ما وراء الموافقة الإسرائيلية على زيادة عدد القوات المصرية في سيناء

09 نوفمبر 2021
أدخل الجيش المصري في السنوات الماضية قوات ضخمة إلى سيناء (فرانس برس)
+ الخط -

وافقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، مجدداً، على طلب مصري لزيادة القوة العسكرية المنتشرة في محافظة شمال سيناء، شرقي البلاد، لا سيما الموجودة في المناطق المتاخمة للحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. وجاء ذلك بعد أسابيع قليلة من لقاء جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، برئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينت، في شرم الشيخ جنوب سيناء، تمخض عنه لقاء للجنة العسكرية المشتركة للجيشين الإسرائيلي والمصري، كانت من أبرز نتائجه المعلنة، تعديل اتفاقية تنظيم وجود قوات حرس الحدود في رفح المصرية، لصالح تعزيز القبضة الأمنية للجيش المصري، بما يعني زيادة القوة العسكرية في المنطقة الحدودية.

وفي التفاصيل، أفاد بيان لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بأن اللجنة العسكرية المشتركة للجيشين الإسرائيلي والمصري، عقدت أمس الأول الأحد اجتماعاً تم خلاله بحث القضايا المشتركة، والتوقيع على تعديل مهم. وبحسب البيان الذي نُشر أمس الإثنين، "وقّع الطرفان تعديلاً على الاتفاق الذي ينظّم وجود قوات الحرس (المصري) في منطقة رفح"، مضيفاً: "ترأس وفد الجيش الإسرائيلي رئيس قسم العمليات اللواء عوديد باسيوك، ورئيس فرقة الاستراتيجية والدائرة الثالثة اللواء تل كالمان، ورئيس قسم العلاقات الخارجية العميد إفي دفرين"، مشيراً إلى أنه "تم خلال اجتماع اللجنة التوقيع على تعديل لاتفاقية تنظم وجود قوات الحرس في منطقة رفح لصالح تعزيز القبضة الأمنية للجيش المصري في تلك المنطقة". وختم البيان أن القيادة السياسية في إسرائيل سبق ووافقت على هذا التعديل.

ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية أن مصادر في القاهرة أقرت بأن إسرائيل ومصر لا تكشفان حجم القوات المصرية التي وافقت إسرائيل على انتشارها في منطقة شمالي سيناء، فيما قال البيان الرسمي الإسرائيلي إنه سيتم تعزيز القوات المصرية في منطقة رفح ومحيطها بحجم يوازي حجم تلك القوات التي انتشرت قبل حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.

لم تكشف إسرائيل ومصر حجم القوات المصرية التي وافقت إسرائيل على انتشارها في منطقة شمالي سيناء

وبعد ساعات من الإعلان الرسمي من الجانب الإسرائيلي، أكد المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية تعديل الاتفاقية الأمنية الثنائية بزيادة عدد قوات حرس الحدود وإمكاناتها في المنطقة الحدودية. وقال بيان عسكري مصري، أمس، إن هذه الاتفاقية أُبرمت على ضوء المساعي المصرية للحفاظ على الأمن القومي المصري، واستمراراً لجهود القوات المسلحة في ضبط وتأمين الحدود على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي، وبناءً على الاجتماع التنسيقي مع الجانب الإسرائيلي. وذكر أن الاتفاق يأتي "في إطار اتفاقية السلام، بما يعزز ركائز الأمن طبقاً للمستجدات والمتغيرات".

جدير بالذكر أن اتفاقية كامب ديفيد وقّعها الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في 17 سبتمبر/أيلول 1978 إثر 12 يوما من المفاوضات السرية في منتجع كامب ديفيد الأميركي، فيما جاءت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 بعد الدخول في مفاوضات عقب انتصار الجيش المصري في حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول ونجاحه في استرداد جزء من الأراضي في سيناء والتي عادت كاملة بعد ذلك مع انسحاب آخر جندي إسرائيلي منها عام 1982، ورفع العلم المصري على طابا بعد التحكيم الدولي عام 1989. وتحظر الاتفاقية على الجانب المصري إدخال طائرات وأسلحة ثقيلة إلى المنطقة الحدودية مع إسرائيل، وحددت طبيعة القوات المصرية المنتشرة وكذلك تسليحها، على أن يتم التنسيق بين الجانبين الإسرائيلي والأميركي حول أي عملية عسكرية يريد الجيش المصري تنفيذها في سيناء.

