شارك آلاف الفلسطينيين في مخيم جنين، اليوم السبت، في تشيع الشهداء الثلاثة الذين سقطوا، اليوم فجراً، بعد اشتباك مع قوات الإحتلال، فيما عمّ الإضراب مدنية جنين في الضفة الغربية، في مشهد يعيد إلى الأذهان أيام الانتفاضة الثانية.
وكان الشهداء الثلاثة استشهدوا، واصيب سبعة آخرون في اشتباكات اندلعت بين مقاومين فلسطينيين وقوات الاحتلال التي اقتحمت مخيم جنين، وحاصرت منزلاً شمال الضفة الغربية، فجر اليوم السبت.
وتسللت قوات من الوحدات الخاصة في جيش الإحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم للمخيم، بتغطية من طائرة استطلاع وقامت بمحاصرة منزل كان المقاوم حمزة أبو الهيجا قد اختبأ فيه، لأنه مطلوب لقوات الإحتلال الإسرائيلي وللاجهزة الأمنية الفلسطينية منذ أشهر.
وحسب شهود عيان من مخيم جنين، فقد بدأت قوات من الوحدات الخاصة الإسرائيلية بمحاصرة المنزل فجر اليوم، تبعتها قوات كبيرة من جيش الإحتلال المعززة بجرافات، وبدأت بإطلاق النار على المنزل وسط دعواتها لأبو الهيجا بتسليم نفسه. لكنه رفض، فقامت قوات الاحتلال بإطلاق قنابل "الأنيرغا" والرصاص الكثيف على المنزل.
وقال أحد المواطنين:"لقد أدخلت القوات الخاصة كلباً مدرباً إلى أحد غرف المنزل التي أختبأ فيها أبو الهيجا، لكنه قام بقتل الكلب، ومن ثم قام بالقفز عن سطح المنزل، لكنهم قتلوه عندما وصل إلى الشارع، حيث تم تفريغ الرصاصات من مسافة قريبة جداً برأسه، ما تسبب بوجود حفرة صغيرة أسفل رأسه المتفجر، بقيت فيها آثار دماغه".
وفي الوقت الذي كانت قوات الإحتلال تحاصر فيه المنزل الذي تحصن فيه الشهيد أبو الهيجا، اندلعت اشتباكات مسلحة بين شبان المخيم وقوات الاحتلال، أسفرت عن استشهاد أحد عناصر سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، محمود أبو زينة. وهو أسير سابق لمدة ثلاث سنوات في سجون الإحتلال، وطالب في الجامعة الاميركية في جنين.
كما أسفرت الإشتباكات أيضاً عن استشهاد الشاب يزن جبارين، من "كتائب الاقصى"، الجناح العسكري لحركة "فتح" وإصابة نحو عشرة مواطنين بالرصاص الحي، بعضهم وصفت المصادر الطبية إصابته بالخطيرة.
من جهتها، قالت مصادر اسرائيلية إن جنديين من وحدة "يمام" الخاصة بالاغتيالات اصيبا خلال الاشتباك مع المقاومين الفلسطينيين في مخيم جنين، وأكدت أن اصابتهما وصفت بالطفيفة.
وقالت الاذاعة الإسرائيلية إن قوات مشتركة من "الشاباك" والجيش ووحدة "يمام" قامت بمحاصرة البيت الذي تحصن في حمزة أبو الهيجا. ونقلت الاذاعة عن وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعلون قوله، "إنه تم إحباط عملية كانت ستنفذ داخل إسرائيل".
وأثار اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جنين، ردود فعل منددة. وأصدرت كتائب عز الدين القسام، سرايا القدس، وكتائب شهداء الأقصى بياناً مشتركاً توعدت فيه قوات الإحتلال، مؤكدة أن "المقاومة في الضفة المحتلة هي جمرٌ تحت الرماد، وستخرج للمحتل من حيث لا يحتسب".
واعتبرت أن "الأجهزة الأمنية للسلطة تتحمل المسئولية عن هذه الجريمة جنباً إلى جنب مع الاحتلال، إذ أنّ الشهداء كانوا ملاحقين للسلطة منذ فترة طويلة، وحاولت اعتقالهم في الآونة الأخيرة". وأضاف البيان "شعبنا لن يغفر لهذه الأجهزة جريمة التنسيق مع المحتل على حساب دماء خيرة أبنائه المقاومين".
وفيما أشاد البيان بمقاومة أهالي مخيم جنين واحتضانهم للمقاومة، أكد أن "دماء شهداء مخيم جنين الأبرار لن تضيع هدراً، وستكون لعنة ووبالاً على الصهاينة المجرمين". وأضاف "شعبنا الحيّ ومقاومتنا الباسلة ستظل بالمرصاد لهذا العدو حتى يندحر عن أرضنا".
من جهتها، نعت حركة "حماس" لشهداء الثلاثة. وأوضحت أن "الشهيد أبو الهيجا تعرض للاعتقال والاستدعاء عدة مرات من قبل أجهزة أمن السلطة في جنين، كما قامت قوات الاحتلال باقتحام المخيم عدة مرات بحثاً عنه". والشهيد حمزة ابو الهيجا، يعد من أبرز قادة القسام في جنين. وهو نجل الأسير جمال ابو الهيجا، أبرز قادة القسام والمحكوم لدى سلطات الاحتلال الاسرائيلي بتسعة مؤبدات.
واعتبر المتحدث باسم "حماس"، فوزي برهوم، الجريمة الإسرائيلية بحق الشهداء الثلاثة "حلقة من حلقات تصفية المقاومة ورموزها وعناوينها، وتوضح مدى بشاعة الاحتلال وجريمة التعاون الأمني معه واستباحته لدماء أنباء شعبنا ومدن وقرى الضفة الغربية". واتهم بدوره، السلطة بمعاونة الاحتلال الإسرائيلي في عملياته ضد المقاومة.
من جهته، اعتبر المستشار السياسي لرئيس الحكومة الفلسطينية المقالة بغزة، يوسف رزقة، ما جرى "جريمة تعد جزءاً من ثمار التنسيق الأمني التي تمارسه السلطة الفلسطينية". وأشار إلى مطالب كافة القوى والفصائل الوطنية من رئيس السلطة محمود عباس بوقف التنسيق الأمني الذي يعد خدمة مجانية للاحتلال.
وقالت حركة "الجهاد" إن ما حصل في جنين هو "كسر صمت" جديد بعد ما حصل في غزة قبل أيام، فيما دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية إلى وقف التنسيق الأمني فوراً، والذي استفاد منه العدو في اعتقال واغتيال شباب المقاومة اليوم في جنين.
من جهته، أدان المتحدث باسم السلطة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، ما حصل في جنين.