ترتفع مخاطر حدوث توتر وانتهاكات غير مسبوقة في المسجد الأقصى المبارك، مع بدء فترة "الأعياد اليهودية" اعتباراً من اليوم السبت حتى السابع من الشهر المقبل، فيما استبقت قوات الاحتلال ذلك باستهداف عشرات النشطاء والشخصيات المقدسية، تجنبًا لمواجهات قد تقع بعد إعلان جماعات استيطانية متطرفة تنفيذ تهديداتها باقتحام واسع وكبير للمسجد خلال تلك الأعياد.
وصعدت قوات الاحتلال في الأيام الأخيرة من استهدافها للنشطاء المقدسيين بالاعتقال الاحترازي، والإبعاد عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى لفترات تمتد من أسبوع إلى أسبوعين، وطاول ذلك العشرات من النشطاء والمرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى.
وقال رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه لم يتم بعد حصر الأعداد النهائية للمستهدفين بالاعتقال والاستدعاء، لكنه أشار إلى أن العدد كبير وشمل أسرى محررين ونشطاء ومرابطين ومرابطات، لافتا إلى أن الاحتلال حذر هؤلاء من القيام أو المشاركة بأية احتجاجات على خلفية اقتحامات يعتزم المستوطنون القيام بها خلال موسم الأعياد.
من جهته، قال المختص في شؤون المسجد الأقصى زياد ابحيص، لـ"العربي الجديد"، إن الاحتلال ومستوطنيه يسعون عبر 4 مناسبات وأعياد يهودية إلى محاولة فرض وقائع جديدة على طريق "حلم" تهويد المسجد الأقصى؛ سواء عبر زيادة أعداد المقتحمين أو طبيعة ونمط الطقوس التلمودية الممارسة.
ويضيف ابحيص: "تتخذ جماعات الهيكل المتطرفة موسم الأعياد منصة لتصعيد عدوانها على المسجد الأقصى في كل عام؛ لذلك تبدو الأيام القادمة التي يتخللها موسم الأعياد الأطول، مرشحة لأشكال عديدة من العدوان ومحاولة الاحتلال فرض التهويد على القبلة الأولى للمسلمين".
ويشير ابحيص إلى أن موسم الأعياد اليهودية "هو الموسم الأعتى والأكثر شراسة وخطورة" على هوية المسجد الأقصى المبارك. وقال: "خلال هذا الموسم سابقًا وقعت مجزرة الأقصى 1990، وهبة النفق 1996، وانتفاضة الأقصى 2000، وهبة السكاكين 2015، وبالتالي كانت هذه الأعياد الأكثر تفجراً على مدى تاريخ الصراع، خصوصاً إذا ما أضفنا إليها حرب عام 1973 التي انطلقت في يوم "عيد الغفران" التوراتي".
ولفت الباحث إلى أن هذه الأعياد تأتي هذا العام، في سياق ذروة صعود تيار الصهيونية الدينية المهيمن على نصف حقائب حكومة الاحتلال الحالية التي يقودها بنيامين نتنياهو، وجماعات الهيكل التي هي واجهة هذا التيار، ما يجعل هذه الجهات مدفوعة بكل السبل لفرض مفاعيل هذا النفوذ غير المسبوق في المسجد.
والأمر الأخطر، بحسب ابحيص، أن هذا العدوان وسائر الاعتداءات منذ عام 2019، تركز على التأسيس المعنوي للهيكل المزعوم عبر فرض الطقوس التوراتية، بالتزامن مع عودة السعي النشط لفرض تقدم في التقسيم الزماني والمكاني في الأقصى.
ويوضح ابحيص أن ذلك يعني محاولة تحويل المسجد الأقصى من مكان مقدس إسلامي خالص إلى مقدس مشترك، "وهذا العنوان العام للعدوان الذي قد يشهده الأقصى خلال هذا الموسم".
ودعا خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري، إلى "شد الرحال إلى المسجد والرباط فيه لإحباط مخططات الاحتلال والمستوطنين خلال "الأعياد" اليهودية المرتقبة".
وقال الشيخ صبري في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الاحتلال "يفقد صوابه حينما يرى جموع المصلين تزحف للأقصى"، معتبراً أن "البطش المتكرر بالمقدسيين دليل واضح على إفلاس الاحتلال وضعفه وجبنه".
ولفت إلى أن "وجود المرابطين مهم لكسر إرادة المحتل ولإفشال مخططات المستوطنين وأطماعهم بالمسجد المبارك"، محملا شرطة الاحتلال كامل المسؤولية عن النتائج المترتبة عن السماح للمستوطنين بتدنيس الأقصى. وقال إن "الأقصى جزء من عقيدة نحو ملياري مسلم، ولن يتخلوا عنه".
من ناحيته، يتهم المختص في شؤون القدس والمقدسات جمال عمرو في حديث لـ"العربي الجديد"، الاحتلال بتوظيف أعياده للتصعيد ضد المقدسيين والمسجد الأقصى المبارك.
وقال: "إن العدوان هذا العام غير مسبوق، فحكومة الاحتلال تصعد من ممارساتها وانتهاكاتها ضد المقدسيين تحت حجة العبادة اليهودية، وما يجري هو ليس مجرد زيادة في أعداد المقتحمين فحسب، بل هناك تصاعد واضح في أداء الطقوس الدينية التوراتية اليهودية علنًا وبحماية مشددة من شرطة الاحتلال".
وسبق بدء الاحتفالات بالأعياد، قيام المستوطنين باقتحامات واسعة للمسجد الأقصى خلال الأسبوعين الماضيين، إذا تجاوزت أعدادهم الألفي مقتحم جلهم من جماعة "شبيبة التلال" الإرهابية وطلبة معاهد تلمودية ورؤساء جمعيات استيطانية وحاخامات، فيما اتسمت تلك الاقتحامات بتضييق الاحتلال على المصلين، بحسب دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.
ووفق مصدر من دائرة الأوقاف الإسلامية فضل عدم ذكر اسمه في حديث لـ"العربي الجديد"، فإن مدير عام أوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب بعث برسائل للمملكة الأردنية الهاشمية ووضعها في صورة المخاطر التي تواجه المسجد الأقصى والتصعيد الإسرائيلي الجاري بحقه؛ سواء من قبل شرطة الاحتلال أو المستوطنين.