كشفت مصادر مصرية، مطلعة على تحركات القاهرة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أن زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، اليوم الأحد، إلى مصر للقاء نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، "تهدف إلى تنسيق المواقف قبيل الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن"، في إطار جولته في الشرق الأوسط، والتي بدأها مساء الجمعة الماضي من تركيا.
ووصل عباس إلى القاهرة برفقة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، ومدير المخابرات العامة اللواء ماجد فرج.
وبحسب مصدر مصري، فإن القاهرة "تتحسب من أجندة بلينكن التي يصل بها إلى المنطقة، في الوقت الذي تسعى فيه تل أبيب لفرض خطة أمنية تتعلق بالحدود بين مصر وقطاع غزة"، مضيفاً أن الخطة "لا تلقى ترحيباً مصرياً حتى الآن".
وقال المصدر إن حكومة الاحتلال "سعت، خلال الأيام الماضية، إلى وضع مصر كأحد أسباب تعطل الانتقال إلى مرحلة تالية (للحرب)، تنخفض فيها قوة النيران المستخدمة في القطاع، بزعم رفضها الطروحات المعروضة، بمقدمتها تهجير أعداد من سكان القطاع وتوطينهم في سيناء".
كما سعت لاعتبار مصر أحد أسباب "تعثّر المفاوضات الجارية بشأن تصور أمني تدفع به تل أبيب، ويضمن لها رقابة ودوراً فعلياً في إدارة الوضع على الحدود بين مصر والقطاع".
تنسيق بين القاهرة ورام الله
كما كشف المصدر عن "تنسيق بين القاهرة ورام الله لإقناع الجانب الأميركي بالضغط على تل أبيب لفتح المعابر الخمسة التي تربط القطاع بالأراضي المحتلة، لإدخال البضائع والمساعدات، ورفض فكرة الممر المائي الذي تسعى حكومة الاحتلال لإقامته بين غزة وقبرص".
مصدر: مخاوف القاهرة ورام الله تلتقي بشأن مخطط إسرائيل لتفريغ القطاع
ولفت إلى أن مخاوف القاهرة ورام الله تلتقي بشأن هذا الممر الذي يجرى تسويقه تحت شعار "الأهداف الإنسانية"، بينما "تسعى حكومة الاحتلال لتوظيفه وسيلةً رئيسيةً في خدمة مخطط تفريغ القطاع من السكان، والذي تعمل عليه تل أبيب منذ بداية الحرب".
وقال إنه "من الطبيعي تحت حالة الاحتياج الشديد للأمن والمسكن والرغبة في الحياة أن يضطر قطاع من الغزيّين، الذين دُمرت منازلهم وقُتل أطفالهم، لأن يسعوا إلى مغادرة القطاع بحثاً عن حياة آمنة لمن تبقى من أطفالهم، عبر ما يتاح من وسائل".
وأضاف أن "الخط الملاحي الذي تسعى له تل أبيب، هدفه الرئيسي تسهيل خروج السكان من القطاع إلى أوروبا، ومنها إلى مناطق أخرى تسعى حكومة الاحتلال للوصول إلى الاتفاق معها لقبولهم كلاجئين".
وأشار المصدر إلى أن السيسي وعباس "من المقرر أن يتفقا على رسائل موحدة ستنقلها كل من رام الله والقاهرة خلال اللقاءات مع بلينكن"، مضيفاً أن من بينها التشديد على أن "فكرة الممر المائي بين قبرص وغزة تتعارض مع ما تعلنه الإدارة الأميركية بشأن رفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم".
أجندة حافلة في لقاء عباس والسيسي
وكشف أن "أجندة زيارة عباس إلى القاهرة ستتخللها مباحثات بشأن الدعوة التي من المقرر أن توجهها مصر إلى الفصائل الفلسطينية خلال الأيام القليلة المقبلة، لعقد اجتماع في القاهرة". يأتي ذلك "بهدف التوصل إلى اتفاق موحد ينهي الخلافات والانقسام الداخلي، ويضع الخطوط العريضة لتشكيل حكومة موحدة تحظى بمباركة جميع الفصائل، ويكون بمقدورها إدارة السلطة التنفيذية في غزة والضفة الغربية".
وبالتالي، يتم تجاوز "المخططات الإسرائيلية الرامية لفرض وتكريس سياسة الفصل بين الضفة وغزة، تحت إطار ما يسمى بتصورات اليوم التالي لوقف الحرب".
وفي السياق، قال رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "اللقاء بين الرئيسين السيسي وعباس له علاقة بما يسمى باليوم التالي للحرب، خصوصاً في ظل حديث نتنياهو وأركان حكومته المتكرر عن استبعاد السلطة الفلسطينية وعباس من السلطة في غزة".
بحث ملف إدارة قطاع غزة بعد الحرب
وشدد على أن هذا الأمر "خطير جداً، لأنه أولاً يستثني السلطة الفلسطينية وقدرتها على إعادة إدارة قطاع غزة، وثانياً لأنه محاولة لتصفية القضية الفلسطينية سياسياً".
وأوضح أن ذلك يعني "التعامل مع القضية الفلسطينية في غزة كأنها إدارة شؤون الناس على المستوى التعليمي والصحي وغيرها من الخدمات، وأنه لن يكون هناك إنهاء للاحتلال، ولا دولة فلسطينية، ولا ربط بين الضفة والقطاع".
أبو سعدة: سيكون محور المباحثات التركيز على مخططات إسرائيل
ورأى أبو سعدة "أن المحادثات ستتطرق إلى هذا الموضوع، وسيكون محور التركيز على مخططات إسرائيل التي لا تزال جارية على قدم وساق في البحث عن طرق لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة".
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "ثمة ضرورة للتنسيق بشأن المشهد الفلسطيني بعد توقف الحرب". ويعود ذلك إلى أن "المفاوضات حول هذا الأمر لم تتوقف، ومركزها القاهرة، التي تشكل عقدة الربط بين كافة الأطراف، بدفع قوي ومتواصل من قبل الولايات المتحدة الأميركية".
بدوره، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير رخا أحمد حسن، لـ"العربي الجديد"، إنه "يجرى حوار حول الأفكار التي طرحتها مصر من قبل، بوقف مؤقت لإطلاق النار وتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، بالإضافة إلى التشاور مع كافة الفصائل الفلسطينية من أجل تشكيل حكومة فنية (تكنوقراط)، تلقى قبولاً من جميع الفصائل".
ملاحظات السلطة الفلسطينية
وأضاف أنه "كانت للسلطة الفلسطينية ملاحظات وبعض التحفظات على تشكيل هذه الحكومة، ومن المنتظر تبادل الآراء بشأنها في اللقاء بين الرئيسين، خصوصاً أن بلينكن موجود في المنطقة، ومن المنتظر وصوله إلى القاهرة".
حسن: من المهم الاتفاق على تولي حكومة تكنوقراط حكم الضفة والقطاع
ورأى أنه "من المهم اتفاق كل من مصر والسلطة الفلسطينية على مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار بصفة دائمة، وتولي حكومة تكنوقراط حكم الضفة والقطاع، إلى أن تجرى الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية وتُشكّل حكومة منتخبة".
كما أنه من المهم، وفق حسن، "التشاور مع مصر حول ما يعلنه الجانب الإسرائيلي بين الحين والآخر عن البقاء أمنياً في القطاع وإعادة تسليح محور فيلادلفيا بما يخالف اتفاق السلام مع مصر، وبما يعني عودة إسرائيل لاحتلال القطاع".