بدأ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، اجتماعات مع مسؤولين في طهران، اليوم الأحد، قبيل انتهاء مهلة حدّدتها إيران لتقليص عمل المفتشين الدوليين في حال عدم رفع العقوبات الأميركية، فيما أعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن قرار طهران لا يعني التخلي عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وقال ظريف، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، اليوم الأحد، إن قرار طهران إنهاء عمليات التفتيش المفاجئ التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية اعتباراً من 23 فبراير/ شباط لا يعني التخلي عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015، لكن يتعين على واشنطن رفع العقوبات عن طهران لإنقاذ الاتفاق.
وانتقد ظريف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، قائلاً: "في واقع الأمر، هم يتبعون سياسة الضغوط القصوى ذاتها" التي انتهجها دونالد ترامب. وأضاف: "يمكن العدول عن جميع الخطوات التي اتخذناها (خارج نطاق الاتفاق النووي)... يجب على الولايات المتحدة العودة إلى الاتفاق ورفع كل العقوبات... الولايات المتحدة تدمن فرض العقوبات، لكن عليهم أن يعلموا أن إيران لن ترضخ للضغوط".
أكد وزير الخارجية #الايراني محمد جواد ظريف @zarif ان إيران ستكون مستعدة للتفاوض فقط بعد رفع جميع العقوبات الأمريكية https://t.co/W5Boib8oGh pic.twitter.com/LngDSMxfSf
— ارنا العربیة (@irna_arabic) February 21, 2021
وجدّد ظريف، في مقابلة مع قناة "برس تي في" الإيرانية، موقف بلاده من تنفيذ الاتفاق النووي، مؤكداً أنها ستوقف بدءاً من الثلاثاء المقبل العمل بالبروتوكول الإضافي الذي يمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلطة الرقابة الصارمة على البرنامج النووي الإيراني، لافتاً إلى أن الإجراء الإيراني "تصحيحي" بموجب حقوق طهران في الاتفاق النووي في حال عدم التزام بقية الأطراف بتعهداتها، منتقداً السياسات الأميركية والأوروبية تجاه هذا الاتفاق.
وأوضح أن الاتفاق النووي ينص على تطبيع العلاقات التجارية الإيرانية مع العالم، مقابل قيام طهران بتعهداتها النووية "لكن الظروف الحالية تظهر أنه لم يحصل تغيير في ذلك، ونحن بناءً على ذلك خفضنا تعهداتنا".
شدد ظريف أن طهران لن تدخل المفاوضات قبل رفع العقوبات وتغيير السلوك الأميركي
وأكد وزير الخارجية الإيراني أنه "لم يحدث أي تغيير" في السياسات الأميركية تجاه إيران بعد مغادرة ترامب السلطة، قائلاً: "لم يتغير أي شيء. بايدن زعم أن سياسة الضغوط القصوى لترامب قد فشلت، و(وزير الخارجية الأميركي أنتوني) بلينكن أيضاً أكد أخيراً أن هذه السياسة فشلت، لكنهم يواصلونها. الحقيقة أن أميركا مدمنة العقوبات والتنمر وممارسة الضغوط".
وطالب ظريف الولايات المتحدة بـ"تقديم ضمانات" لبلاده بشأن عدم تكرار الإجراءات الأميركية، في إشارة إلى الانسحاب من الاتفاق النووي وفرض العقوبات.
وشدد على أن إيران "تدرس اتخاذ خطوات أخرى" لم يكشف عنها، مخاطباً الإدارة الأميركية الجديدة بالقول إن "عليهم أن يعلموا أن التنمر والضغوط القصوى ضد إيران لن تجدي نفعاً. عليهم أن يعلموا أن الجمهورية الإسلامية لن تتجاوب إلا مقابل لغة الاحترام. يجب رفع جميع العقوبات وعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي".
وشدد ظريف على أن طهران "لن تدخل المفاوضات قبل رفع العقوبات وتغيير السلوك الأميركي".
