مجلس موحَّد للمحافظات الشرقية في اليمن: خطوة لمواجهة "الانتقالي"؟

10 يناير 2024
يقول هذا المجلس إنه يسعى لتحقيق تطلعات أبناء المحافظات الشرقية (علي أبوبكر توكان/الأناضول)
+ الخط -

أُعلن في مدينة سيئون، عاصمة وادي وصحراء حضرموت، شرقيّ اليمن، أمس الثلاثاء، تأسيس اللجنة التحضيرية المنبثقة من الهيئة التأسيسية للمجلس الموحَّد للمحافظات الشرقية في اليمن، ككيان سياسي قيل إنه جاء للإسهام في تحقيق تطلعات وأهداف ومطالب أبناء هذه المحافظات، التي تضم حسب اللجنة، حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى.

وحسب قائمين على هذا المجلس، فإنه جاء ليمثل ويجمع تحت لوائه عدداً من المكونات، مثل هيئة تنسيق حضرموت، والمجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى، والهيئة الشعبية في شبوة، ووثيقة مؤتمر حضرموت الجامع، ومجلس حضرموت الوطني، ومرجعية قبائل حضرموت، وحلف أبناء وقبائل شبوة، ولجنة الاعتصام في المهرة.

لكن هذا المجلس الجديد الذي يتخذ من سيئون مقراً له، ولا يملك نفوذاً على الأرض، يتهمه البعض بأنه يتبع ويحظى بدعم أطراف خارجية، وذلك بهدف مواجهة نفوذ "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يبسط سيطرته على أغلب مناطق جنوب اليمن، وتبقى سيئون خارج سيطرته بشكل جزئي، بحكم وجود قوات لا توالي "الانتقالي" في المنطقة العسكرية الأولى، وتتولى حماية من يعارض "الانتقالي" حسب الاتهامات الموجهة لها. وهذه القوات في معظمها شمالية ما زالت من عهد الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، وحاول "الانتقالي" أكثر من مرة شنّ عمليات عسكرية لإخراجها من سيئون، وبالتالي إخلاء كل صحراء ووادي حضرموت من أي قوات شمالية، لكن محاولاته كانت تواجه بمعارضة من قيادة التحالف الذي تقوده السعودية.

مجلس موحَّد للمحافظات الشرقية

وأكد رئيس اللجنة التحضيرية عبد الهادي التميمي، في مؤتمر صحافي خلال الإعلان عن اللجنة التحضيرية، أن المحافظات الأربع (حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى) تمتلك سجلاً تاريخياً متراكماً من النضال المتصل بمن سبقها من نخب ورواد. ولفت إلى أن مشروع تشكيل الهيئة التأسيسية للمجلس الموحد للمحافظات الشرقية جاء تتويجاً لهذه النضالات لأبناء المحافظات الشرقية منذ مقاومة الاستعمارين البرتغالي والبريطاني، مروراً بمختلف المحطات، وحتى اللحظة الراهنة.

التميمي الذي شكر السعودية على دعمها أبناء الإقليم الشرقي، أكد أن المجلس يسعى لتوحيد الجهود في كيان واحد للتصدي لمراكز النفوذ التي تسعى للسيطرة على مقدَّرات هذه المحافظات وسلب قرارها مرة أخرى، موضحاً أنه سيكون مشروعاً سياسياً ومجتمعياً فاعلاً ورافعة للإقليم الواعد، ومصدر إلهام لبقية المحافظات والأقاليم في الجمهورية اليمنية.

التميمي: المجلس يسعى إلى توحيد الجهود في كيان واحد للتصدي لمراكز النفوذ التي تسعى للسيطرة على مقدرات هذه المحافظات

وأشاد بيان صدر عن اللجنة بالمذكرة الصادرة عن أكثر من 230 شخصية سياسية وقبلية واجتماعية وأكاديمية وعسكرية وقيادات نسوية وشبابية من المحافظات الشرقية، التي شددت على ضرورة حضور عادل وندّي في أي تسوية سياسية. وقال التميمي إن المذكرة تعزز من فكرة المشروع، وتجعل هذه الشخصيات أمام مسؤولية كبيرة في تحقيق أهداف نضالات أبناء المحافظات الشرقية.

