من جديد، يعود محمود المشهداني لرئاسة البرلمان العراقي بعد نحو عقد من استقالته التي أجبر عليها، ليكون خلفاً للرئيس السابق محمد الحلبوسي، الذي أقيل بقرار من المحكمة الاتحادية العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في العراق. وعلى الرغم من أن منصب رئاسة البرلمان الذي جرى العرف السياسي في العراق، على أن يكون من حصة الأحزاب العربية السنية، إلا أن المشهداني يعد الشخصية السنية الأكثر قرباً لتحالف "الإطار التنسيقي"، ولا سيما نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق وزعيم حزب الدعوة، وحصل على المنصب مجدداً بدعم من قوى "الإطار التنسيقي".
ومحمود داود سلمان موسى المشهداني ذو الـ76 عاماً من مواليد بغداد، حاصل على البكالوريوس في كلية الطب وتخرج برتبة ملازم أول طبيب عام 1972، وعمل بالسلك الطبي للجيش العراقي، وبعد سنوات ترقى في الجيش الى رتبة رائد، إلا أن مسيرته العسكرية لم تستمر، إذ اعتُقِل بين عام 1980 و1981 ومكث في السجن حتى انتهاء محكوميته بسبب تصدره العمل بـ"جمعية الموحدين"، آنذاك التي كانت محظورة لارتباطها بالتيار السلفي.
وبعد ذلك، استُبعِد من السلك العسكري ليعمل طبيباً في عيادته الخاصة ببغداد، إلا أنه تعرض للاعتقال مرة أخرى عام 2000 بسبب انتمائه إلى الفكر السلفي، أو ما كانت معروفة في العراق آنذاك (الحركة الوهابية) حيث حُكم عليه بالسجن لـ 15 عاماً، إلا أنه خرج بالعفو الرئاسي العام الذي صدر في 2002. وفي عام 2003 دخل المشهداني الحياة السياسية بقوة، حيث انتُخِب عضواً للجنة صياغة الدستور، ثم اتُّهم بدعم إحدى فصائل المقاومة، ما أدى إلى اعتقاله من قبل القوات الأميركية عام 2004، لعدة أشهر.
وفي عام 2006، فاز المشهداني بمقعد برلماني في أول انتخابات تشريعية بالبلاد، ثم اختارته القوى السياسية السنية ليكون رئيساً للبرلمان العراقي بين 2006 و2009، وانتُخب رئيساً للاتحاد البرلماني العربي عام 2008. واستمر في منصبه رئيساً للبرلمان العراقي حتى 23 ديسمبر/كانون الأول 2008، إذ اضطر إلى الاستقالة من منصبه على خلفية تهديدات بإقالته نتيجة لمشادات كلامية وتهجمه على بعض النواب من الشيعة والأكراد، وجاءت استقالته بعد جمع الكتلتين الكردية والشيعية تواقيع 150 نائباً لإعفائه من المنصب.
وفي انتخابات عام 2022 التي فاز بها التيار الصدري، ترأس المشهداني أولى جلسات المجلس، باعتباره الأكبر سناً، لينقل إلى المستشفى في مشهد دراماتيكي مثير، بعد اشتباكات بين نواب التيار الصدري والإطار التنسيقي، إذ إن كلاً منهما يدعي أنه يمثل الكتلة الكبرى برلمانياً وأن له الحق بتقديم مرشح لرئاسة الحكومة، وقد زار زعماء الإطار نوري المالكي وهادي العامري وقيس الخزعلي، المشهداني في المستشفى، الذي لم يبد عليه أنه تعرّض لضرب أو كدمات.
ورشح تحالف "عزم" الذي يتزعمه مثنى السامرائي، والذي يوصف بأنه حليف لقوى "الإطار التنسيقي"، المشهداني لرئاسة البرلمان خلفاً للحلبوسي، على اعتبار أن المنصب من حصة المكون السُّني وليس من حصة تقدم، وبعد دعم من قبل "الإطار" استطاع المشهداني العودة الى المنصب مجدداً.