محاولات إنعاش الائتلاف الوطني السوري: حظوظ النجاح متواضعة

05 يناير 2022
فقد الائتلاف ثقة الشارع السوري المعارض (محمد سعيد/الأناضول)
+ الخط -

يحاول الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إدخال تعديلات على نظامه الأساسي، في محاولة جديدة لتحسين موقعه في المعادلة السياسية، في ظل تحركات طفت على السطح من أجنحة سياسية معارضة لتشكيل منصات جديدة، وهو ما يشكل تحدياً للائتلاف الساعي لاستعادة ثقة الشارع السوري المعارض.

وأكد رئيس الائتلاف سالم المسلط، في تصريحات صحافية، أول من أمس الإثنين، وجود تحرك داخل هذا الائتلاف بهدف إنعاشه وتطوير أدائه، بعد نحو عشر سنوات من تشكيله.

وأشار إلى أن الائتلاف يسعى لإصلاح علاقاته مع المجتمع الدولي وخصوصاً المحيط العربي، ومع "الحاضنة الشعبية" في الداخل السوري، لافتاً إلى أن الائتلاف ماضٍ في إعادة تشكيل لجنة العضوية وإعطائها الصلاحيات الكافية للنظر بطلبات العضوية المقدمة في السابق، وقرارات الاستبدال المقدمة من مكونات الائتلاف.


تعديل نظام الائتلاف

وأوضح المسلط، الذي تولى رئاسة الائتلاف في منتصف العام الماضي، أنه شُكّلت "لجنة تحضيرية من أعضاء الائتلاف كي تعمل على تنظيم لقاءات تشاورية مع المكونات السياسية والاجتماعية السورية التي تمثل شرائح متعددة من السوريين الموجودين في المناطق المحررة في مناطق شرق وشمال حلب، ورأس العين، شمال الحسكة".

وكان الائتلاف قد أكد في اليوم الأخير من العام الماضي، نيّته "إطلاق المؤتمر الموسع في المناطق المحررة، والذي ستشارك فيه أطياف واسعة من المكونات والفعاليات الثورية والمدنية".

وأكد أمين سر اللجنة السياسية في الائتلاف الوطني السوري عبد المجيد بركات، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "المداولات لتعديل نظام الائتلاف جارية"، مشيراً إلى أن هذه التعديلات "ستطرح على اللجنة السياسية الخميس المقبل، وأن عملية الإصلاح تحتاج بعض الوقت".


جرت خلال السنوات الماضية محاولات عدة لإصلاح الائتلاف

وكان الائتلاف قد أُسس في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 في العاصمة القطرية الدوحة في ذروة الحراك الثوري في سورية، ليكون الممثل الشرعي والوحيد للثورة السورية، ونال اعترافاً وترحيباً إقليمياً ودولياً، ولكنه مع مرور السنوات فقد الكثير من بريقه السياسي.

وجرت خلال السنوات الماضية محاولات للإصلاح، وتم ضم مكونات جديدة إليه، منها "رابطة الأكراد المستقلين"، في محاولة لتوسيع دائرة التمثيل الكردي، إضافة إلى "مجلس القبائل والعشائر السورية"، والذي تأسس أواخر عام 2018 في مدينة اعزاز في ريف حلب الشمالي.

كما عيّن الائتلاف دبلوماسيين منشقين عن النظام ممثلين عنه في دول الاتحاد الأوروبي، وضم شخصيات من الأقليات المذهبية في سورية.

ووفق دراسة لمركز "جسور" للدراسات صدرت حديثاً، يتكوّن الائتلاف من عدة مكونات سياسية، هي: حركة الإخوان المسلمين، ولها ثلاثة ممثلين، والمجلس الوطني الكردي وله 11 ممثلاً، والمجلس الوطني التركماني وله سبعة ممثلين، والمجالس المحلية ممثلة بتسعة أعضاء.

ويضم الائتلاف أيضاً مجلس القبائل والعشائر وله ستة أعضاء، والحراك الثوري بخمسة أعضاء، والتيار الوطني وله ممثلان، وكذلك حركة العمل الوطني بممثلين اثنين، وتيار المستقبل بنفس المستوى من التمثيل، إضافة إلى "رابطة الأكراد" المستقلين، والتجمع الوطني، ورابطة العلماء، والكتلة الوطنية، والمنظمة الآثورية، وكل هذه المكونات لها ممثل واحد في الائتلاف.

