استمع إلى الملخص
- هانتر بايدن يواجه اتهامات بالكذب حول إدمانه المخدرات عند تقديم طلب للحصول على سلاح ناري، مع التحقيق في معرفة والده بالأمر، مؤكداً براءته بعد انهيار صفقة إقرار بالذنب.
- المحاكمة تحمل وزناً سياسياً في ظل توقعات بتجدد المنافسة بين جو بايدن ودونالد ترامب، مع تأكيد البيت الأبيض أن هانتر لن يحصل على عفو رئاسي في حال إدانته، مما يعكس تأثير القضية على الساحة السياسية.
بدأت اليوم الثلاثاء المرافعات الافتتاحية في محكمة بولاية ديلاوير، التي يلاحق بها نجل الرئيس الأميركي جو بايدن، هانتر، منذ سنوات، وذلك في مصادفة تحمل دلالات سياسية، إذ تتزامن محاكمة هانتر بايدن التي تقلّل عائلته من أهميتها، مع محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بقضية دفع رشى لممثلة إباحية، والتي انتهت الأسبوع الماضي، بإيجاد ترامب مداناً، ومذنباً بـ34 تهمة موجهة إليه في هذه القضية، أهمها التلاعب بحسابات شركته المالية.
وبينما من المتوقع أن يتنافس دونالد ترامب وجو بايدن على الرئاسة مجدداً، في انتخابات حامية، مقرّرة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يتوقع أيضاً أن تؤجج فصول محاكمة هانتر بايدن، الهجمات الجمهوري ضدّ والده، علماً أنه لطالما شكّل تعاطي بايدن الابن للمخدرات واتهامه من قبل خصوم والده بالفساد، فرصة لهؤلاء الخصوم السياسيين للتهجم على الرئيس الديمقراطي الذي أكد أمس الإثنين، تزامناً مع افتتاح جلسات محاكمة ابنه، أن ترامب "مجرم ومدان"، وهي المرة الأولى التي يكون فيها الرئيس الديمقراطي مباشَراً في اتهامه لخصمه الجمهوري إلى هذا الحدّ. مع الإشارة أيضاً إلى أنه من المرات النادرة في التاريخ الأميركي التي يحاكم رئيس سابق، مرشح مجدداً للرئاسة، وابن رئيس في السلطة، ما سيُلقي بثقله على مزاج الناخبين الأميركيين، خصوصاً غير المتحمسين لكلا الرجلين.
محاكمة هانتر بايدن في ديلاوير
وتتواصل فصول محاكمة نجل بايدن، هانتر، مع ما تسببه من متاعب للرئيس الثمانيني، إذ تأتي في موسم انتخابي دقيق وحسّاس. واليوم الثلاثاء، بدأت المرافعات الافتتاحية في قضية هانتر بايدن، الذي تنظر محكمة في مسقط رأسه ببلدة ويلمنغتون في ديلاوير، في تهمة حيازته سلاحاً نارياً بطريقة غير قانونية، وذلك بعد يوم من إنجاز عملية اختيار هيئة المحلفين. ولم يحضر الرئيس بايدن الجلسة الافتتاحية الإثنين، والتي حضرتها زوجته جيل، إلى جانب أفراد آخرين من عائلة بايدن. لكن جو بايدن وزوجته، أصدرا بياناً مشتركاً قبيل بدء المحاكمة، أكدا فيه أنهما فخوران بابنهما. وأضاف بايدن: "كرئيس لن أعلّق على إجراء فيدرالي جارٍ، ولكن كأب أكن حباً لا حدود له لابني وأثق به وأحترم قوته".
