قدم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتيس، الاثنين، مشاهد عاشتها الخرطوم عقب الانقلاب الذي نفذه الجيش السوداني، متوقعا أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً حول تطورات الوضع في السودان.
وأشار بيرتيس، لـ"العربي الجديد" في نيويورك، إنه لم يلتق أو يكن على اتصال بأي من القادة العسكريين في السودان منذ الانقلاب العسكري في وقت مبكر من يوم الاثنين، وعزا ذلك لانقطاع الإنترنت والخطوط الهاتفية، وتوقع أن يكون له لقاء، ربما خلال الأيام المقبلة، مع مسؤولين عسكريين.
لقاءات مع عسكر السودان
وأكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان أن آخر لقاء له مع أحد القادة العسكريين السودانيين كان بعد ظهر الأحد بتوقيت الخرطوم، وأن آخر لقاء له مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان كان الخميس.
وجاءت تصريحات المسؤول الأممي خلال مؤتمر صحافي عقده من الخرطوم عبر تقنية الفيديو مع الصحافيين المعتمدين في مقر الأمم المتحدة الرئيسي في نيويورك.
وحول لقائه بقائد عسكري سوداني يوم أمس من دون أن يسميه، قال: "في الواقع، تحدثت بالأمس مع قائد عسكري حول الحاجة إلى، أو رغبة الأمم المتحدة، بجلب الأطراف إلى طاولة الحوار. وأشار في رده على سؤالي بأن الجيش سيكون على استعداد للتجاوب مع دعوة للحوار لطاولة (برعاية) الأمم المتحدة، وأن هذا الحوار سيكون أفضل بكثير من عمل عسكري". لكنه أشار أيضًا إلى أن "الجيش قد يتحرك. بالطبع، مثل ما فعل مبعوثون سابقون من قبل، حذرت بشدة من القيام بذلك".
وحول الوضع على الأرض، تحدث عن دعوة عدد من الأحزاب والاتحادات السودانية إلى الخروج للتظاهر ضد الانقلاب، وأكد أنه، وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن الآلاف لبوا تلك الدعوة في الخرطوم ومناطق أخرى، مدينين الانقلاب العسكري، ومطالبين بعودة الحكومة المدنية. وتابع بيرتيس أن بعض المتظاهرين في وقت سابق من اليوم "حاولوا دخول مقر قيادة الجيش هنا في الخرطوم، ثم رأينا بعدها إطلاق نار ومصابين، لكننا لا نستطيع تأكيد أي تفاصيل".
مشاهد من الخرطوم
وذكر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان أن حواجز وضعت في العاصمة الخرطوم تحترق، كما أمكن سماع إطلاق نار متقطع، "وبالتالي هناك خطر أن يقع مزيد من العنف أو الاشتباكات".
وقال إن "هناك تقارير عن إطلاق نار وإصابات، ولكن لا يمكن للأمم المتحدة بعد التأكد من أي من تلك التفاصيل". وقال إنه التقى خلال الأسبوعين الأخيرين مسؤولين عسكريين وممثلين عن الحكومة المدنية. وأضاف "إنني أطالب الجميع اليوم بضبط النفس وأطالب الجيش بالإفراج عن جميع المحتجزين بشكل غير قانوني، وأناشد الأطراف الفاعلة بالعودة إلى الحوار والنظام الدستوري وعدم تعريض وضع السلام الداخلي والانتقال السياسي للخطر".
الوضع الإنساني عقب انقلاب السودان
ورداً على سؤال حول تبعات الانقلاب العسكري على الوضع الاقتصادي والإنساني، قال: "ما زال مبكراً أن نحدد تبعات ذلك على الوضع الاقتصادي. لكن من اللافت للانتباه أن الجنرال (عبد الفتاح) البرهان وفي خطابه اليوم تحدث عن الوضع الاقتصادي المتأزم، الذي تأثر في الأسابيع الماضية بشكل كبير بإغلاق ميناء السودان وبعض الطرق الرئيسية المؤدية إلى الميناء في الخرطوم وبقية البلاد. وسمعنا اليوم، ولا يمكنني التيقن من هذه التفاصيل، أن قادة القبائل التي كانت مبقية على إغلاق الميناء رحبوا بالانقلاب ووعدوا برفع الاغلاق. وقد يؤدي هذا لبعض الانفراج في الوضع الاقتصادي".
وفضل بيرتيس عدم الخوض في قضية ما إذا كان الوضع الحالي قد يتحول إلى حرب أهلية أو موجهات عسكرية، لأن ذلك "سيعني التنبؤ بالمستقبل"، وهو ما لا يمكنه القيام به من موقعه الحالي. وتوقع أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا حول تطورات الوضع في السودان هذا الأسبوع. وأكد بيرتيس أن "وحدة مجلس الأمن وتعبيره عن موقف موحد ضروريان ومهمان، لأن ذلك يؤخذ على محمل الجد من قبل الجهات المختلفة في السودان".
مجلس الأمن وانقلاب السودان
إلى ذلك، يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا مغلقا بشأن السودان بعد ظهر الثلاثاء بناء على طلب ست دول غربية، وفق ما أعلن دبلوماسيون لوكالة "فرانس برس" الاثنين.
وتُعقد هذه الجلسة بطلب من المملكة المتحدة وإيرلندا والنروج والولايات المتحدة وإستونيا وفرنسا، حسب المصادر نفسها.
وقال دبلوماسيون إن أعضاء في مجلس الأمن يعتزمون مطالبة شركائهم بتبني إعلان مشترك، من دون الذهاب إلى حد إدانة الانقلاب، خلافا لما فعله الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على أن يكتفي هذا الإعلان بالتعبير عن قلق مجلس الأمن.
وصرح دبلوماسي لـ"فرانس برس" بأن الهدف هو الحصول على دعم جميع أعضاء المجلس، لكن موافقة روسيا والصين أمر غير مؤكد.
إلى ذلك، كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد دان "الانقلاب العسكري الجاري في السودان"، ودعا إلى إطلاق سراح رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك وبقية المسؤولين في الحكومة السودانية، وعلى الفور.