في خطوة وصفت بأنها ستصب الزيت على النار، قررت محكمة إسرائيلية مساء يوم الأحد، جواز السماح للمستوطنين بترديد صلواتهم الدينية وطقوسهم الخاصة بشكل علني في باحات المسجد الأقصى، كما سمحت لهم بالاستلقاء أرضاً داخل ساحات المسجد خلال تلك الاقتحامات.
وفي تعليقه على هذا القرار، حذر الشيخ ناجح بكيرات نائب مدير عام أوقاف القدس، في حديث لـ"العربي الجديد"، من خطورة هذا القرار الذي سيقود إلى مزيد من التصعيد والمواجهة.
وقال بكيرات: "الاحتلال في انتهاكاته للأقصى يتدرج وبتدحرج مثل كرة الثلج، ونحن نلحظ منذ العام 1967 ولغاية اليوم، أن هناك خطة ممنهجة لهذه الاقتحامات تزداد كماً ونوعا وتفصيلاً؛ بمعنى أن هذه الاقتحامات بدأت بشكل مبسط مستغلة وقت السياحة، ثم تطورت إلى اقتحامات عسكرية ومجازر، وتطورت بعد اقتحام رئيس وزراء الاحتلال الأسبق أرئيل شارون إلى اقتحامات سياسية".
وتابع بكيرات: "واليوم وصلت إلى اقتحامات دينية جندت لها معظم أذرع دولة الاحتلال القانونية والسياسية والعسكرية والمخابراتية، ثم جندت حتى وصلت إلى الذراع الأثري وغير ذلك، وبالتالي نحن نشعر بأن المسجد الأقصى يمر في مرحلة خطيرة جداً إذا ما تم تنفيذ القرار الجديد ما سيؤدي في النهاية إلى أن يكون هناك حق لليهود في المسجد الأقصى، ليس زماناً وإنما مكاناً، أي أن تصبح هناك صلوات لليهود فيه وإدخال الرموز الدينية اليهودية إليه".
ويعتقد بكيرات أن مثل هذه القرارات ستزيد وضع البنزين على النار، وقال بكيرات: "إذا سمحت المحكمة الاحتلالية فعلاً بهذا القرار، فأتوقع أن تذهب الأمور إلى مزيد من الصدام والمواجهة ومزيد من الانتهاكات، وتتحمل الحكومة الإسرائيلية كل ما سيجري باتجاه هذه القرارات التي نرفضها بشدة ونرفض كل ما يتبعها، سواء كانت صلوات صامتة أو على الأرض".
الرئاسة الفلسطينية تحذر من إقامة "مسيرة الأعلام" في القدس
من جانب آخر، حذرت الرئاسة الفلسطينية في بيان صحافي، مساء يوم الأحد، من السماح بإقامة ما تسمى "مسيرة الأعلام" الاستفزازية في القدس المحتلة، في الـ29 من شهر مايو/ أيار الجاري، كما حذرت من قرار محكمة صلح الاحتلال الإسرائيلي السماح للمستوطنين بأداء طقوس تلمودية في باحات المسجد الأقصى المبارك.
واعتبرت الرئاسة قرار محكمة الاحتلال مساساً خطيراً بالوضع التاريخي القائم في الحرم القدسي الشريف وتحدياً سافراً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، فيما طالبت الرئاسة الفلسطينية الإدارة الأميركية بالتدخل العاجل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على أبناء شعبنا ومقدساتهم.
ودعت الرئاسة الفلسطينية أبناء الشعب الفلسطيني إلى تحدي هذه الاعتداءات والتصدي لها، مؤكدة أن القدس ستبقى العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وسيبقى أهلها مسيحيين ومسلمين، وكنائس ومساجد عنوان الحق والصمود الفلسطيني على أرضها التي لن يتخلى عن ذرة من ترابها الطاهر.
بدورها، دانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في بيان صحافي، قرار محكمة الاحتلال السماح للمتطرفين اليهود الذين يقتحمون المسجد الأقصى المبارك بأداء طقوس وصلوات تلمودية داخل المسجد، بما في ذلك تلاوة الترانيم والسجود على الأرض، معتبرة أن هذا القرار انقلاب إسرائيلي رسمي على الوضع القائم وتغييره بالكامل، كما أنه إعلان صريح للحرب الدينية التي تهدد بانفجار ساحة الصراع والمنطقة برمتها.
