- العروسي زقير يؤكد أن الإضراب جاء للفت الانتباه إلى الصعوبات التي تواجه المحاماة في تونس، مشيرًا إلى عدم استجابة الجهات المعنية ووجود محامين مسجونين وملاحقين قضائيًا.
- حوالي 300 محام محالون على المحاكم في 2023، مع تطبيق إجراءات قانونية مخالفة مثل تحجير السفر، ورفض الإفراج عن المتهمين في قضايا التآمر على أمن الدولة، ما يعكس محاولات لضرب العدالة واستقلالية القضاء.
شهدت تونس، الخميس، يوم غضب وإضراب، طالب خلاله محامون تونسيون بضرورة وقف إحالة المحامين على المحاكم، واستهداف هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، والتنكيل بالمحامين المعارضين السلطةَ، أو لمجرد تعبيرهم عن رأيهم ودفاعهم عن الحريات.
وأكد محامون تونسيون، في وقفة احتجاجية ويوم غضب بالمحكمة الابتدائية في تونس، أن المحاماة التونسية "ستواصل النضال والدفاع عن الحريات والحقوق وتحقيق جملة من المطالب، مثل تحسين ظروف العمل بالمحاكم، ووقف التتبعات ضد المحامين، وإلا فإن التصعيد وارد".
وقال رئيس الفرع الجهوي للمحامين في تونس، العروسي زقير، في كلمة له، إن "قرار الإضراب اليوم (جرت الدعوة اليوم إلى إضراب حضوري من جانب الفرع الجهوي للمحامين) لم يكن اعتباطياً، بل هو محاولة للفت الأنظار في ظل ما تعيشه المحاماة من صعوبات"، لافتاً إلى أنه "لا بد من تحسين المرفق القضائي، الذي يعيش اليوم أسوأ حالاته".
وبين أنهم "عقدوا اجتماعات عدة للحديث عن الصعوبات التي يتعرّض لها المحامون، ولكن لا استجابة من الجهات المعنية، وعدد من المحامين اليوم في السجن، وآخرون ملاحقون، كما أن ملف التآمر على أمن الدولة خضع إلى خرق واضح للإجراءات".
وأوضح المحامي التونسي أنه "في ملف التآمر، فإن الإيقاف يجري لمدة 14 شهراً على أقصى تقدير، ولكن جرى خرق مدة الاحتفاظ وعدم احترام القانون". وأوضح أنه "لم يجري الإفراج الوجوبي عن المعتقلين، والقانون لم يعد يُحترم، وهناك إجراءات عدة وقراءات جديدة في القضايا لم يسبق اللجوء إليها"، مضيفاً أن المحامين في هيئة الدّفاع عن المعتقلين السّياسيين "يتعرضون إلى تضييقات، وممنوعون من زيارة مندوبيهم بأساليب جديدة، حيث لا يجري تمكينهم من حقهم في الزيارة إلا بايداع طلب". وتابع أن "مثل هذه الملفات هي من الحجم الثقيل، وقد تكون الأحكام فيها كبيرة، نظراً للتهم الموجهة للمعتقلين؛ وبالتالي عمل المحامي مهم".
وأكد زقير أن "هناك نحو 300 محام محال على المحاكم خلال سنة 2023، وهناك إجراءات تطبق عليهم في خرق واضح للقانون، إلى جانب تحجير السفر على عدد من المحامين في قضايا بسيطة لا تتطلب المنع أو التتبع".
محامون تونسيون يشهدون "خروقات غير مسبوقة"
وأضاف زقير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "يوم الغضب والوقفة التي نفذها المحامون اليوم لها أسباب متعددة، أهمها أن مرفق العدالة لا يمكنه أن يواصل عمله بهذه الطريقة، ولا بد من إدخال تحسينات"، مؤكداً أن "الخروقات الحاصلة في قضية التآمر لم يسبق لهم كمحامين رؤيتها في أي قضية لا قبل الثورة ولا بعدها"، مبيناً أن "صوت المحاماة أساسي، وسيبقى عالياً دفاعاً عن الحقوق والحريات".
زقير: الوقفة التي نفذها المحامون اليوم لها أسباب متعددة
من جانبها، قالت المحامية سامية عبو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "وضع القضاء سريالي وغير منطقي، والغريب هو التدخل في السلطة القضائية وما يحصل من خروقات من قبل السلطة التنفيذية ومن قبل أستاذ قانون دستوري درّس الفصل بين السلطات وضمان الحريات؛ فكيف لمن درّس هذه المبادئ أن يتدخل في السلطة القضائية، وبمثل هذا الشكل المفضوح؟".
