوات التي استقرأت أن المنطقة الجنوبية من سورية ستشهد حرباً ربما تكون وهمية متفق عليها سترسّخ تقسيم سورية، وتتيح للأسد التخلص من أجزاء يعتبرها حملاً على حكمه بطريقة يخرج منها بماء وجهه".
إجراء روتيني في السويداء
أما الناشط معتز الأطرش، فيرى أن ما يحدث يأتي في سياق إجراء روتيني يتم كل عام في الشهر الخامس، حيث تستبدل الكوادر البشرية للقطع العسكرية الموجودة أصلاً، لكنه لا يجزم ولا يبرئ النظام من استغلال هذه التحركات لرفد القطع العسكرية بعناصر أجنبية تابعة للميليشيات الطائفية الإيرانية، بهدف إخماد الحراك السلمي فيها، والقضاء على المناوئين لسلطته فيها، ومن ضمنهم الفصائل المسلحة التي لم تذعن الطاعة له".
وفي هذا السياق، ذكرت مصادر من المنطقة الشرقية في سورية أن المليشيات المدعومة من إيران أدخلت مساء أمس السبت عشرات العناصر التابعين لها من العراق عبر معبر السكك غير الشرعي بالبوكمال، ينتمون إلى مليشيا "النجباء" العراقية تمهيداً لنقلهم إلى محافظة السويداء.
ونقلت شبكة "عين الفرات" المحلية عن مصادر قولها إن نحو مئة عنصر سيتم نقلهم تحت غطاء من قوات النظام بحافلات تبديل العناصر التابعة للفرقة 17.
ويقول عدد من الناشطين والمواطنين من الحاضنة الشعبية في السويداء إنهم مستعدون لأي تحرك سيفرض على المحافظة، و"إن النظام إذا فكر في أي عمل عدائي، فسيكون ذلك وبالاً عليه"، مستدلين بما حدث في يوليو تموز عام 2018، و"سيكون الجبل حينها كتلة واحدة ويستقطب آلاف المقاتلين من الجبل ومن غير الجبل".
"مد شيعي"
غير أن الناشطة الحقوقية سلام عباس تستبعد أن يكون الهدف من التعزيزات هو ضرب السويداء عسكرياً لما يمثله هذا الأمر من خطورة على الصعيد الإقليمي والدولي حالياً وقد يعجل في سقوط النظام. وترى أن ما يحصل يأتي في سياق "المد الشيعي"، فقد أشارت أن لديها معلومات ما تفيد أن التعزيزات تعج بالعناصر التي تتبع للميليشيات الإيرانية.
وتعتقد عباس في حديثها لـ"العربي الجديد" أن هذه المليشيات "هدفها حصار الاردن بالدرجة الأولى، وتأتي في سياق التوعد الإيراني الذي سبق ليلة إطلاق المسيرات على إسرائيل، والذي وقعت عمان في فخه وأعطت مسوغاً لإيران لحصارها، ومن ثم تنجح المسرحية الإيرانية الإسرائيلية في الإطباق والسيطرة على المنطقة".
من جهته، أكد الشيخ حكمت الهجري الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في السويداء، اليوم الأحد، أمام وفود كبيرة من المحتجين زارت منزله في بلدة قنوات، تأييداً لمواقفه الوطنية ولمطالب الشعب السوري بتطبيق القرار الدولي 2254 والانتقال السياسي السلمي، "إن ساحات الكرامة هي أمانة في أعناقكم".
وأضاف الهجري: "يجب أن تحافظوا عليها بسلميتها وحضارتها، وهي من خلالكم صوت الشعب السوري المقهور، فأنتم بمطالبكم تمثلون مطالب هذا الشعب الذي ينظر إليكم باعتباركم بوصلة تاريخية، ولن نكون إلا عند حسن ظن هذا الشعب".
وأضاف أن الحراك الشعبي "بدأ بمطالب معيشية وحياتية، وعندما لم يجد آذاناً مصغية، ذهب بالاتجاه الصحيح وهو المطالبة بالتغيير السياسي وبدولة حضارية إنسانية تليق بالشعب السوري". وختم بالحث على التمسك بالسلمية وعدم الانجرار لأي موقع يراد منه إنهاء هذا الحراك الحضاري السلمي.
أحد قادة الفصائل في السويداء: جاهزون للمواجهة
إلى ذلك، قال الشيخ رامي اشتي أحد قادة الفصائل المسلحة لـ"العربي الجديد"، إنهم لا يقللون من أهمية دخول التعزيزات العسكرية وتمركزها داخل المدينة ضمن النقاط الأمنية والعسكرية. و"بكل تأكيد نتوقع عملاً عسكرياً محدوداً يكون مقدمة لإعادة ما يسمى هيبة الدولة والسطوة الأمنية والحزبية إلى السويداء، وسنسعى جاهدين ألا نكون أصحاب الطلقة الأولى، ولكن أثق تماماً أن هذه التعزيزات لن تجد طريقاً للعودة من حيث أتت، إذا باشرت بالعدوان، فنحن في المحافظة ومهما فرقتنا الخلافات الآنية تجمعنا على اختلاف مشاربنا أوقات الخطر" كما قال.
وحول التحضيرات للمواجهة يقول اشتي: "ليست المرة الأولى التي نخوض فيها معارك، فقد واجهنا داعش وانتصرنا عام 2018 من دون أي استنفار أو تخطيط، ونتمنى ألا نصل إلى موقع نرى فيه الجيش بالموقع نفسه، وهذا يتوقف على التحركات العسكرية والأيام القليلة المقبلة".