شهدت العاصمة المغربية الرباط، اليوم الأحد، مسيرة حاشدة تضامنا مع الشعب الفلسطيني، وللمطالبة بوقف العدوان والإبادة الجماعية والتطهير العرقي في قطاع غزة، وهي المسيرة الخامسة من نوعها التي تنظم بعد أربع مسيرات نظمت في مدينتي الرباط والدار البيضاء.
ومنذ بدء معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشارك المغاربة بفعاليات تضامنية مع غزة بشكل شبه يومي، كان من أبرزها المسيرة المليونية التي نظمت في 15 من الشهر نفسه بالعاصمة الرباط. في حين تحولت المسيرات والوقفات التي ينظمها المغاربة في مختلف أرجاء البلاد إلى مصدر قلق لدولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ بدأ الإعلام العبري بوصف هذه المسيرات بأنها "معاداة للسامية".
واحتشد آلاف المشاركين في المسيرة التي دعت إليها "الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع" و"مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين" في ساحة "باب الأحد" التاريخية اليوم، قبل أن يسيروا في اتجاه شارع محمد الخامس في قلب العاصمة الرباط، حيث يقع مقر البرلمان المغربي، مرددين هتافات داعمة للشعب الفلسطيني عموماً، وفي قطاع غزة بوجه خاص، وأخرى مطالبة بوقف العدوان والإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتعجيل في إجراءات محكمة العدل الدولية، فضلاً عن المطالبة بإسقاط اتفاقية التطبيع مع دولة الاحتلال وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط فوراً.
منذ بدء معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشارك المغاربة بفعاليات تضامنية مع غزة بشكل شبه يومي
ومن الشعارات التي رفعها المتظاهرون "الشعب يريد تحرير فلسطين"، "تحية مغربية لفلسطين الأبية"، "كلنا فدا فدا لغزة الصامدة"، "هذا عيب هذا عار غزة في خطر"، "يا للعار يا للعار باعوا غزة بالدولار"، "يا قسام يا حبيب دمر دمر تل أبيب"، "شعب الأقصى سير سير حتى النصر والتحرير"، "فلسطين عربية إسرائيل إرهابية"، "إدانة شعبية لأميركا الإرهابية"، و"الشعب يريد إسقاط التطبيع".
كما أحرق المشاركون في المسيرة العلم الإسرائيلي، ورفعوا، في المقابل، الأعلام الفلسطينية والمغربية، ولافتات كتب عليها "الشعب المغربي يطالب بحل مجموعة البرلمانية الإسرائيلية المغربية.. التطبيع جريمة خيانة"، و"الشعب المغربي مع المقاومة الفلسطينية ضد حرب الإبادة الجماعية والحصار الجائر.. من أجل إسقاط التطبيع"، و"الشعب المغربي بصوت واحد: أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة.. أوقفوا تطبيع الدولة المغربية مع الكيان الصهيوني".
وعرفت المسيرة مشاركة العديد من الجمعيات والهيئات المدنية والسياسية، إضافة إلى وجوه بارزة من القيادات اليسارية والإسلامية والحقوقية، من بينهم أمين عام "الحزب الاشتراكي الموحد" جمال العسري، والوزير السابق إدريس الأزمي الإدريسي، والحقوقي ونقيب المحامين السابق عبد الرحمن بنعمرو، والناشط في مجال دعم فلسطين خالد السفياني، فضلا على قيادات من "حركة التوحيد والإصلاح" (مرجعية إسلامية) مثل رئيس الحركة أوس رمال، وعضو المكتب التنفيذي عبد الرحيم الشيخي، والقيادي في جماعة "العدل والإحسان"( أكبر تنظيم إسلامي غير معترف به) حسن بناجح، والناشط اليهودي المغربي ضد الصهيونية سيون أسيدون.
ولم تمنع المسافات البعيدة آلاف المواطنين من أن يأتوا من مختلف أنحاء المغرب على متن الحافلات والسيارات الجماعية والخاصة للمشاركة في مسيرة الأحد.
رسائل عدة لتظاهرات المغرب
وقال عضو المكتب المركزي لـ"الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة"، محمد الرياحي، لـ"العربي الجديد"، إن المسيرة الجديدة للشعب المغربي تهدف إلى بعث رسائل عدة، أولها "إظهار الإجماع الوطني في دعم القضية الفلسطينية ومساندة أهل غزة، وذلك من خلال انخراط جل الهيئات المغربية المعروفة بتضامنها مع فلسطين. وهذا ما يميز المغاربة، في كون القضية الفلسطينية موحدة للمغاربة بالرغم من بعض الاختلافات والاجتهادات في المجال السياسي والتدافعي".
وثانيها الرسائل، حسب الرياحي، أن مسيرة 11 فبراير / شباط الحالي هي "إعلان الاستمرار في الدعم الشعبي والحراك التضامني المغربي الذي انطلق منذ السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي، ولم يتوقف في جميع مدن وقرى المغرب عبر وقفات ومسيرات كثيرة جدا، وبمشاركة لمختلف الحيثيات والشرائح".
وتكمن ثالث الرسائل، وفق الرياحي، في كون المسيرة هي "رسالة ضغط واحتجاج على المجتمع الدولي الصامت والخانع، بل والمتواطئ أحيانا كثيرة، وهي مطالبة من الدول العربية والمغرب كي يتخذ مواقف واضحة منحازة للفلسطينيين".
أما رابع الرسائل، فيتمثل في كون المسيرة هي "استفتاء شعبي على الرفض الكبير لاتفاقية التطبيع المشؤومة، ولما تبعها من اتفاقيات همت مجموعة من المجالات، وبالتالي المسيرة تأكيد على الرفض المطلق لكل تنسيق أو تواصل مع الكيان ورموزه الملطخة يداه بدماء الشهداء. كما تعتبر المسيرة الشعبية بالرباط هي رسالة تضامن ودعم ومؤازرة للمقاومة ولحاضنتها الشعبية".