أخبار
التحديثات الحية

وكانت إسرائيل قد علّقت العمل بالشق الأمني من اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع مصر، بهدف تمكين الجيش المصري من تنفيذ عملية عسكرية واسعة، للقضاء على المجموعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء في يوليو/تموز 2013 في أعقاب تطور الأحداث الأمنية في شمال سيناء إثر ما جرى في المشهد السياسي المصري آنذاك. وعلى مدار السنوات الماضية أدخل الجيش المصري قوات عسكرية ضخمة إلى شمال سيناء، لا سيما مناطق رفح والشيخ زويد والعريش، وتعرّضت هذه القوات لمئات الهجمات على يد تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، ما أدى إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف القوات البشرية والمعدات. فيما لا تتجاوز هجمات التنظيم الإرهابي على الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عدد أصابع اليد الواحدة، سواء إطلاق نار أو صواريخ على مدار السنوات الماضية.

تعديل الاتفاقية يأتي كجزء من الطلبات المصرية في لقاء السيسي-بينت قبل أسابيع

وتعقيباً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن تعديل الاتفاقية يأتي كجزء من الطلبات المصرية في لقاء السيسي-بينت قبل أسابيع، وكجزء من دفء العلاقات المصرية الإسرائيلية، والزيارات التي نشط فيها وزير المخابرات العامة اللواء عباس كامل خلال المرحلة الماضية إلى تل أبيب واستضافته للمسؤولين الإسرائيليين في القاهرة، مشيراً إلى أن الموافقة الإسرائيلية على زيادة القوة العسكرية المصرية في سيناء كانت متوقعة، لما يمثله ذلك من صمام أمان لصالح الجانب الإسرائيلي على حدوده الجنوبية، لمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية من جهة، وملاحقة طرق دعم وإمداد المقاومة الفلسطينية في غزة، مضيفاً أن هذا ما أثبتته السنوات الماضية، بهدوء الساحة الجنوبية الإسرائيلية من أي هجمات أو أضرار، على الرغم من أن القوة العسكرية لتنظيم "داعش" وسيطرته الميدانية بلغت في وقت من الأوقات حداً يمكنه فيها استهداف المصالح الإسرائيلية، في حين أن الجيش المصري تصدى لكل الهجمات ودفع فاتورة الحرب طيلة السنوات السبع الماضية.

وأضاف الباحث أن الوضع الأمني الحالي في سيناء لا يتطلب وجوداً عسكرياً مضاعفاً لما هو عليه الآن، في ظل تراجع نفوذ تنظيم "داعش" خلال الأشهر الماضية، خصوصا في المناطق الحدودية مع الاحتلال الإسرائيلي، بينما يبدو واضحاً أن لتكثيف وجود الجيش المصري في هذه المناطق مهمة أخرى غير معلنة، لا سيما أنها جاءت بعد وقت قصير من تفويض السيسي لوزير الدفاع الفريق محمد زكي بفرض عشرة تدابير استثنائية وقتما يشاء، بناء على توجيهات الرئيس نفسه، على مستوى كل مناطق شبه جزيرة سيناء. ومن هذه التدابير، إصدار قرارات حظر التجول، وتحديد مواعيد فتح المحلات العامة وإغلاقها، وإخلاء بعض الأماكن أو المناطق، وحظر الإقامة في أماكن معينة، وحظر استخدام وسائل اتصال معينة، وغيرها من التدابير، في حين صدر قرار جمهوري يحمل رقم 420 لسنة 2021 بتحديد مناطق عسكرية مغلقة يحظر فيها كل الأنشطة المدنية، بمساحة تبلغ 3000 كيلومتر مربع من الأراضي بشمال سيناء، كمناطق حدودية.