ناشد محافظ ريف دمشق معتز أبو النصر جمران، وباسم مجلس المحافظة، رئيسه بشار الأسد الذي عينه محافظا، الترشح لرئاسة البلاد لـ7 سنوات جديدة، بعد 3 فترات رئاسية مماثلة، وذلك عبر كتاب شبه رسمي صدر باسم وزارة الإدارة المحلية ومحافظة ريف دمشق، لكنه لم يحمل رقما أو تاريخا أو يمهر بختم رسمي، في حين نشر على صفحة المحافظة على موقع "فيسبوك"، لتأتي هذه المناشدة ضمن مسرحية النظام التي يخرجها حزب "البعث العربي الاشتراكي" والأجهزة الأمنية، لبث دعاية خادعة إلى العالم مفادها أن الشعب يناشد الأسد الترشح.
وحمل كتاب المناشدة، إلى جانب توقيع جمران، توقيع رئيس مجلس المحافظة صالح بكرو، وجاء في الكتاب الموجه إلى الأسد أنه "باسم مجلس محافظة ريف دمشق المنعقد بدورته العادية الثانية لعام 2021، يعاهدون بأن نكون الجنود الأوفياء وراء جيشنا الباسل"، وأضاف "باسم محافظ ريف دمشق وأعضاء مجلس المحافظة نناشدكم الترشح لرئاسة الجمهورية العربية السورية لأنكم الأمل الوحيد لتحقيق الانتصارات".
لم يكن هذا المشهد هو الأول في مسرحية النظام، فقد بدأ عرضها باكرا باجتماع عقده عدد من شيوخ العشائر الموالين للنظام في مدينة حماة، في مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأطلق بعض الموالين للنظام ما أسموه "أطول رسالة حب ووفاء في العالم إلى رجل السلام الأول السيد الرئيس بشار الأسد"، لتجوب تلك الرسالة، التي يبلغ طولها ألفي متر، المناطق بهدف جمع 2.5 مليون توقيع من قبل السوريين، ومن ثمّ تقديمها إلى الأسد في القصر الرئاسي بدمشق. وحازت الرسالة الموافقة من قبل القيادة المركزية لحزب البعث، والتي وجهت الوزارات المختصة لتيسير وتغطية هذا النشاط، فتم فرز سيارة دولة لنقل الرسالة ودورية لحمايتها في كل محافظة تجوبها.
وفي مشهد موازٍ، أقامت ما تسمى بـ"رابطة خريجي العلوم السياسية" مشهداً آخر من مشاهد المسرحية، عبر سلسلة من الندوات، وذلك في مختلف مناطق سيطرة النظام، تحت عنوان "الأسد خيارنا". ولم يوفر النظام حتى الأطفال ليزجهم في مسرحيته الانتخابية، فعقد جلسة لما يسمى "برلمان الطفل" التابع لمنظمة "طلائع البعث"، إحدى منظمات حزب "البعث العربي الاشتراكي" الحاكم والتي تنظم الأطفال من عمر 6 سنوات إلى عمر 12 سنة، في مبنى محافظة دمشق، تحت شعار "أملنا بشار... لنكمل المشوار"، مع أن المشاركين أطفال لا يحق لهم الانتخاب.
لم يوفر النظام حتى الأطفال، ليزجهم في مسرحيته الانتخابية، فعقد جلسة لما يسمى "برلمان الطفل" التابع لمنظمة "طلائع البعث" تحت شعار "أملنا بشار... لنكمل المشوار"
من جهته، أفاد ناشط حقوقي في دمشق طلب عدم ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "النظام يستغل تغوله على الدولة ليوهم السوريين بأنه قوي وباقٍ، وفي الطرف الآخر يحاول خديعة العالم بأن السوريين متمسكون بالأسد، لكن المسرحية تتم بإخراج سيئ"، معتبرا أن "النظام في الوقت الذي يستغل به عدم نص القانون على طرح المواطنين مناشدتهم لأي شخص الترشح، يقع في انتهاك المادة 53 من القانون الناظم للانتخابات في سورية، والتي تنص على أنه (يمنع بأي شكل من الأشكال تسخير أو استخدام الوظيفة العامة أو المال العام في الحملة الانتخابية للمرشح، وألا تدخل في ذلك الأمكنة التي تضعها الدولة ووحدات الإدارة المحلية تحت تصرف المرشحين والأحزاب السياسية)".
ولفت إلى أنه "لم يعلن رئيس مجلس الشعب بعد فتح الباب أمام الترشح لانتخابات الرئاسة، والتي من المتوقع أن تفتح منتصف الشهر الجاري، وبالتالي لا الأسد أو غيره قد ترشح بعد، وهناك فرضية أن يتم تأجيل إجراء الانتخابات في ظل الاستعصاء السوري والفشل في الوصول إلى حل سياسي، ووجود رسائل دولية عديدة تهدد بعدم الاعتراف بالانتخابات والأسد إن حدثت، لأن فوز الأسد بها أمر محسوم، في ظل غياب الانتخابات الحرة والنزيهة والمراقبة الدولية، إضافة إلى وجود دستور جديد يتيح لكثير من السوريين المستبعدين الترشح والمشاركة، ما يحتاج إلى إنجاز حل سياسي للأزمة السورية".
وكان الأسد عيّن جمران في منصب محافظ ريف دمشق بمرسوم رئاسي في 3 ديسمبر/كانون الأول الماضي خلفا للمحافظ علاء إبراهيم الذي تم إعفاؤه من مهامه بمرسوم.