وصل الليبي المتهم بصنع القنبلة التي استخدمت لتفجير طائرة أميركية فوق لوكربي في اسكتلندا عام 1988، وهو اعتداء أودى بحياة 270 شخصا، إلى الولايات المتحدة، وسيمثل أمام المحكمة الاثنين، وفق ما أفاد به مسؤولون في وزارة العدل.
ووجّهت الولايات المتحدة اتهامات لأبو عجيلة محمد مسعود قبل عامين على خلفية تفجير لوكربي الذي كان معظم ضحاياه أميركيين.
وبعد وصوله إلى الولايات المتحدة، نُقل إلى منشأة تابعة لوزارة العدل في ألكسندريا في فيرجينيا لإتمام المراحل الأولى من معالجة ملفه.
وبعد ظهر الاثنين، سيمثل أمام محكمة فدرالية في واشنطن في جلسة استماع أولى.
وكانت السلطات الأميركية والاسكتلندية قد أعلنت، الأحد، أن مواطناً ليبياً يشتبه في صنعه القنبلة التي دمرت طائرة ركاب فوق مدينة لوكربي باسكتلندا عام 1988، محتجز الآن لدى الولايات المتحدة.
وذكر مكتب الادعاء الاسكتلندي في بيان أنه "أبلغنا عائلات قتلى تفجير لوكربي بأن المشتبه به أبو عجيلة مسعود خير المريمي محتجز لدى الولايات المتحدة"، فيما أكدت وزارة العدل الأميركية هذه المعلومات، وأشارت إلى أنها تتوقع "أن يمثل المريمي لأول مرة أمام المحكمة الجزئية الأميركية لمنطقة كولومبيا".
ولم يذكر مكتب الادعاء ووزارة العدل كيفية احتجاز المريمي لدى الولايات المتحدة.
ووجهت الولايات المتحدة الاتهام لأبو عجيلة محمد مسعود المريمي قبل عامين على خلفية قضية لوكربي، وكان قد احتُجز سابقا في ليبيا لتورطه المفترض في هجوم عام 1986 على ملهى ليلي في برلين.
وحوكم متهم واحد فقط حتى الآن في قضية تفجير رحلة "بان أميركان" رقم 103 الرابطة بين لندن ونيويورك. وقضى ضابط المخابرات الليبي السابق عبد الباسط المقرحي سبع سنوات في سجن اسكتلندي بعد إدانته عام 2001، وتوفي في ليبيا عام 2012. ولطالما دفع المقرحي ببراءته.
وبدأت قصة لوكربي في ديسمبر/كانون الأول 1988 إثر سقوط طائرة "بان أميركان"، أثناء تحليقها فوق لوكربي في اسكتلندا. ووُجهت أصابع الاتهام أولاً إلى إيران، قبل أن تتوسع دائرة الاتهامات لتشمل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" وإمكانية أن تكون إيران هي التي موّلت العملية.
وفي العام اللاحق، أصدرت السلطات في اسكتلندا وفي الولايات المتحدة أيضاً أوامر اتهام لاثنين من رجال المخابرات الليبية، هما عبد الباسط المقرحي، وخليفة فحيمة. وطالبت واشنطن السلطات الليبية بتسليمهما إليها، وهو الطلب الذي عارضه نظام العقيد الراحل معمر القذافي. وسارعت بريطانيا وفرنسا لمساندة الطلب الأميركي، كما طالبت فرنسا بتسليم مسؤولين ليبيين اتهمتهم بالضلوع في تفجير طائرة UTA الفرنسية فوق النيجر عام 1989، وعلى رأسهم صهر القذافي، والرجل الثاني في ليبيا حينها عبد الله السنوسي.
وإثر نقل القضية إلى مجلس الأمن، أصدر الأخير قراراً عام 1992، دعا فيه ليبيا إلى تسليم المطلوبين، لكن القذافي أصر على رفض المطالبة بتسليمهما، إلا أنه في الوقت نفسه سمح بمحاكمة المواطنين الليبيين محلياً في بلدهما. إلا أن وتيرة الضغط زادت بأن تبنى مجلس الأمن قراراً آخر قضى بفرض حصار جوي على ليبيا وحظر بيع كل التجهيزات الخاصة بالطيران، مضافاً إليه قرار أميركي أوروبي بفرض حصار اقتصادي على ليبيا.
وفيما لم تثنِ هذه الخطوات التصعيدية القذافي عن قراره بعدم تسليم المقرحي وفحيمة، صدر قرار عن محكمة العدل الدولية عام 1998 لصالح الاعتراض الليبي بأن القضية ليست من اختصاص مجلس الأمن، إضافة لدعوة جامعة الدول العربية لتخفيف العقوبات على ليبيا، وقرار منظمة الوحدة الأفريقية سنة 1998 بعدم دعم الاستمرار في تنفيذ العقوبات.
دفعت كل هذه الإرهاصات إلى تقديم واشنطن بعض التنازلات بأن قبلت بقرار يقضي بمحاكمة المتهمين الليبيين في محكمة قضائية أقيمت في هولندا بشكل خاص للنظر في هذه القضية، وقبِل القذافي بتسليم المطلوبين في عام 1998. وفي يناير/كانون الثاني 2001 حُكم على المقرحي بالإدانة والسجن مدى الحياة، بينما تمت تبرئة فحيمة.
عام 2003، جرت تسوية القضية بين ليبيا والولايات المتحدة، بعد وساطات دولية وإقليمية غير معلنة، بأن يدفع القذافي 2.7 مليار دولار مقابل رفع العقوبات عن بلاده.
(فرانس برس، العربي الجديد)