وتحدث عن زيارة غروسي، قائلاً إن طهران "لا تسعى إلى حيازة الأسلحة النووية، وليس عندنا ما نخفيه"، مضيفاً: "سنتفاوض مع غروسي في جميع القضايا المهمة وإجراءات إيران اللاحقة لخفض التعهدات، لكن لن نعطيهم صور الكاميرات المركبة في المنشآت الإيرانية قبل عودة الولايات المتحدة إلى تنفيذ جميع التزاماتها بالاتفاق النووي".
كما أجرى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية مباحثات مع وزير الخارجية الإيراني، تناولت "التعاون بين الجمهورية الإسلامي والوكالة الدولية وجهود الوكالة لحل القضايا بين الطرفين، فضلاً عن التعاون في إطار اتفاق الضمانات"، حسب تصريح صحافي للخارجية الإيرانية، اطلع عليه "العربي الجديد".
وفي تغريدة عبر "تويتر"، وصف مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، كاظم غريب أبادي، مباحثات غروسي في طهران بأنها كانت "مفيدة على أساس الاحترام المتبادل".
وقال غريب أبادي إن نتائج هذه المباحثات ستنشر مساء اليوم.
في غضون ذلك، نظم طلاب إيرانيون، اليوم الأحد، تجمعا أمام مقر هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، احتجاجاً على زيارة غروسي، مطلقين هتافات "يجب طرد المفتشين الجواسيس".
ودعا المحتجون الحكومة الإيرانية إلى مواصلة خفض التعهدات النووية والانسحاب من الاتفاق النووي.
وتزامناً مع لقاءات غروسي في إيران، أصدر 225 نائباً بالبرلمان الإيراني الذي يسيطر عليه المحافظون، بياناً، أكدوا فيه ضرورة وقف العمل بالبروتوكول الإضافي، اعتباراً من الثلاثاء المقبل، ما لم ترفع العقوبات حتى ذاك اليوم.
وشدد النواب الإيرانيون على "أنهم لن يتنازلوا عن حقوق الإيرانيين"، مخاطباً "الأعداء" بالقول إن "رفعاً عملياً وكاملاً للعقوبات البنكية والنفطية من الشروط الأساسية لعودة أميركا إلى الاتفاق النووي ومن دون رفع هذه العقوبات الظالمة والتحقق منها من قبل الشعب الإيراني لن توقف إيران القوية خطواتها لتطوير الصناعة والبرنامج النووي".
ووصل غروسي، مساء أمس السبت، إلى طهران، والتقى صباح اليوم رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، وفق ما أظهرت قنوات التلفزة. ولم تحدّد الوكالة أو السلطات الإيرانية ما إذا كان جدول أعمال غروسي يتضمن اجتماعات أخرى، قبل اختتام زيارته في وقت لاحق اليوم.
وسيعقد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تتخذ من فيينا مقراً لها، مؤتمراً صحافياً، مساء اليوم، في العاصمة النمساوية، بعد عودته من إيران.
وتشدد طهران على أولوية رفع العقوبات، مؤكدة أنها ستعود إلى التزاماتها في حال قيام الولايات المتحدة بذلك. وبموجب قانون أقره مجلس الشورى الإيراني، في ديسمبر/ كانون الأول، يتعين على الحكومة الإيرانية تعليق التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، في حال عدم رفع واشنطن للعقوبات بحلول 23 فبراير/شباط. وسيقيّد ذلك بعض جوانب نشاط مفتشي الوكالة التي تبلغت من طهران دخول الخطوة حيّز التنفيذ في 23 منه.
وكان غروسي قد قال إن هدف زيارته التوصل إلى "حل مقبول من الطرفين، متلائم مع القانون الإيراني، لتتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مواصلة نشاطات التحقق الأساسية في إيران". وأضاف: "أتطلع قدماً إلى (تحقيق) نجاح يصبّ في مصلحة الجميع".