تعرض عضو الأمانة العامة لمليشيا "الدفاع الوطني" المدعومة من إيران و"حزب الله" اللبناني، والمسؤول عنها في محافظة السويداء جنوب سورية رشيد سلوم للضرب على يد عناصر مجموعة مسلحة محلية تطلق على نفسها اسم "قوات الفهد"، مقرها في بلدة قنوات شمال شرق مدينة السويداء السورية بنحو 7 كم، على خلفية نزاع وقع بين الطرفين قبل أيام قليلة.
وقالت مصادر مطلعة من السويداء، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، إن "عدداً من عناصر قوات الفهد التي يتزعمها المدعو سليم حميد من بلدة قنوات، والمقرب من الأمن العسكري، قاموا بتوقيف سيارة رشيد سلوم خلال عودتها من زيارة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز حكمة الهجري، بقصد الطلب منه التوسط لدى "الفهد" للانسحاب من مقر قيادة الدفاع الوطني في السويداء والواقع على أطراف بلدة قنوات على طريق السويداء قنوات، وإعادة تسليمه له وقاموا بضربه وتهديده، وبأنه سيقتل في حال عاد إلى المنطقة ثانية، موجهين إليه العديد من الاتهامات والشتائم.
وأضافت المصادر "ما تزال قوات الفهد ومجموعات مسلحة محلية مستنفرة، في محيط بلدة قنوات، في حين أيدت مجموعات مسلحة أخرى من السويداء دعمها قوات الفهد في حال قيام الدفاع الوطني أو أحد الأفرع الأمنية بأي تحرك ضدها، في حين قرر أهالي بلدة قنوات إغلاق مقر الدفاع الوطني في السويداء بشكل تام، ومنع أي قوة عسكرية من الوجود به أو استخدامه".
وكانت "قوات الفهد" قد طردت نهاية الأسبوع الفائت حاجزاً أمنياً لفرع أمن الدولة في السويداء على طريق السويداء قنوات، جراء محاولته مصادرة سيارتين يملكها مدنيان، بذريعة عدم وجود أوراق رسمية بها، كما قامت بطرد "الدفاع الوطني" من مقر قيادته، جراء قيامه بدعم الحاجز حيث دار اشتباك بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة لأكثر من ساعة، وسبق أن نشر الدفاع الوطني دورياته لتؤازر الدوريات الأمنية التابعة للقوات النظامية التي توزعت في الأسابيع الأخيرة في الساحات الرئيسية ومداخل المدينة، بذريعة عزمها على اجتثاث عصابات الخطف والسرقة، إلا أنها لم تلق القبض على أي منهم رغم أن أماكن إقامتهم معروفة ويتحركون بشكل علني في المدينة، بحسب مصادر أهلية، ما دفع مجموعات محلية إلى الطلب من تلك الدوريات إخلاء مواقعها لما تثيره من ترهيب للمدنيين دون تحقيق أي نتائج تذكر.
من جانبه، قال الناشط أبو جمال معروف، لـ"العربي الجديد"، إن "الدفاع الوطني من أسوأ المليشيات الموالية للنظام في السويداء، وما زال أهالي المحافظة يحملونه المسؤولية والتواطؤ في هجوم تنظيم داعش على الريف الشرقي للسويداء عام 2018 والذي سقط إثره أكثر من 250 شخصاً غالبيتهم من المدنيين، ومنهم نساء وأطفال، حيث قام حينها بسحب أسلحة كانت مسلمة للأهالي، إضافة إلى سحب نقاط عسكرية تتبع له بعد أن تسلمها من القوات النظامية، التي انسحبت حينها للمشاركة في حملة اجتياح مناطق المعارضة في درعا".
وتابع "كما يتهم الدفاع الوطني بالإسهام في وقوع اشتباكات مسلحة بين اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس، المدعوم من الروس، والمكون من عناصر مسلحة مناهضة للنظام سابقاً، وبين أهالي بلدة القريا في الريف الغربي من السويداء، تورطت بها فيما بعد حركة رجال الكرامة، بهدف ضرب الطرفين، ما تسبب بسقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، كما أن هذه المليشيا متهمة وعناصرها بالقيام بالعديد من الأعمال غير المشروعة، وعلى رأسها تجارة المحروقات مع داعش عندما كانت تسيطر على حقول النفط قبل سنوات، وتسهيل الاتجار وتهريب المخدرات، وكان ذلك من أبرز أسباب الصدام الذي وقع خلال الأشهر الأخيرة وبين مجموعة مسلحة محلية تطلق على نفسها "قوات مكافحة الإرهاب"، تدعي أنها تعمل "لوقف تهريب المخدرات ومحاربة داعش ووجود حزب الله في المنطقة الجنوبية".
وقالت مصادر مقربة من النظام، لـ"العربي الجديد"، إن "العديد من القيادات المجتمعية والمشايخ والقوى السياسية في السويداء، طالبت أكثر من مرة بحل مليشيا الدفاع الوطني في السويداء، والاستعاضة عنها بتفعيل الجيش الشعبي، عبر دعمه بالفصائل المسلحة المحلية المقبولة اجتماعيا وغير المتورطة بارتكاب الجرائم، إضافة إلى رفع الغطاء الأمني وقطع الدعم عن العصابات المتهمة بارتكاب جرائم الخطف والسلب والقتل، ويحمل أعضائها بطاقات أمنية وعلاقات مع شخصيات نافذة في النظام، ورغم أن تلك الطلبات كانت تصل إلى رئيس النظام بشار الأسد، إلا أنها لم تتمخض عنها أي إجراءات حتى الحملة العسكرية الأخيرة لم تحقق أي نتائج تذكر إلا المزيد من التوتر".
ولفتت إلى أن "النظام لديه رؤية خاصة للتعاطي مع السويداء، وهو يرى أولاً أن لا خطر على وجود مؤسسات الدولة، وبالتالي هناك بعض الجرائم الجنائية، الأمر الذي لا يستدعي الصدام مع الأهالي الذين لديهم ارتباطات عائلية ودينية قوية، واليوم غالبية المجتمع مسلح، ما قد يتسبب بصدامات وسفك دماء، ما يؤثر على علاقة السلطة مع المحافظة، لذلك يعتمد على أدواته من أبناء المحافظة وبعض القيادات الاجتماعية والدينية لتنفيذ سياساته وقراراته".
يشار إلى أن السويداء تعيش حالة عصيان وضحت معالمه منذ عام 2014، حيث يمتنع بها عشرات آلاف الشباب عن الخدمة الإلزامية في القوت النظامية، إضافة إلى منع القوات النظامية وخاصة الأجهزة الأمنية من القيام باعتقالات تعسفية، الأمر الذي تدفع المحافظة ثمنه غاليا من حصار شباب المحافظة في ظل انتشار البطالة والإفقار وغياب التنمية والتهميش وتشويه سمعة أهالي المحافظة محلياً وإقليمياً عبر جرائم الخطف وتهريب المخدرات عبر أراضيها، ما يتسبب بازدياد الاحتقان الشعبي ويجعل أهلها يعيشون على صفيح ساخن قد يتسبب بانفجار أمني بأي وقت.