يتوقع أن تستمر محاكمة هانتر بايدن أسبوعين على أبعد تقدير
علماً أن جو بايدن لطالما عبّر عن عاطفته لعائلته، في مناسبات عدة، مستذكراً ابنه الآخر، بو، الذي توفي بالسرطان في 2015، وابنته ناومي التي توفيت عندما كانت رضيعة بحادث سيارة عام 1972 (مع زوجته السابقة). وبشأن قضية ابنه هانتر، أشار بايدن في بيانه، إلى أن الصعوبات التي واجهها هانتر "ستلقى صدى في أوساط الكثير من الأشخاص"، في إشارة إلى مرحلة تعاطي الأخير للمدخرات، مضيفاً أن "صمود هانتر في مواجهة المحن والقوة التي جلبها إلى تعافيه ملهمة بالنسبة لنا. لدى العديد من العائلات أحباء تجاوزوا الإدمان ويعرف هؤلاء ما نعنيه".
وهانتر بايدن (54 عاماً) متّهم بالكذب بشأن إدمانه المخدرات عند ملئه استمارة للحصول على سلاح ناري في عام 2018. وتخصّ القضية والده أيضاً، لأن التحقيق شمل ما إذا كان بايدن الأب على علم بذلك. والقضية ترتبط بالفترة الطويلة التي قضاها هانتر بايدن، وهو محامٍ خريج جامعة "ييل"، مدمناً على المخدرات. ويواجه هانتر، اتهامات أخرى في كاليفورنيا، لم تبدأ المحاكمة بها بعد، وذلك بالتهرب الضريبي.
قضية المسدس بين الخاص والعام
وفي تفاصيل القضية التي بدأت محاكمة هانتر بايدن بها، فإنّ نجل الرئيس، متهم بإفادته في وثائق قانونية لدى شرائه مسدساً من طراز "كولت كوبرا"، عيار 38 ميلليمتر، في عام 2018، بأنه "لا يستخدم المخدرات بشكل غير قانوني"، ما يعتبره الادعاء كذباً. كما أنه متهم بالحيازة بشكل غير قانوني لسلاح ناري كان بحوزته 11 يوماً في أكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام. ويصّر هانتر بايدن على براءته، وكان توصل في وقت سابق إلى صفقة إقرار بالذنب مع الادعاء، لكنها انهارت، ما أدى إلى المحاكمة. ومن المقرر أن يستعرض المدعون العامون العديد من الأدلة، في خطوة ستكون غير مريحة لعائلة بايدن، وترتبط بالسنوات التي قضاها هانتر مدمناً. واستدعى المدعون ثلاثة من شركاء بايدن الابن، بينهم لوندن روبرتس، والدة أحد أطفاله، للشهادة.
من جهته، يتوقع بأن يشدّد نجل الرئيس الديمقراطي، الذي كتب كثيراً عن مرحلة إدمانه، على أنه لم يكن يعتبر نفسه مدمناً عندما اشترى المسدس، علماً أنه أعلن رسمياً أنه تخلص من الإدمان منذ العام 2019، ولاحقاً اعتبر أن الدعوى المرفوعة ضدّه تدبير من وزارة العدل في عهد ترامب. وفي حال إدانته، يمكن أن يواجه هانتر بايدن 25 عاماً في السجن، رغم أنه من الممكن أن يحصل على عقوبة أقل، على اعتبار أن لا سوابق لديه، حتى أنه قد يكون بإمكانه الإفلات من السجن. وفي كل الأحوال، كان البيت الأبيض قد أكد العام الماضي، أن هانتر بايدن لن يحصل على عفو رئاسي من الرئيس بايدن في حال إدانته.
ولطالما استُهدف هانتر بايدن من قبل ترامب وغيره من الجمهوريين، كما ركّز الإعلام الأميركي المحافظ، وخصوصاً شبكة "فوكس" الإخبارية، على متاعبه القانونية. وتمّ في هذا الإعلام، تسريب صور من فترة إدمانه، كما حقّق حلفاء ترامب بشأنه في الكونغرس الأميركي، بتهم الفساد واستغلال النفوذ، لكن لم توجه أي اتهامات إليه في هذا الصدد. كما أن حياة هانتر بايدن الخاصة المتشابكة وتعاملاته التجارية الخارجية المثيرة للجدل مع الصين وأوكرانيا، شكّلت أساس محاولات الجمهوريين في الكونغرس إطلاق إجراءات عزل بحق الرئيس جو بايدن، لم تفض إلى أي نتيجة. وبالنسبة لحياة نجل الرئيس الخاصة، فإن التركيز كان على علاقته العاطفية بزوجة شقيقه الراحل، هالي، التي استعاد الإعلام قصة قيامها برمي المسدس، محل الشكوى، حين كان هانتر مقيماً ليلته عندها. وهالي قد تُستدعى للشهادة، وكذلك زوجته السابقة كاثلين، التي غادرت العائلة عندما علمت بعلاقة هانتر وهالي.