وأضافت عبو أنه "جرى الدخول في منعرج خطير، والذي انطلق بالتضييق على الحريات وعلى الإعلاميين والنشطاء والسياسيين والمحامين"، لافتة إلى أنّ "ما يحصل اليوم هو نتاج لضرب المؤسسات وعدم الفصل بين السلطات، وللأسف، الوضع في تصاعد، خاصة مع ضرب استقلالية السلطة القضائية".
وفي السياق أيضاً، أكدت المحامية سعيدة العكرمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "يجري التنكيل بالمحامين، ويؤمل أن يسمع صوتهم وتُرفع الإشكاليات، خاصة بعد وقفة اليوم، لتسهيل عمل المحامين". وحول وضع زوجها السجين نور الدين البحيري، أوضحت أنه "بعد مرور عام وشهرين على اعتقاله، على خلفية تدوينة ثبت أنها غير موجودة، وبعد أن صدرت ضده بطاقتا إيداع بالسجن، فإنه وحتى اليوم يعاني مخلفات هذا القرار الظالم".
استهداف المحاماة التونسية: لضرب العدالة
بدوره، يرى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بسام الطريفي أن "مشاركتهم في الوقفة وفي الإضراب الذي دعا إليه الفرع الجهوي للمحامين بتونس تأتي في إطار المساندة ولإطلاق صافرة إنذار نظراً لما وصل إليه وضع المحامي بتونس ومرفق العدالة عموماً".
وأضاف الطريفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك شغورات عدة في المحاكم؛ في الكتبة وفي القضاة، إلى جانب عدم احترام الإجراءات، وعدم تطبيق القانون". وتابع المتحدث أن "التردي الذي وصل إليه مرفق القضاء اليوم يجعل العدالة مفقودة، كما أن عدم تطبيق القانون في قضية الموقوفين في قضية التآمر، وبعد تجاوزهم مدة الاحتفاظ القصوى، يدفعهم كرابطة إلى التضامن معهم، واعتبارهم في حالة احتجاز، كما أنهم متضامنون مع عميد المحامين السابق شوقي الطبيب، الذي يخوض إضراباً عن الطعام ويعتصم بعد قرار منعه من السفر".
وأضاف أن" تواتر إحالات المحامين على المحاكم من أجل مخالفات بسيطة أو لملفات غير مؤيدة تفتقر الى أبسط الشروط، يهدف إلى محاولة ضرب العدالة، ومنع المحامين من الدفاع عن الحقوق والحريات".
رفض الإفراج عن المتهمين في قضية التآمر على أمن الدولة
إلى ذلك، قررت دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف في تونس، الخميس، إحالة المتهمين في قضية التآمر على أمن الدولة على أنظار الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، بحسب تأكيد عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين، المحامية منية بوعلي لـ"العربي الجديد".
وأوضحت بوعلي أنه "جرى أيضاً رفض مطلب الإفراج الوجوبي، ما يعني الإبقاء على المعتقلين في حالة إيقاف، وهذا القرار يعني المرور إلى المحاكمة أمام الدائرة الجنائية للإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس".
وقالت هيئة الدّفاع، في بيان لها اليوم، إنّ المعتقل المحتجز قسريّاً جوهر بن مبارك يمثل غداً الجمعة أمام الدّائرة الجناحيّة بمحكمة الاستئناف بتونس، للنّظر في الطّعن في الحكم الصّادر عن الدّائرة الجناحيّة السّادسة مكرّر بالمحكمة الابتدائية بتونس، بسجنه لمدة 6 أشهر، في القضيّة المرفوعة على أساس المرسوم 54، وإثر شكاية كان قد قدّمها رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات فاروق بوعسكر بداية العام الماضي، بشأن تصريح إعلامي سابق لجوهر بن مبارك حول موقفه الرّافض للانتخابات التشريعيّة الأخيرة.
وبيّنت الهيئة أن جوهر بن مبارك يواصل خوضه إضراباً وحشيّاً عن الطعام، احتجاجاً على مواصلة احتجازه القسريّ، ورفض الإفراج الوجوبي عنه برفقة بقيّة المعتقلين في قضية "التآمر"، وذلك بعد استنفاد المدّة القصوى للإيقاف التّحفظي.
وتحتل تهمة التآمر على أمن الدولة صدارة القضايا والملاحقات التي طاولت رموز المعارضة والنشطاء السياسيين في تونس، ليبلغ عدد المعتقلين والمطلوبين العشرات، بعد أن تحولت إلى سلاح خطير يتربص بالمعارضين.