"مسرحيات إيرانية" وجمهور عربي

01 نوفمبر 2024
تظاهرة في تورنتو الكندية تطالب بوقف الحرب على غزة ولبنان، 20 أكتوبر 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- السياسة الإيرانية في العالم العربي تعتمد على المصالح القومية، بينما تُفسر بعض الظواهر كـ"مسرحيات" لتبرير النكسات العربية، في ظل غياب استراتيجيات عربية فعّالة لمواجهة التحديات.
- الخطاب الشعبوي العربي يُسهّل تجاهل جرائم الاحتلال في فلسطين ولبنان، بينما تُعمّق الصهيونية التشويه الشعبوي، وسط انشغال البعض بخطابات طائفية وشعبوية.
- الدعوات الأوروبية لفرض عقوبات على إسرائيل تُظهر قدرة ماضية على مواجهة الصهيونية، بينما تحتاج الدول العربية لمشاريع حقيقية تتجاوز الأوهام والطائفية لمواجهة التحديات.

قد يضجر البعض إذا ذُكّر بأن أعمدة السياسة الإيرانية في العمق العربي تقوم على المصالح القومية. أما المسائل التي يحبذ بعضهم تداولها تحت يافطة "مسرحيات إيرانية"، فهي تأخذ العقول إلى طائفية تفسير ظواهر نكسات الحالة العربية، في ظل غياب مشاريع مقابلة للمشاريع التي تتلاعب بمصالح شعوبها. في ذروة جرائم الحركة الصهيونية في فلسطين ولبنان، وتوعّدها كل المنطقة، ليس ثمة أسهل من الخطاب الشعبوي العربي. فغياب استراتيجيات عربية مواجِهة للمشاريع والتحديات يُسهّل اعتبار ما يجري مجرد "مسرحيات". وعلى فرض أنها كذلك، فكيف جرت مواجهتها في العقود السابقة لـ"السابع من أكتوبر"؟

رد ما يجري إلى مسرحية تصادم مشروعي إيران والصهيونية، يحشر العرب في مقاعد الفرجة واستهلاك الشعارات، ما يخفف وطأة دموية الاحتلال في فلسطين ولبنان. ولا يألو "مستعربو" الصهيونية جهداً في تعميق التشويه الشعبوي في المنطقة، وسط انشغال البعض بأمراض نخبوية، تمجد أحياناً جرائم الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، وأحياناً أخرى تتصنع في فلسطين "الحياد"، بسبب كراهية إيران.

صحيح أن لا المنطق ولا العقل السليم يقبلان خطاباً شعبوياً، خصوصاً بترويج نظرية المؤامرة الإيرانية-الصهيونية، إلا أن البعض لا يزال يصر على انتهاج سياسة طائفية-شعبوية. ومع أن ما تقدّم لا يصمد أمام الواقع، حيث كل جرائم الحرب الموصوفة، من غزة إلى لبنان، ما عادت خافية، إلا أن الرد على تلك المشاريع لا يكون بغمز ولمز تطبيعي، ولا بتعويل العقل العربي على ما يقدّمه الخارج، مثل انتظار ساكن البيت الأبيض الجديد، في مراهنة ليست جديدة في دنيا العرب. والأمر ينسحب على فشل وعجز عربيين في السودان واليمن وليبيا وسورية، وغيرها.

وفي مقابل ذلك، ثمة من يتجرأ في أوروبا بالدعوة إلى فرض عقوبات ومقاطعة بحق دولة الاحتلال الإسرائيلي، وخصوصاً بسبب حظرها عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". هذه "الأمة" كانت قادرة ذات يوم، حين امتلكت إرادتها، على تصنيف الحركة الصهيونية حركة عنصرية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أن تستسلم لأوهام "السلام مقابل السلام"، بل واعتبار الصهيونية "حليفاً" للبعض. أمام الحالة العربية أسباب متراكمة للتوقف والتفكير ملياً بكوارث الارتهان بمشاريع متنافسة. وليس بالطائفية ولا بالشعبوية تواجَه المشاريع، بل بمشاريع مقابلة تبتعد عن الأوهام التي يتزايد نصيبها كلما تشتد أزمات العرب.

المساهمون