تبنى مجلس الأمن الدولي، الاثنين، قراراً يدعو حركة "طالبان" إلى احترام "التزاماتها" من أجل خروج "آمن" لكل الذين يريدون مغادرة أفغانستان، بدون المطالبة بإقامة منطقة آمنة كانت فرنسا دعت إليها.
وصوت 13 من أعضاء مجلس الأمن الـ15 لصالح القرار الذي وضعته الولايات المتحدة، بينها فرنسا والمملكة المتحدة، فيما امتنعت كل من الصين وروسيا عن التصويت.
ويركز القرار على قضية العبور الآمن للراغبين بمغادرة أفغانستان. ويدعو جميع الأطراف من أجل العمل مع الشركاء الدوليين للدعم والحفاظ على الأمن في المطار وحوله واتخاذ الخطوات اللازمة لتأمين المطار وإعادة فتحه.
ويدين القرار بأشد العبارات هجوم الـ26 من الشهر قرب مطار كابول والذي تبنته حركة "داعش" وأدى إلى مقتل وجرح ثلاثمئة شخص. كما يدعو إلى تجنب وقوع المزيد من الضحايا.
وحول الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية يدعو القرار كذلك إلى تقديم المساعدات الإنسانية وإيصالها لجميع المحتاجين في أفغانستان دون أي عائق، كما السماح بوصول العاملين في المجال الإنساني دون معوق وضمان أمنهم وسلامتهم.
كما يطالب القرار بعدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية للنشاطات الإرهابية للقيام باعتداءات على أي دولة أو لتدريب إرهابين أو التخطيط وتمويل أي أعمال إرهابية. ويشير القرار إلى بيان صادر عن طالبان في الـ 27 من آب/ أغسطس تشير فيه إلى التزامها بالسماح للأفغان بالسفر إلى الخارج في أي وقت وعبر المعابر الجوية والبرية. ويتوقع القرار من طالبان أن تلتزم بتلك التعهدات. ويعيد القرار التأكيد على ضرورة دعم حقوق الإنسان بما فيها حقوق الأطفال والنساء والأقليات.
لا اعتراف حالياً بـ"طالبان"
من جهتها، صرحت السفيرة الأميركية للأمم المتحدة في نيويورك، ليندا توماس-غرينفيلد، لـ "العربي الجديد" إن بلادها لا تفكر في الوقت الحالي بمسألة الاعتراف بطالبان.
وقالت السفيرة الأميركية "لم تشكل طالبان حتى اللحظة حكومة بعد، وعلينا أن نرى ما هو نوع الحكومة التي سيقومون بتشكيلها وما إذا كانت تضم أطرافاً أخرى وهل سيتم إشراك النساء فيها، كما تأخذ بعين الاعتبار حقوق جميع الأفغان بمن فيهم الأقليات. سنرى أي خطوات سيتخذونها على الأرض قبل أن نتخذ أي قرار حول الاعتراف".
وجاءت تصريحات السفيرة الأميركية خلال مؤتمر صحفي مقتضب عقدته أمام مجلس الأمن الدولي بعد التصويت على القرار. وعبرت عن خيبة أمل بلادها من الامتناع الصيني والروسي عن التصويت على القرار. وقالت إن القرار ينشئ ثلاثة توقعات واضحة حول مستقبل أفغانستان. وأشارت في هذا السياق "يتوقع مجلس الأمن من طالبان الارتقاء لمستوى الالتزامات بتيسير مرور آمن للأفغان والأجانب الذين يريدون مغادرة البلاد الآن وفي المستقبل".
وأضافت "إن القرار يوضح التزام مجلس الأمن الثابت بمساعدة الباقين في أفغانستان وعلى كل الأطراف توفير وصول المساعدات الإنسانية دون عائق". وتحدثت عن معاناة الأفغان ليس فقط من الحرب بل كذلك بسبب الجفاف وكورونا. ولفتت الانتباه إلى أن القرار "يؤكد على عدد من دعوات مجلس الأمن السابقة ومن بينها الضرورة الملحة للتصدي للخطر الإرهابي في أفغانستان".
أما السفيرة البريطانية للأمم المتحدة، باربارا وودوارد، فقد صرحت لـ "العربي الجديد" في نيويورك حول تأمين المطار وما إذا كانت بلادها ترغب برؤية قوات دولية، كقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تؤمن المطار "من الضرورة أن يتم ضمان أمن المطار. وفي ذهننا دون شك المأساة والهجوم (على المطار من قبل داعش) الذي أدى إلى مقتل وجرح أكثر من ثلاثمئة شخص، مما حال دون مرور آمن للراغبين. وهذا السؤال ما زال مفتوحاً حول كيفية تأمين المطار وهذه واحدة من الأمور التي يتم مناقشتها الآن ولا يوجد لدينا رؤية محددة حول كيفية القيام بذلك".
السفيرة البريطانية للأمم المتحدة: أعتقد أن هناك الكثير من النقاط المشتركة على الرغم من امتناع الصين وروسيا عن التصويت
وحول امتناع الصين وروسيا عن التصويت قالت "لقد كان نص القرار قصيرا ومختصرا وجاء كرد على الهجمات الأخيرة وتناول القضايا الرئيسة حول دخول المساعدات الإنسانية ومحاربة الإرهاب وحقوق الإنسان والعبور الآمن. ولكن ما لفت انتباهي خلال النقاشات أن جميع الدول أكدت على ضرورة حفظ أمن أفغانستان وأن لا تصبح البلاد ملاذاً للإرهاب. ولذلك أعتقد أن هناك الكثير من النقاط المشتركة على الرغم من امتناع الصين وروسيا عن التصويت".
وحول السبب وراء امتناع روسيا عن التصويت وعدم التصويت لصالح القرار قال مبعوث روسيا للأمم المتحدة، فاسيلي نبينزيا، "وجدنا أنفسنا مجبرين على الامتناع لأسباب عدة من بينها عدم أخذ ملاحظاتنا بعين الاعتبار ومن بينها ما يتعلق بقضية إجلاء الأفغان ذوي المهارات العالية على الاقتصاد الأفغاني، مما سيحول دون أن تتمكن البلاد من التعافي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة".
كما أشار إلى أن "تجميد الأموال الأفغانية في المصارف الدولية يحول كذلك دون أن تتمكن البلاد من التعافي ويؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي والإنساني". وقال إن بلاده كانت تتمنى لو أخذت الدول الثلاث، بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، وقتاً أطول للتفاوض. وانتقد طريقة انسحاب الدول الغربية من أفغانستان.
أما الصين فعبرت عن أسفها لعدم أخذ التعديلات الصينية والروسية بعين الاعتبار وشككت بأن القرار ستكون له النتائج المنشودة. وانتقدت الصين كذلك انسحاب القوات الاجنبية السريع من أفغانستان دون تنسيق. وقالت إن الدول الغربية تركت حالة كارثية خلفها ولا يمكنها الادعاء بأنها تهتم بمصير الأفغان دون أن تشترك بإعادة الإعمار أو تفرض عقوبات وتجمد الأرصدة المصرفية. ودعت الصين الدول الغربية إلى التعاون مع طالبان ومساعدتها بإعادة بناء البلاد.