يتطرق المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة "طالبان" محمد نعيم، في حوار مع "العربي الجديد"، إلى مختلف التطورات على الساحة الأفغانية، ولا سيما مفاوضات السلام التي تجري في الدوحة مع الوفد الحكومي الأفغاني ومدى التقدّم الذي تحقق فيها، مؤكداً عدم توقفها وشارحاً أسباب تأخرها. كما يتحدث نعيم عن الهجمات المتصاعدة في أفغانستان، موجهاً اتهامات للحكومة بالمسؤولية. كذلك يُقدّم المتحدث وجهة نظره تجاه اتفاق السلام الموقّع في الدوحة مع الولايات المتحدة بعد مفاوضات صعبة، متوقعاً صموده لأن إنهاء الحرب لمصلحة الجميع. إلى نص الحوار:
*لماذا غادرتم مفاوضات السلام التي توقفت مع الوفد الحكومي، ولماذا عدتم إليها؟
المفاوضات لم تتوقف ولم يُعلن عن توقفها، ولا داعي للقول إننا عدنا، المفاوضات مستمرة، وكان هناك تواصل بيننا وبين الوفد المقابل، وأحيانا إن دعت الحاجة كنا نجتمع معاً. في الأسبوع قبل الماضي كان عندنا اجتماع. وفدنا غادر في زيارات إلى روسيا وإيران برئاسة رئيس المكتب السياسي الملا برادر، وكان يفترض عودتهم بسرعة، إلا أن وضعهم في الحجر الصحي، بسبب فيروس كورونا، كان سبب التأخير، وتسبّب بالتالي في تأخير المفاوضات قليلاً.
المفاوضات لم تتوقف ولم يُعلن عن توقفها، ولا داعي للقول إننا عدنا
* أربعة أسابيع أو أكثر وأنتم تتفاوضون مع الطرف الحكومي حول جدول الأعمال، ما الذي يحول حتى الآن دون الاتفاق على الجدول لكي تنطلق المفاوضات؟
مفاوضات الجولة الثانية انطلقت في 5 يناير/كانون الثاني الماضي، والمواضيع التي نناقشها ليست سهلة، نحتاج إلى وقت لترتيبها والاتفاق عليها.
* هل توصلتم إلى أي نقاط التقاء مع الوفد الحكومي يمكن الحديث عنها؟
إذا كان السؤال عن "أطر العمل"، فقد انتهينا منها في الجولة الأولى، أما الجولة الثانية، فكما أخبرتك، هي لترتيب مواضيع الأجندة، أي المواضيع التي تُطرح من قِبلنا ومن قِبلهم، وما هي الأولويات، والبحث جارٍ حول هذه الأمور.
* اجتمع الوفدان قبل أيام قليلة. ما هي القضايا التي نوقشت ومتى تُعقد الجلسة المقبلة؟
كان هناك اجتماع حضره رؤساء الوفدين، وجرى خلاله بحث كيفية عقد الاجتماعات المقبلة، واتفق الجانبان على استمرار الجلسات، والبحث في مواضيع الأجندة وأي المواضيع تُبحث أولاً، وهذه الأمور تأخذ وقتاً، وليس أمراً سهلاً أن نخرج بنتائج في كل جلسة، ولكننا نريد الوصول إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن.
* ما هي القضايا التي تُبحث في موضوع الأجندة، هل وقف إطلاق النار وشكل النظام السياسي والحكومة المقبلة، منها؟
بشكل عام هذه هي مواضيع الأجندات بالفعل، وما يجري التفاوض بشأنه هو كيف تبحث وأيهما أولاً. هناك مواضيع وقضايا أخرى وهذه أمثلة، وكل ما يتعلق بحل النزاع وحل هذه المشكلة نبحثه على الطاولة. الجلسات قائمة بشكل منتظم، واتفقنا أن تستمر الجلسات بشكل منظم وستستمر.
* يركز الوفد الحكومي في موضوع الأجندة على وقف إطلاق النار والعنف، ما الذي يمنع حركة "طالبان" من أن توافق على هدنة مثلاً أو توافق على وضع هذا المطلب على الأجندة؟
الحرب للأسف فُرضت علينا وهذا واضح للجميع. نحن نريد إنهاء الحرب، وهو أمر ليس سهلاً، عندما خضنا المفاوضات مع الأميركيين استغرقت سنة ونصف، وكانت الحرب قائمة مع القوات الأجنبية، وتوصلنا في النهاية إلى الاتفاق. نحن نريد أن ننهي هذه الحرب، لكن هذا يأخذ وقتاً، ونحن أول من تضرر من هذه الحرب، نريد أن نمتلك الطريق الذي يمكّننا في النهاية من الوصول إلى نتيجة.
* هل يمكن أن تعلنوا هدنة ووقفاً لإطلاق النار لإعطاء دفعة للمفاوضات في الدوحة؟
نحن نريد حل المشكلة بشكل أساسي، لا نريد أن يكون هناك وقف مؤقت لإطلاق النار ليوم أو لمدة قصيرة، نحن نريد الاتفاق على حل نهائي لهذه المشكلة.
