أكد محامون تونسيون، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ "معنويات المعتقلين السياسيين فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة لا تزال مرتفعة، وهم صامدون رغم ظروف السجن، ورغم حرمانهم من حرياتهم وأبسط حقوقهم".
وأضاف المحامون أنّ جزءاً من المعتقلين "يخوض إضراباً عن الطعام، وهناك من يعاني من متاعب صحية بحكم السن والأمراض المزمنة".
وفي الوقت الذي قرر فيه راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المنحل بقرار من الرئيس قيس سعيّد ضمن خطوات وصفت بـ"الانقلابية"، مقاطعة التحقيقات والهيئات القضائية رفضاً لما اعتبره "سياسة التنكيل وطول ساعات التحقيق"، فإنّ آخرين توجهوا للتحقيق على أمل ظهور الحقيقة.
وقال عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين المحامي مختار الجماعي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّهم "بصدد البدء في زيارة مندوبيهم يومياً تقريباً"، مضيفاً: "ظروف الإقامة سيئة، ليس بالنسبة للسياسيين فقط، بل حتى للموقوفين في قضايا حق عام، وذلك بسبب وضعية السجون التونسية عموماً، ونقص الرصيد البشري فيها"، مؤكداً أنّه "رغم الظروف، فإنّ المعنويات مرتفعة، والسجناء معتقلون سياسيون، وهم يعتبرون أنّ النظام الحاكم وظّف القضاء لتصفية خصومه".
وقال الجماعي إنّهم "يأملون بعودة الديمقراطية وإطلاق سراح المعتقلين لممارسة حياتهم السياسية العادية ودورهم في المعارضة"، مبيناً أنّهم "يعتبرون أنّهم اعتقلوا من أجل آرائهم"، مشيراً إلى أنّ "البعض لا يزال يثق في القضاء الوطني رغم ما شاب محاكمتهم من إختلالات، فيما البعض الآخر، وبسبب هذه الإختلالات، لجأ إلى القضاء الدولي، حيث توجهت بعض عائلات المعتقلين السياسيين إلى محكمة حقوق الإنسان الأفريقية".
ولفت المحامي ذاته إلى أنّ "هناك من تعب صحياً بحكم عدم تعوّده على حياة السجن، وهناك من هو في سن متقدمة، كالقيادي في النهضة الحبيب اللوز، ورئيس الحركة راشد الغنوشي"، مبيناً أنّ "مستوى الخدمات الصحية في السجون ضعيف"، مشيراً إلى أنّه "لا يجب أنّ ننسى أنّ هناك سياسية مسجونة، والسجن ثقيل عليها مهما كانت الظروف، ونقصد هنا عضو جبهة الخلاص الوطني شيماء عيسى، المرأة الوحيدة في هذا الملف".
وأفاد أنّهم "يقومون بواجباتهم القانونية والإجرائية ويتابعون القضية، ولا يتوانون في تقديم مطالب الإفراج أو الطعن في بعض القرارات، ويتابعون سير الأعمال التحضيرية في انتظار عرض المعتقلين على المحاكمة".
وقال عضو هيئة الدفاع عن الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، المحامي يوسف الباجي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّه "بصدد لقاء موكله أسبوعياً، وأنه عندما يحاول رفع معنوياته ومنحه الأمل يجد أنّ الشابي هو الذي يبعث له بشحنات إيجابية"، مؤكداً أنّ "ظروف الإقامة مقبولة، والشابي يُعامل باحترام"، مستدركاً: "هذا لا يعني عدم وجود بعض التضييقات، خاصة في الكتب التي ترسل لمندوبه، إذ عادةً ما يتم الاستشارة حولها في الإدارة العامة بتونس العاصمة للإطلاع عليها وإبداء الرأي حولها".
ولفت المتحدث إلى أنّ "الثقة في العدالة مهتزة قليلاً بالنسبة للمساجين بسبب الإجراءات التي حصلت، ولأنه لا جديد في الملف بعد أشهر، حيث لا تزال مجرد شبهات، ولا أدلة قاطعة تدين عصام الشابي في شيء".
وبين المحامي أنّه "مضى أكثر من ثلاثة أشهر على سجن الشابي وبقية المعتقلين، لكن المسجون لا يملك سوى الأمل في مغادرة السجن، والثقة في النفس وفي التونسيين المدافعين عن المسار الديمقراطي"، مشيراّ إلى أنّ "الشابي مسجون من أجل رأي، وقضيته سياسية، وهو يؤمن بأن التونسيين أحرار في أفكارهم وتصوراتهم واختياراتهم، والدفاع عن ذلك وعن الشعب التونسي شرف كبير".
