عبّرت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، اليوم الاثنين، عن مخاوفها من حملة الإيقافات التعسفية التي تعيشها تونس، إلى جانب ضرب الحقوق والحريات الذي تزايد منذ 25 يوليو/تموز 2021.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي للجمعية التونسية، التي قدمت تقريرها اليوم الاثنين، حول وضعية الحقوق والحريات في تونس: يناير- يونيو 2023، مبينة أن الاستماعات والتحقيقات ضد المحامين والمحاميات الذين ينوبون في قضية "التآمر على أمن الدولة"، يعدّ سابقة خطيرة لم تعرفها تونس منذ الاستقلال. كما أن القضاة الذين تم فصلهم منذ 1 يونيو 2022 والذين يبلغ عددهم 57 لم يستأنفوا مهامهم بعد، على الرغم من قرار المحكمة الإدارية، الذي قضى بإيقاف تنفيذ قرار الإعفاء.
وقال وحيد الفرشيشي، الرئيس الشرفي وعضو مكتب الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، وأستاذ القانون، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "إنه سجل منذ يناير إلى حدود يونيو الجاري ظهور نوعية جديدة من الانتهاكات تتمثل في الإيقافات التعسفية التي كانت بعدد كبير لم تعهده تونس سابقاً".
وأضاف: "يوجد اليوم نحو 30 موقوفاً على ذمة قضية التآمر على أمن الدولة"، مؤكداً أن تونس "لم تعش أمراً مماثلاً منذ 1961 عندما اتهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة معارضيه بمحاولة الانقلاب عليه"، مشيراً إلى أنه تم في 2023 سجن قيادات سياسية بارزة، وهذه مسألة خطيرة.
ولفت أستاذ القانون إلى أنه "وإلى جانب الايقافات التعسفية، ورغم غياب تقديم أي معلومات عن ذلك فقد تم منع التداول في هذه القضية، وكأن هذا يعني ضرورة نسيان الملف وأن هؤلاء في السجن وهذا مؤشر خطير".
وبين الفرشيشي أن النوع الثاني من "الانتهاكات المسجلة والغريبة هو التحقيق مع المدافعين والمدافعات عن الحقوق والحريات، حيث تم ولأول مرة استدعاء المحامين للتحقيق معهم في قضايا ترافعوا فيها أمام القضاء"، مشيراً إلى أن هذا يعد سابقة خطيرة ومن شأن المحامين التراجع في الدفاع عن منوبيهم، وبذلك يقل الدفاع عن حقوق الإنسان.
وأوضح أن النقطة الثالثة هي الاستعمال المكثف للمرسوم 54، "إذ بمقتضاه قد يحال أي شخص على التحقيق لأي فكرة أو رأي، رغم أن الدستور التونسي ينص على منع وجود رقابة قبلية لحرية التعبير، ولكن ما نعيشه اليوم هو العكس تماما، لأننا في وضع الرقابة على حرية التعبير".
وقال إن الانتهاكات لم تقتصر على المستوى السياسي فقط، بل سجلت انتهاكات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ومنها الحق في الماء والغذاء بعد فقدان مواد أساسية وحتى الدواء.
وحول ضرب الحقوق والحريات، بيّن المتحدث أن هذه الحقوق ضربت منذ 25 يوليو 2021، مؤكدا أنه بعد شهر ستمر سنتان على أحداث 25 يوليو 2021، ونسجل سنة على الدستور الجديد، "ولكن وقع نسف ممنهج لكل مؤسسات الدولة التي سبقت 25 يوليو من برلمان وحكومة والمجلس الأعلى للقضاء وحتى الهيئات الدستورية".
وأكد الفرشيشي في كلمة له أن عمل الجمعية "يهدف إلى توثيق الانتهاكات التي عرفت نسقا تصاعديا"، مبينا أن الانتهاكات التي عاشتها تونس طيلة 10 سنوات بعد الثورة "لم تصل إلى الوضع الذي نعيشه حاليا"، موضحا أن وضع الحقوق والحريات خلال النصف الأول من العام الحالي "مثير للقلق، حيث شرع المرسوم 54 لكل ما نعيشه اليوم من تضييقات".
ولفت المتحدث إلى أن سعيد يرفض الحوار في الوقت الذي يواصل البرلمان الجديد عمله ببطئ شديد.
رصد تطورات الحقوق والحريات
من جهتها، قالت عضو الجمعية، وأستاذة القانون، فاطمة فاتيني إن الجمعية "تعمل على رصد تطورات وضع الحقوق والحريات في تونس، منذ حالة الاستثناء التي تعيشها البلاد في 25 يوليو2021 إلى الآن".
وأضافت فاتيني في كلمة لها أنه "سبق لهم كجمعية تقييم نشاط رئاسة الجمهورية في 2022حيث ركز عملهم على المراسيم والأوامر الرئاسية التي وضعت تحت المجهر في محاولة لفهمها وتحليلها ومتابعة مدى احترامها للمواثيق الدولية"، مبينة أن ما يمكن ملاحظته خلال النصف الاول من العام الجاري هو بروز مناخ التخويف والتخوين للمدافعين عن حقوق الإنسان.
أما أستاذ القانون، أمين اللطيف فقال إن السلطات التونسية ركزت على جانب الاعتقالات التعسفية ضد قيادات الحركة النقابية، ففي شهر مارس/آذار 2023 تم الحكم على 16 نقابيا وزجهم بالسجن على خلفية نشاطهم النقابي.
وأكد اللطيف أنه انطلاقاً من شهر فبراير/شباط تعرض سياسيون للاعتقال وتعرض ناشطون للتهديد على خلفية تصريحات، وشمل التضييق المدافعين عن الحقوق والحريات، خاصة خلال النصف الأول من السنة الحالية، حيث تم استدعاء 14محاميا ومحامية وطاولت الاستدعاءات حتى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.