استمع إلى الملخص
- الأوساط الصهيونية استغلت الحادث لتضخيمه وربطه بالسفارة الإسرائيلية، رغم أن الانفجارات عادة ما تكون نتيجة صراعات عصابات.
- الحادث يأتي في سياق حملة لتشويه الفعاليات المتضامنة مع فلسطين، وسط تزايد الدعم الشعبي الدنماركي للقضية الفلسطينية، خاصة بين الأجيال الشابة.
قبل أن تحدد الشرطة الدنماركية طبيعة انفجارين وقعا، فجر اليوم الأربعاء، بمنطقة سفارات أجنبية في كوبنهاغن، بينها التركية والإيرانية والتايلاندية، إلى جانب الإسرائيلية، حاولت الأوساط الصهيونية اللعب على وتر "الصدمة" مما جرى. وعادة ما تشهد كوبنهاغن مثل هذه الحوادث في سياق احتراب مجموعات من العصابات لا شأن لها بما حاولت بسرعة سفارة الاحتلال ومؤيدوها إشاعته واستغلاله لربطه وتوظيفه للتأثير سلباً في ثبات توسع الحركة المتضامنة مع فلسطين.
ووفق ما أوردته وكالة فرانس برس، قال المسؤول في شرطة كوبنهاغن، ينس يسبورسن، خلال مؤتمر صحافي "وقع انفجاران في الساعة 03,20 صباحاً عند السفارة الإسرائيلية. تقديرنا الأولي أن الانفجارين ناجمان عن قنبلتين يدويتين"، مضيفاً أن ثلاثة شبان سويديين اعتقلوا في إطار التحقيق.
وكانت الشرطة الدنماركية، قد فرضت منذ الدقائق الأولى لصباح اليوم الأربعاء طوقاً أمنياً حول عموم منطقة السفارات في هيلروب. ومنذ بداية تناول الخبر كانت الصحف والتلفزة الدنماركية تتحدث عن انفجارين في "شارع الشاطئ"، بعيدا عن السفارة الإسرائيلية، قام بعض مؤيدي دولة الاحتلال الإسرائيلي بتضخيم الأمر لجعله يبدو وكأنه استهداف للسفارة، دون الإشارة إلى السفارات الأخرى، رغم نشر هيئة البث العام خريطة توضح المسافة بين السفارة والانفجارين. يذكر أن حوادث مختلفة تعرضت لها سفارتا تركيا وإيران في ذات المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية.
خبر الانفجارين، الذي يبدو في الأيام العادية أمرا عاديا ومتعلقا أحيانا بتفجير عبوة مصنوعة من مفرقات تستخدم في الأعياد في سياق تنافس العصابات على أسواق المخدرات، وصل إلى مستوى توسيع دائرته ليس فقط نحو السفارة، البعيدة نسبيا عن موقع الحادث، والتي عبرت عما سمته "صدمة من الانفجارات" وكأنها أكثر من مجرد تفجيرين عاديين، وبأنها "تثق في الأمن الدنماركي وإجراء مزيد من التحقيقات"، بل وصولا إلى تناقل الصحف المحلية تباعا عن الجمعية اليهودية الدنماركية أنها تغلق اليوم المدرسة اليهودية الخاصة (مدرسة كارولينسكولين في هيليروب).
الاستغلال السريع لما جرى يأتي بالتزامن مع حملة كبيرة يقودها أنصار الحركة الصهيونية الدنماركية لتشويه الفعاليات الدنماركية المتضامنة مع فلسطين، وخاصة لجهة ملاحقة بعض أبرز ناشطيها بحجة "معاداة السامية" و"دعم والترويج للإرهاب"، وبعضهم جرى توقيفه عن العمل.
وتشعر الأوساط المؤيدة لإسرائيل بنوع من الإحباط بسبب فقدانها السيطرة على السردية الأحادية "فالتغيير الذي يطرأ على مستوى الرأي العام يتعلق بأجيال شابة دنماركية يصعب ترهيبها"، بحسب ما يذكر لـ"العربي الجديد" الناشط البارز في الحركة التضامنية الدنماركية مصطفى المحمود. وعلى مدار نحو عام كامل لم تتوقف الأعمال التضامنية مع قطاع غزة وفلسطين عموما. ويلاحظ القائمون على الحركة التضامنية توسعا متزايدا مع الوقت في صفوف من "كسبتهم القضية الفلسطينية، على وقع المجازر وآلة الحرب التي حفرت عميقا في وعي الجيل الشاب، بمن فيهم هذا الجيل الفلسطيني الجديد، الذي يعرف كيف يدير معركة الرأي العام"، وفقا لما يقول المحمد. وفي نفس الاتجاه، يؤكد لـ"العربي الجديد" الباحث والكاتب الدنماركي جون غراوسغورد أن "جهودا كبيرة تبذل لترهيب حتى أحزاب اليسار، تحت سقف تهم بمعاداة السامية، لوقف خسائر الحركة الصهيونية للسردية بين أجيال قادة الدنماركيين المستقبليين".