وأعلنت اللجنة التحضيرية انفتاحها على الجميع وإبقاء باب الحوار والنقاش مفتوحاً مع جميع المكونات والوجاهات والقوى السياسية والقبلية والمجتمعية ورجال الأعمال والمغتربين والقيادات الأكاديمية والشبابية والنسوية لإنجاح المشروع.

ردّ على خطوات "المجلس الانتقالي"؟

وتُعرب مصادر سياسية تحدثت مع "العربي الجديد" عن اعتقادها بأن الإعلان عن تأسيس المجلس الموحَّد لأبناء المحافظات الشرقية، وتقديم هذا الكيان كمؤيد للوحدة اليمنية من خلال الدولة الاتحادية وفق بياناته وأدبياته، يأتي رداً على خطوات "المجلس الانتقالي"، فكلما خطا الأخير خطوة نحو الأمام، خطا القائمون على المجلس الموحد خطى بعده مباشرة، ولا سيما أن إعلان إشهار اللجنة التحضيرية للمجلس الموحد جاء بعد أيام من إعلان "الانتقالي" عن مجلس العموم الذي ضمّ تحت لوائه هيئة رئاسة "المجلس الانتقالي" والقيادة التنفيذية العليا للمجلس والجمعية الوطنية العمومية للمجلس ومجلس مستشاري المجلس.

كلما خطى "الانتقالي" خطوة نحو الأمام، خطى القائمون على المجلس الموحد خطى بعده مباشرة

وما يعزز هذا الطرح وفق نظرة البعض أن المجلس الموحَّد يتبنى فكرة البعد عما يسميه أي نفوذ جنوبي (يعني الانتقالي) وأي نفوذ شمالي (يعني الحوثيين) في الوقت الذي يتمسك فيه بوحدة الأراضي اليمنية، وهو ما يرفضه "الانتقالي". ونشر المجلس الموحَّد قبيل الإعلان عنه بياناً قال إنه لشخصيات سياسية واجتماعية وأكاديمية تمثل "الإقليم الشرقي اليمني"، أكدت فيه هذه الشخصيات ضرورة التمثيل العادل لأبناء المحافظات الشرقية، بما يضمن لهم الشراكة والندية، وبما يتناسب مع مكانة هذه المحافظات الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية ومساحتها الجغرافية، وعدد السكان في الداخل والمهجر وإسهامها في دعم موارد الدولة المختلفة.

وخاطبت هذه الشخصيات في بيانها رئيس مجلس القيادة الرئاسي وأعضاءه، والسعودية وسلطنة عمان، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى اليمن، هانس غروندبرغ بالقول: نتابع باهتمام بالغ نحن أبناء الإقليم الشرقي التطورات في الملف السياسي اليمني والجهود التي تبذلها الأطراف الإقليمية والدولية وجهود الوسطاء من دولتي السعودية وعمان بهدف التوصل إلى حل سياسي شامل ينهي حالة الحرب في اليمن، ويسهم في بناء الدولة اليمنية الاتحادية وبسط نفوذها وحضورها على كامل التراب اليمني، وبما يسهم في إنقاذ اليمنيين من مخاطر الحرب وويلاتها.

وأكدت هذه الشخصيات "أهمية السلام الشامل والعادل والمستدام القائم على احترام إرادة اليمنيين وحقهم في إدارة شؤون بلدهم وفق معايير التشاركية السياسية والمجتمعية الضامنة لنزع فتيل الخلافات مستقبلاً وبناء دولتهم الاتحادية بنظامها الجمهوري التعددي على أسس الشراكة والعدالة والحكم الرشيد". وباركت شخصيات المحافظات الشرقية "كل الجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى وضع حدّ لمأساة اليمنيين من خلال حوارٍ يمني لا يستثني أحداً، ويفضي إلى سلام دائم وفق المرجعيات الثلاث" (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والقرارات الأممية ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 2216).

المساهمون