وتعد كتلة المستقلين هي الأكبر في الائتلاف، ولها 18 ممثلاً، تليها الكتلة العسكرية ولها 15 ممثلاً.

ولا ينظر الشارع السوري المعارض بعين الرضا إلى الائتلاف الوطني بسبب ترهل أدائه السياسي، خصوصاً خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من أن الائتلاف ما زال متمسكاً حتى اللحظة بالثوابت الثورية، وفي مقدمتها عدم الاعتراف بالنظام الحالي، ورفض أي دور لبشار الأسد وأركان حكمه في مستقبل سورية.

وبقيت شخصيات عدة في واجهة الائتلاف منذ تأسيسه قبل نحو عشر سنوات، وهو ما أفقد الائتلاف الدينامية السياسية، ولم يؤسس لعمل سياسي منظم يقوم على التغيير المتواصل للاستفادة من كل الطاقات.

وغادرت الائتلاف العديد من الشخصيات صاحبة الخبرة السياسية والتاريخ النضالي ضد النظام السوري بسبب فقدان الأمل بتجديد الأداء ليرقى إلى مستوى التحديات التي تواجه القضية السورية والتي تهدد بتمييع هذه القضية وإفراغها من مضمونها.

ولم يؤدِ الائتلاف الدور المرجو منه، تحديداً لجهة ضبط البنادق، إذ لا تزال فصائل المعارضة غير خاضعة على الإطلاق للقرار السياسي، وهو ما أدى إلى فوضى السلاح في المناطق الخاضعة لها في الشمال السوري.

وتتزامن محاولات الإصلاح هذه مع أكثر من حراك في أجنحة المعارضة المختلفة، ويقود رئيس الوزراء السوري الأسبق رياض حجاب، الذي انشق عن النظام في 2012، حراكاً لعقد "ندوة" في فبراير/ شباط المقبل، من المقرر دعوة العديد من الشخصيات السورية المعارضة من مختلف التيارات للمشاركة في جلساتها التي ستعقد في الدوحة.

وربما تتمخض هذه الندوة عن منصة سياسية جديدة يكون لها دور بارز في المشهد السوري المعارض.


يقود رياض حجاب مساراً قد يتكلل بعقد ندوة الشهر المقبل

وفي السياق، قطع "مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، الواجهة السياسية لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، أشواطاً في طريق الدعوة إلى مؤتمر "القوى والشخصيات الديمقراطية" السورية، المقرر عقده في العام الحالي.

وتفرض هذه التحركات على الائتلاف الوطني السوري تحديات سياسية جديدة قد تُفقده أهميته السياسية وكونه العنوان السياسي الأهم لقوى الثورة والمعارضة السورية.

فشل الائتلاف في أداء الدورين الخدمي والقانوني

ورأى الباحث السياسي في مركز "الحوار السوري" أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الائتلاف كانت له عدة أدوار مناطة به، منها دور سياسي وآخر قانوني، ودور خدمي"، معرباً عن اعتقاده بأن الائتلاف "لم يستطع أداء الدورين الخدمي والقانوني".

وتابع: "كان الائتلاف انعكاساً للتوازنات الدولية في الملف السياسي، وهذا لا يعفيه من الفشل في تمثيل قوى الثورة والمعارضة بالشكل الأفضل".

ولفت إلى أن دور الائتلاف في التمثيل السياسي لقوى الثورة والمعارضة ضعيف وهامشي محصور في هيئة التفاوض.

وحول محاولات الإصلاح، أشار القربي إلى أن "الدور الأكبر في هذا الأمر إقليمي ودولي"، مضيفاً أن "مسألة المحاصصة بين المكونات داخل الائتلاف يمكن تحقيق نجاح فيها على مستوى التمثيل واستيعاب مكونات جديدة".

واستبعد القربي انعكاس ذلك على أداء الائتلاف السياسي، معتبراً أن "القوى الإقليمية والدولية هي اللاعبة في المعادلة السورية، والأمر غير مرتبط بإصلاح الائتلاف من عدمه. وليس هناك دفع إقليمي أو دولي لإصلاح الائتلاف".

ورأى أن "هناك بيئة إقليمية مواتية يجب على الائتلاف أن يستغلها لتحسين موقعه، خصوصاً لجهة وجود تقارب تركي خليجي، وتركي مصري".