* هناك تصاعد كبير في العنف في أفغانستان في المرحلة الأخيرة. من هو المسؤول عن التصعيد الذي يذهب ضحيته المدنيون؟
قتل المدنيين والإضرار يحصل منذ 20 سنة، وعندما جاء الاحتلال الأميركي إلى بلادنا لم تكن هناك أصوات تقول إن هناك مدنيين يُقتلون، والآن عندما باتت الحرب على وشك الانتهاء، لماذا ترتفع الأصوات التي تقول إن هناك أبرياء ومدنيين يُقتلون؟ النقطة الأخرى أننا توصلنا إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، وأصبح هناك خفض ملفت للنظر في عملياتنا، وتوقفت هجماتنا، بل كانت لدينا خطط لعمليات في مختلف الولايات، على مراكز الاستخبارات، والمواقع العسكرية في الولايات وكانت عندنا خطة لإسقاط ولايات عدة وأوقفناها، كما أوقفنا "العمليات الاستشهادية"، فإذا لم يكن هذا خفضاً، فكيف يكون الخفض؟
من جهتنا قمنا بواجبنا، أما الجهة الأخرى بما فيها أميركا وحلفاؤها وإدارة كابول، فلم يتوقفوا عن القصف والهجمات الليلية وقصف الطائرات بلا طيار، وهذه الهجمات مستمرة وبشكل دائم ولم يلتزموا بالخفض وبالاتفاق، ولا أدري سبب اتهاماتهم وقولهم إننا لم نلتزم بالخفض، لا أدري ماذا يقصدون بذلك. أما بالنسبة لاستهداف المدنيين، فللأسف من يُستهدَفون هم أساتذة في الجامعات وأئمة المساجد، ومن ينتقدون إدارة كابول، ومن يقوم بهذه العمليات هم المرتبطون بإدارة كابول، وهم قلقون من اتفاقنا مع الولايات المتحدة الأميركية، فالاتفاق ليس في صالحهم ويريدون أن يعرقلوا العملية وخلق المشاكل، على الرغم من أن الحفاظ على الأمن مسؤوليتهم. الهدف من استهداف المدنيين توجيه رسالة للقوات الأجنبية أنكم إذا انسحبتم ستحصل المشاكل، فهدفهم البقاء في الحكم، وهم مرتبطون بالاحتلال، ومصالحهم الشخصية مرتبطة بالقوات الأجنبية والاحتلال، فإذا انتهى الاحتلال ستكون مصالحهم في خطر، ومن ثَمّ المسؤولون الكبار في إدارة كابول يطالبون بعدم انسحاب القوات الأميركية.
* أنت تتهم الحكومة في كابول بالمسؤولية عن التصعيد واستهداف المدنيين في أفغانستان؟
هذا وارد، هناك نقطة ملفتة للنظر، لماذا استهداف المدنيين في كابول فقط؟ كابول مشهورة وإذا حصلت مشكلة فيها سيسمع العالم كله بها، وأكرر أن غالبية من استُهدفوا ويُستهدفون هم ممن ينتقدون إدارة كابول ويرفضون الاحتلال وبقاء القوات الأجنبية في البلاد.
غالبية من استُهدفوا بالهجمات هم ممن ينتقدون إدارة كابول ويرفضون الاحتلال
* في حال لم تنسحب القوات الأميركية والغربية في شهر مايو/أيار المقبل، ما هو مصير اتفاق الدوحة الذي وقّعتموه مع واشنطن؟
لا نتوقع نقض اتفاق الدوحة للسلام في أفغانستان، الذي جاء نتيجة مفاوضات عسيرة، وجهود كبيرة استغرقت أكثر من عام ونصف. إنهاء الحرب لصالح الجميع، والاتفاق وسيلة لإنهائها، والولايات المتحدة وقّعت على هذا الاتفاق الذي أيّده مجلس الأمن ودول الجوار، بل ومختلف دول العالم، والمشكلة ستكون مع من ينقض الاتفاق، نحن ندافع عن بلادنا واستقلالنا، وحقوقنا وحريتنا، وعن مبادئنا، وسندافع عن حريتنا وبلدنا دائماً.
* هل نفهم من ذلك أنكم ستعودون إلى الحرب والقتال وشن هجمات على القوات الأميركية والغربية في أفغانستان في حال لم تنسحب هذه القوات؟
نحن لا نقتل، نحن ندافع عن أرضنا، عن حريتنا وحقوقنا، وهذا حق لكل إنسان وحق لكل شعب أرضه محتلة، نحن ندافع عن أرضنا وعقيدتنا ومبادئنا.
* قلتم سابقاً إنكم تقبلون أن تراجع الإدارة الاميركية الاتفاق على قاعدة أن تفهم ما جرى، هل تقبلون أي تعديلات جديدة على اتفاق الدوحة؟
قلنا إذا كان الهدف المراجعة لفهم ما جرى، فهذا شأنهم، المراجعة أمر يتعلق بهم.
* إذاً أنتم لا تقبلون أي تعديل على الاتفاق؟
ما اتفقنا عليه وأيده الجميع والعالم، لا بد من الالتزام به، أما نقض الاتفاق، فأمر غير مقبول، ولا بد من الالتزام بهذا الاتفاق.