أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اليوم الإثنين، بياناً رسمياً أعرب فيه عن "القلق العميق والاستياء" إزاء إعلان إسرائيل، في 12 فبراير/ شباط، عن مزيد من البناء والتوسع في المستوطنات الواقعة ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال المجلس، الذي يضم 15 عضواً، في بيان رئاسي تم الاتفاق عليه بالإجماع، إن "مجلس الأمن يكرر التأكيد على أن استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية يهدد بشكل خطير إمكانية حل الدولتين على أساس حدود 1967".
وقرأت البيان رئيسة مجلس الأمن للشهر الحالي وسفيرة دولة مالطا فنسا فرازير، في بداية جلسة مجلس الأمن الدورية لمناقشة الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأعاد المجلس التأكيد على "حق جميع الدول في العيش بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها دولياً"، مشدّداً على أن "كلا الشعبين، الإسرائيلي والفلسطيني، لهما الحق في تدابير متساوية من الحرية والأمن والازدهار والعدالة والكرامة".
وجاء في البيان: "يُعيد المجلس التأكيد على التزامه الراسخ برؤية حل الدولتين، حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".
وشدّد المجلس "على ضرورة وفاء جميع الأطراف بالتزاماتها وتعهداتها الدولية، ويعارض بشدة جميع الإجراءات أحادية الجانب التي تعرقل السلام، بما في ذلك (...) البناء الإسرائيلي وتوسيع المستوطنات، ومصادرة أراضي الفلسطينيين (...) وإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية، وهدم منازل الفلسطينيين وتشريد المدنيين الفلسطينيين".
كما دان مجلس الأمن "جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك الأعمال الإرهابية"، ودعا إلى "تعزيز الجهود الجارية لمكافحة الإرهاب بما يتفق مع القانون الدولي، ويدعو جميع الأطراف إلى إدانة جميع أعمال الإرهاب بشكل واضح، والامتناع عن التحريض على العنف، ويكرر التزام جميع الأطراف فيما يتعلق بمتابعة المساءلة عن جميع أعمال العنف التي تستهدف المدنيين، ويذكر بالتزام السلطة الفلسطينية بالتخلي عن الإرهاب ومكافحته".
وتابع البيان: "ندعو جميع الأطراف إلى التزام الهدوء وضبط النفس، والامتناع عن الأعمال الاستفزازية والتحريضية والخطاب التحريضي، بهدف تهدئة الوضع على الأرض، وإعادة بناء الثقة من خلال السياسات، واتخاذ إجراءات التزام حقيقي بحل الدولتين، وتهيئة الظروف اللازمة لتعزيز السلام".
وأكد البيان على "أهمية سلامة ورفاه جميع المدنيين"، ودعا إلى "الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية السكان المدنيين، ويدعو أيضاً إلى تسهيل وصول العاملين في المجال الإنساني إلى السكان المحتاجين، ويكرر الحاجة إلى اتخاذ الخطوات المناسبة لضمان سلامة ورفاهية المدنيين وحمايتهم".
وأوضح مجلس الأمن أنه "يتابع بقلق بالغ حالات التمييز والتعصب وخطاب الكراهية بدافع العنصرية، أو الموجه ضد الأشخاص المنتمين إلى جماعات دينية، ولا سيما حالات بدافع كراهية الإسلام أو معاداة السامية أو كره المسيحية"، ودعا "إلى الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس قولاً وفعلاً دون تغيير"، وأكد في هذا السياق على الدور الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الحفاظ على الوضع الراهن.
ويأتي هذا بعد أن سُحب مشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي، بعد التوصل لاتفاق، بحسب تقارير صحافية أميركية وإسرائيلية، بين الجانبين الفلسطيني والأميركي، مقابل صدور بيان رئاسي عن المجلس.
من جانبها، نددت دولة الاحتلال الإسرائيلي، مساء الإثنين، ببيان مجلس الأمن الدولي، معتبرةً أنه "أحادي الجانب" وينكر الحق "التاريخي" لليهود، على حد زعمها.
وأفاد بيان لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن "مجلس الأمن الدولي أصدر بياناً أحادي الجانب، يُنكر فيه حق اليهود في العيش في وطنهم التاريخي، ويتجاهل الاعتداءات الفلسطينية في القدس، والتي اغتيل فيها 10 إسرائيليين" في الأسابيع الأخيرة، على حد تعبيره.
ورأى أنه "ما كان ينبغي أبداً للولايات المتحدة أن تؤيد" هذا النص.
ولم يصدر بعد رد فعل أميركي رسمي على هذا البيان الإسرائيلي.
وشكل إصدار هذا البيان فرصة أمام الجانب الأميركي لتخفيف حدة اللغة، كاستخدام مفاهيم على غرار التعبير عن "القلق والاستياء"، بدلاً من "الإدانة" التي نصت عليها المسودة التي تم سحبها.
وصاغت الإمارات، الدولة العربية العضو في مجلس الأمن، البيان بالتنسيق مع الجانب الفلسطيني.
وعلى الرغم من أهميته، إلا أن البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن يعد أقل أهمية من القرار من ناحية قوته القانونية، ولا يحمل صفة إلزامية بمستوى القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، لكنه جزء رسمي من وثائق مجلس الأمن.
يُذكر أن مجلس الأمن كان قد تبنى في عام 2016 القرار 2334، والذي دان الاستيطان الإسرائيلي.