مباحثات السيسي وبن زايد: حشد دعم مصري لتصور إدارة غزة

25 مارس 2024
فلسطينيتان تتفقدان آثار غارة إسرائيلية على رفح، أمس (محمد سالم/رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في زيارة إلى القاهرة، ناقش رئيس دولة الإمارات مع الرئيس المصري الأوضاع في غزة والترتيبات المستقبلية بعد وقف الحرب، مع تركيز أبوظبي على لعب دور رئيسي في هذه الترتيبات.
- مصر ترفض التصورات الإسرائيلية لإدارة غزة، مؤكدة على ضرورة دور للسلطة الفلسطينية ورفض فصل غزة عن الضفة الغربية، مع التأكيد على التشاور مع الفصائل الفلسطينية.
- التحركات الإسرائيلية تهدف لفرض إدارة محلية تقوض دور حماس والاستقلال الفلسطيني، مع محاولات لاستبعاد مصر من المشهد المستقبلي لغزة، ما يشكل خسارة استراتيجية لها.

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية، وأخرى مطلعة على تحركات القاهرة بشأن ملف الوضع في غزة عن بعض تفاصيل زيارة رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد إلى القاهرة، أول من أمس السبت، ولقائه نظيره المصري عبد الفتاح السيسي. وقال دبلوماسي مصري، لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة بن زايد ركزت على مناقشة الأوضاع في قطاع غزة، والترتيبات المقترحة لليوم التالي لوقف الحرب"، مضيفاً أن "أبوظبي تعمل على خلق مساحة ودور لنفسها، كفاعل رئيسي في الترتيبات المقبلة".

وأشار إلى أن هناك مقترحين يتنازعان في أروقة صناعة القرار الإسرائيلي بشأن شكل الإدارة المحلية التي تسعى حكومة الاحتلال إلى تشكيلها في غزة، لتحل محل حركة حماس بعد انتهاء العدوان.

ولفت المصدر إلى أن "المقترح الأول يتضمن إشراف رئيس المخابرات في السلطة الفلسطينية ماجد فرج، على مجموعات مسلحة وإدارات مدنية مناطقية من مخاتير ورجال أعمال محليين ليست لهم ارتباطات أو علاقة مع حماس، فيما يتضمن المقترح الثاني لعب القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح محمد دحلان، دور المسؤول الأول بشأن الإدارة المحلية للقطاع عبر مجموعات تتبعه".

موقف مصر من إدارة غزة

من جهته، قال مصدر مصري آخر، لـ"العربي الجديد"، إن "مصر لا ترحب بالتصورات الإسرائيلية المقترحة، إذ تقدّر أجهزة معنية بالملف أن تلك التصورات ستسبب متاعب لمصر في المستقبل القريب، لذلك فهي تدفع بترتيبات دائمة قائمة على أدوار للسلطة الفلسطينية المعترف بها دولياً، ولا تتضمن فصلاً بين إدارة غزة والضفة الغربية".


مصدر مصري: مصر لا ترحب بالتصورات الإسرائيلية المقترحة

في السياق، أكد المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، حسن هريدي، رفض بلاده أي تصور لمستقبل قطاع غزة من دون التشاور مع كافة المكونات السياسية للشعب الفلسطيني. وقال في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "مصر ترفض رفضاً مطلقاً فرض دولة الاحتلال الإسرائيلي إدارة غزة من دون التشاور مع الأطراف الفلسطينية كافة، كما أنها لا تقبل بأن تعود غزة للإدارة المصرية كما كان الحال قبل حرب 1967".

من جهته، رأى الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عمار فايد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتلال لن يتراجع عن موقفه المعلن، الذي تشير معطياته الحالية إلى الإصرار على ألا تكون حماس جزءاً من إدارة القطاع، لا هي ولا حتى حركة فتح والسلطة الفلسطينية، و(رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو لا يزال متمسكاً بذلك بشكل استراتيجي، لأن بالنسبة له أي إدارة فلسطينية، ستُبقي على آمال الدولة الفلسطينية التي يقف ضدها".