كان البيت الأبيض قد أكد العام الماضي، أن هانتر بايدن لن يحصل على عفو رئاسي من الرئيس بايدن في حال إدانته
وكانت قضية محاكمة هانتر بايدن محل متابعة أيضاً، أخيراً، بعدما استبعد عدد من الأشخاص عن هيئة المحلفين، لمعرفتهم الشخصية بعائلة بايدن، كما استُبعد آخرون، لأن لديهم مواقف سياسية "سلبية" أو "إيجابية" بشأن عائلة بايدن، بحسب ما ذكر تقرير لوكالة أسوشييتد برس، اليوم الثلاثاء. وفي النهاية، شكّلت هيئة المحلفين أمس، من ستة رجال وست نساء، بالإضافة إلى أربع نساء بصفة "أعضاء بدلاء". واختيرت هيئة المحلفين من بين 65 شخصاً تمّ ترشيح أسمائهم، ولم تنشر أسماء أعضاء الهيئة للعلن. ومن بينهم سيدّة أدينت شقيقتها بـ10 سنوات سجن، لتزوير بطاقة ائتمان وإدمان مخدرات. وستتعلق الكثير من الأسئلة حول إدمان هانتر، وحيازة السلاح. أما القضية الثانية المرفوعة ضدّه في كاليفورنيا، فتتعلق بتهم تهرب ضريبي، تقدر بـ1.4 مليون دولار، ويفترض أن تبدأ المحاكمة بها في سبتمبر/أيلول المقبل.
ويتداخل العام بالسياسي في قضية محاكمة هانتر بايدن التي بدأت الإثنين، لاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، التي ستجمع مجدداً جو بايدن ودونالد ترامب. وفي الأساس، وقبل فتح قضية هانتر بايدن المتعلقة بحمل السلاح غير القانوني، لطالما صوّب ترامب، على عائلة بايدن، متهماً إياها بأنها عائلة "فاسدة"، وقد كثّف هجومه منذ أن خرجت أخبار في عام 2019 أن بايدن يستعد للترشح للرئاسة.
لكن في كل الأحوال، فإن استراتيجية ترامب، منذ أن تمّت ملاحقته بقضية التدخل الروسي في حملة الانتخابات الرئاسية عام 2016، والتي فاز فيها، وحتى قبل ذلك خلال حملته في ذلك العام التي نافس فيها وزيرة الخارجية الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون، طالب بملاحقة الأخيرة، بسبب قضية بريدها الإلكتروني (استخدمت بريدها الشخصي لمراسلات رسمية)، لكن ذلك لم يحصل.
ويتهم ترامب في العموم، الديمقراطيين أو ما يسميها "الدولة العميقة"، بمطاردته قانونياً، أو ما يسميه كذلك "مطاردة الساحرات"، حيث إن حملاته الانتخابية تقوم بشكل أساسي، على التهويل من "الفساد" الذي يقول إنه يهمين على واشنطن، وحيث يدعي أن المؤامرات تحاك ضّده، لإعدامه سياسياً. وستشكل قضية هانتر بايدن، فصلاً من فصول هذا الصراع المحتدم، الذي تدخل فيها القضايا القانونية ومحاولات العزل في الكونغرس، من الباب العريض، وكلّها تشكل "مرة أولى" في التاريخ الأميركي، إذا ما استثنيت مرحلتا "ووترغيت" ومحاولة عزل الرئيس الأسبق بيل كلينتون.