وأكدت الخارجية الفلسطينية أن هذا القرار دليل جديد على أن منظومة القضاء والمحاكم في إسرائيل جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال نفسه، ودليل آخر على توفير الحماية القانونية والتغطية لاقتحامات المتطرفين اليهود للمسجد الأقصى المبارك، بهدف تكريس تقسيمه الزماني ريثما يتم تقسيمه مكانيا، كما أنه يندرج في إطار التصعيد الإسرائيلي الممنهج في ساحة الصراع واستنجاد دوامة العنف والفوضى لتمرير أكبر عدد ممكن من المشاريع الاستعمارية التهويدية للقدس، كما أن هذا القرار أيضا يكذب ادعاءات المسؤولين الإسرائيليين بشأن حرصهم على الوضع القائم.
وحملت الوزارة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن القرار ونتائجه الخطيرة، وأكدت أنها ستقوم بمتابعته مع المجتمع الدولي والدول كافة خاصة الإدارة الأميركية، والمطالبة بالتدخل الفوري لوقف تنفيذه فورا، وذلك بالتنسيق الكامل مع الأشقاء في المملكة الأردنية الهاشمية.
الأردن يدين قرار محكمة الاحتلال بشأن الأقصى
كما دانت وزارة الخارجية الأردنية، الأحد، قرار المحكمة الإسرائيلية بالسماح للمتطرفين بأداء طقوسٍ في باحات المسجد الأقصى.
ونقلت وكالة "قنا" عن الناطق الرسمي باسم الوزارة، هيثم أبو الفول، قوله في بيان صحافي، إنّ القرار باطلٌ ومُنعدم الأثر القانوني حسب القانون الدولي الذي لا يعترف بسلطة القضاء الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القُدس الشرقية، مضيفا: "وإنه يُعد خرقاً فاضحاً لقرارات الشرعية الدولية المُتعلقة بالقدس، ومنها قرارات مجلس الأمن التي تُؤكد جميعها ضرورة الحفاظ على وضع المدينة المُقدسة".
وأضاف أنّ القرار يُعد انتهاكاً خطيراً للوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى، مُشدداً على أنّ المملكة الأردنية، ووفقاً للقانون الدولي، لا تعترف بسلطة القضاء الإسرائيلي على القُدس المُحتلة.
وحذّر أبو الفول من مغبة الاستمرار بالسماح للمتطرفين باقتحام المسجد الأقصى، مشيرا إلى أنّ المسجد الأقصى المُبارك، الحرم القُدسي الشريف، بكامل مساحته وباحاته البالغة 144 دونماً، هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المُبارك الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة كافة شؤون الحرم وتنظيم الدخول إليه.
وكانت محكمة إسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، قد سمحت للمستوطنين بـ"أداء طقوس تلمودية" في باحات المسجد الأقصى، كما ألغت المحكمة "القيود المفروضة" على عدد من المستوطنين التي شملت أوامر إبعاد عن البلدة القديمة في القدس المحتلة، بعد أن كانوا قد أدوا طقوسا تلمودية في باحاته.
وكانت محكمة الصلح التابعة للاحتلال في القدس قررت السماح بالانبطاح الكامل على الأرض فيما يطلقون عليه "السجود الملحمي" خلال اقتحام المسجد الأقصى؛ وبقراءة صلوات "الشماع" بصوت مرتفع باعتبارها "ممارسة لحق مكفول لجميع الديانات"، وبأنه "لا يهدد السلم" وبالتالي لا يتناقض مع "قانون حماية الأماكن المقدسة" المعمول به لدى الاحتلال.
وجاء هذا الحكم استجابة لاعتراض قدمه ثلاثة من المتطرفين اليهود كانت شرطة الاحتلال قد أبعدتهم عن الأقصى مدة 15 يوماً بعد أن أدوا "السجود الملحمي" ظهر يوم النكبة، 15-5-2022، في اقتحام نظمته الجمعيات اليمينية نكاية بالفلسطينيين في هذا اليوم.
وكان كبار الحاخامات أصدروا، الأحد، دعوة موحدة لاقتحام المسجد الأقصى؛ في خطوة تذكر بـ"القمة الحاخامية" التي عقدوها في الأقصى مطلع رمضان الماضي، تحضيراً لاقتحامات الفصح العبري، فيما يأتي ذلك، وسط دعوات من المستوطنين لاقتحامات للمسجد الأقصى.