وأوضح فايد أن "ما يسعى إليه نتنياهو حالياً، أن تكون هناك سلطة يتم خلقها من مجموعات قبلية داخل القطاع، أو من تكنوقراط سابقين، يكونون تحت مظلة إقليمية، هو يدعو أن تكون إماراتية، والإمارات نفسها موافقة على ذلك مبدئياً".

وأضاف أن "مصر مدعوة إلى أن تساهم، والسعودية أيضاً، والأميركيين يقولون إن تركيا يمكن أن تساهم، ولكن هذه الدول تقول إنه لن يصلح السيناريو بهذا الشكل، ومصر تقول إنه لن ينجح، وموقف الأميركيين يدفع باتجاه عودة السلطة الفلسطينية، وهم يحاولون الضغط على نتنياهو".

الاحتلال وفرض مشروعه على غزة

بدوره، شدّد الكاتب الفلسطيني حسام شاكر، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن "جزءاً من الصراع القائم، هو حول مخرجات الحرب والتي يحاول الاحتلال وداعموه، فرض مشروع معين على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".

وأضاف: "الاحتلال يريد تقويض حماس أو على الأقل سلبها أي قدرة على أن تكون لديها كلمة في إدارة غزة، وبالتالي هو يستهدف بشكل مكثف كل مظاهر الإدارة المحلية في غزة، بعدما استهدف كل المقار والمنشآت والوزارات إلى آخره، وحتى التأمينات التي ترافق شاحنات الإغاثة والشخصيات التي أظهرت كفاءة في إدارة المساعدات الإنسانية، مثل اغتيال القيادي البارز في الشرطة الفلسطينية فائق المبحوح".


دبلوماسي مصري: أبوظبي تعمل على خلق مساحة ودور لنفسها

وتابع شاكر: "هذه الحالة تستهدف تقويض دور حماس وأي دور فلسطيني مستقل، والأمر سار أيضاً على القيادات العشائرية مثل مختار عائلة النونو الذي كان له دور في تنسيق توزيع المساعدات بالتعاون مع الهيئات الدولية، التي تستهدف أيضاً بحملات التشهير".

ولفت إلى أن "الاحتلال لا يريد مشهداً فيه أي مكون فلسطيني، وهذا بالطبع لن تقبل به حماس والفصائل الفلسطينية عموماً. وحتى الحديث عن أدوار يحاول أن يدفع بها بواسطة قيادات أمنية فلسطينية، فإن هذه القيادات وإن حسبت على حركة فتح أو السلطة الفلسطينية، إلا أن استحضارها لا يأتي من باب الفصائل وإنما من باب التنسيق الأمني الذي كان قائماً ولا يزال، وبالتالي هو استحضار لدور أمني متواطئ مع الاحتلال ومنسق معه".

وبالنسبة إلى مصر، رأى شاكر أنه "من الملاحظ أنه يجري بشكل منهجي استبعادها من المشهد التالي لقطاع غزة، كما تريده القيادة الإسرائيلية والأميركية والغربية، بمعنى أنها تدرك أنه تجري عملية قضم منهجي لدورها في قطاع غزة ومنفذ رفح كمثال، وإيجاد بدائل عنه، وربما احتلال المعبر، والحديث عن محور فيلادلفيا، وغير ذلك من مسائل، بالإضافة إلى فرض إملاءات على الجانب المصري في كيفية دخول الشاحنات، علاوة على الممر القبرصي المتجاوز لدور مصر مع القطاع".

وتابع: "هذه كلها مؤشرات أولية على أن ما يجري يشكل استبعاداً لدور مصر في إدارة غزة، وهذا من الواضح أنه يترافق مع سلوك تعويضي لمصر عن هذه الخسارة الاستراتيجية المنهجية التي تلحق بها، يتمثل في إسناد اقتصادها المتعثر من قبل عدة دول عربية وأوروبية دولية".