إلى ذلك، قال عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين المحامي كريم المرزوقي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "فريق الدفاع بصدد تنسيق الزيارات يشكل يومي مع المعتقلين لضمان التواصل الدائم معهم"، مبيناً أنّ "الإيجابي في الأمر أنّ معنوياتهم جميعاً مرتفعة، لأنهم معتقلون سياسيون وقد دخلوا السجن ليس لارتكابهم جريمة أو لأفعال مجرمة، بل لممارستهم حرياتهم كمعارضين من أجل حرية الرأي والتعبير".
ولفت المرزوقي إلى أنّه "فيما يتعلق بمسار العدالة، فهم يعلمون، وهيئة الدفاع أيضاً صرحت بذلك، أنّ هذه المحاكمات سياسية، والملف أثارته السلطة السياسية، وخاصة بعد تصريحات رئيس الجمهورية الذي تدخل مباشرة في سير الملف، وقد تحدث عن المعتقلين كونهم إرهابيين، وهدّد بأنّ من يبرئهم فهو شريك لهم، وبالتالي جلّ ضمانات المحاكمة العادلة غير متوفرة، والقاضي المتعهد بالملف حسب تقديرهم ينفذ تعليمات السلطة السياسية".
وتابع: "رغم كون المحاكمات سياسية، لكن الرهان هو في خوضها بالطرق القانونية والقضائية المتوفرة، وهو ما يعمل عليه فريق الدفاع"، مؤكداً أنهم سبق وتقدموا بمطلب إفراج في شهر مارس/ آذار الماضي، وتم رفضه من قبل قاضي التحقيق، وكان ذلك "متوقعا لأنه في النهاية لا يملك قراراً".
وأوضح المحامي أنّهم تقدموا أيضاً بمطلب لكشف محجوبي الهوية في هذا الملف، وتم رفض ذلك، مشيراً إلى أنّ "آخر التطورات هي تصريح لمحامي الشاكي الذي جاء فيه أنّ موكله لم يقدم شهادة، بل قدم شكاية ضد عدد من الشخصيات، ما يبيّن أنّ هناك فبركة للملف ومحاولة لتلفيق التهم"، مبيناً أنّهم "تقدموا بمطلب لسماع محجوبي الهوية ورجل الأعمال المذكور في الملف، كما أنهم تقدموا بشكاية ضد وزيرة العدل لشبهات تدليس، حيث وجدت تواريخ متضاربة وتشطيب لبعض الأرقام".
وأفاد بأنّ "الجانب الصحي للبعض أثير في البداية، لأن هناك معتقلين لديهم ظروف خاصة، وتم الضغط للعلاج وتوفير الحد الأدنى من المستلزمات الصحية، وقد استجابت إدارة السجن لذلك، وحالياً لا توجد إشكاليات في هذا الصدد، حيث يتم تمكينهم من الأدوية والعلاج".
وأكد المرزوقي أنّ "هناك مسائل أخرى تقلق المعتقلين لم يتم حلها بعد، ككاميرا المراقبة داخل الغرف التي تنتهك الخصوصيات والحرمة الجسدية لديهم، وموضوع سيارات النقل التي هي في الأصل مخصصة لكبار الإرهابيين ولا تضم الحد الأدنى من النقل الآمن"، مؤكداً أنّه "رغم حصول العائلات على إذن قضائي للقاء المعتقلين مباشرة دون حاجز بلوري، إلا أنّ إدارة السجن رفضت تنفيذ هذا الإذن القضائي دون مبرر جدي" .
وقال المحامي صابر العبيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "المساجين سياسيون، والملفات فارغة، وبالتالي لدينا ثقة في الموقوفين وفي العدالة وفي المحامين وفي قضيتهم وعائلاتهم المساندة لهم"، موضحاً أنّ "هذه المسائل ترفع المعنويات وتجعلهم صامدين".
وبين المتحدث أنّ "عائلات المعتقلين السياسيين هي التي تعاني لزيارتهم. ففي ظل حملات الاستهداف والتشويه التي لم تقتصر على المساجين، بل طاولت عائلاتهم، فإن الأمر مقلق".
وقالت عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين المحامية منية بوعلي إنّ "معنويات أغلب المعتقلين مرتفعة"، مبينةً في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّها "تنوب تقريباً عن أغلب هؤلاء، وهم صامدون"، مضيفةً أنّ "الشيخ راشد الغنوشي بخير ومعنوياته كبيرة". ولفتت إلى أنّ "البعض الآخر من المساجين يخوض إضراب جوع، كالقيادي في حركة النّهضة الصحبي عتيق"، مؤكدةً أنّ "ما تعرض له وما حصل معه في هذا الملف بالذات غريب جداً".