دعت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس، اليوم السبت، ضمن مسيرة حاشدة انطلقت من ساحة العملة إلى شارع بورقيبة، باقي القوى الديمقراطية، إلى وضع اليد في اليد لـ"إنقاذ الديمقراطية المغدورة ووضع حد للانقلاب"، مشددة على أن "عديد المكاسب مهددة وقيس سعيد بصدد الانفراد بالسلطة، ولكنه في مأزق وأمام أزمة سياسية خانقة ومعارضة قوية".
ورفعت عدة شعارات خلال المسيرة مثل "الشعب يريد إسقاط الانقلاب" و"ارحل ارحل سعيد"، و"مقاطعة مقاطعة" و"الشعب يريد عزل الرئيس".
وقال رئيس جبهة الخلاص، أحمد نجيب الشابي، في كلمة له إن "على تونس أن تعود للشرعية، وإن الأزمة لم تعد تشمل القوى السياسية فقط بل طاولت الجميع دون استثناء"، مبينا أن "التحقيقات التي فتحت مؤخرا حول قائمة الـ25 تؤكد وجود اختراق في رئاسة الجمهورية، وإن تابعين لسعيد ومستشارين له تولوا نقل تقارير سياسية وطبية وتسريبها للخارج، وإن هناك دورا خارجيا في انقلاب 25 يوليو وهو ما يعد فضيحة".
وبين الشابي أنه "طيلة 10 سنوات كانت تونس تعيش في دولة ديمقراطية رغم أن البعض يلقبها بالعشرية السوداء، صحيح أن هناك نقدا للأداء الحكومي وللوضع الاقتصادي والاجتماعي، ولكن كانت هناك ديمقراطية وحرية تعبير، وهذا لا ينكره أحد ولكن اليوم هناك دكتاتورية تزحف ولم تتحسن الظروف الاقتصادية بل زادت تدهورا".
وأوضح رئيس الجبهة المعارضة أن "تونس تحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان وهي تعيش أسوأ فترة في تاريخها، لم تعرفها في عهد الراحل الحبيب بورقيبة ولا مع بن علي، بسبب ملاحقة وتتبع البرلمانيين وقمع الحريات، ومحاكمات النواب والسياسيين والصحافيين".
وشدد على أن لهم اليوم "خصما وحيدًا هو الانقلاب".
وأشار الشابي إلى أن "الجبهة صامدة وقادرة على التعبئة، وأيديهم مفتوحة للجميع لكن للأسف بعض القوى المعارضة سقطت في امتحان الديمقراطية".
ولفت إلى أنه "رغم التنازلات العديدة التي قدمتها الجبهة لهم كتغيير يوم الاحتجاج وعدم إلقاء كلمات استجابة لما طلبته أحزاب الخماسي الديمقراطي، إلا أن هذه الأحزاب المعارضة انسحبت من المسيرة"، موضحا "أنهم لا يفكرون في انتخابات قادمة لأن الانقلاب يقف أمام الجميع، ويجب أن يكونوا يدا واحدة لعودة الديمقراطية".
تجدر الإشارة إلى أن أحزاب التيار الديمقراطي والتكتل والجمهوري والعمال والقطب، تراجعت مساء أمس الجمعة عن تنظيم مسيرة احتجاجية كانت قد أعلنت عنها اليوم السبت، دون أن توضح الأسباب، وهو ما أثار ردود فعل حول هذا القرار.
في المقابل، أعلنت حركة "عازمون" عن مشاركتها في المسيرة اليوم، فيما دعت "الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية"، التونسيين والقوى المدنية والسياسية، إلى المشاركة بكثافة في المسيرات المبرمجة اليوم "احتجاجًا على نظام حكم الفرد الواحد الذي أرساه رئيس الدولة وعلى الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان واستفحال التضخم وتأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ورفضًا للمسار الانتخابي الزائف، ومطالبة بالعودة لإرساء نظام ديمقراطي يحفظ كرامة الشعب ويحمي حقوقه".
أهمية مسيرة اليوم
إلى ذلك، بيّن الشابي أن" الانتخابات ستفرز مجلسا عديم الصلاحيات، ومشهدا دون توازن بين السلطات، وبرلمانا لا يختص بأي تشريع بينما لسعيد كل الصلاحيات لوضع ما يريده، بعد أن داس على الدستور والديمقراطية".
وأوضح الشابي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "ما يختلف في مسيرة اليوم عن بقية المسيرات أن هذه المسيرة هي تراكم لمسيرات وتحركات سابقة، إذ يتم البناء شيئا فشيئا إلى حين إسقاط الانقلاب واستكمال الديمقراطية"، مضيفا أنهم"سيواصلون التحركات حتى بعد الانتخابات التشريعية وسينظمون مسيرة يوم 14 يناير في ذكرى الثورة".
من جهته، قال عضو جبهة الخلاص، جوهر بن مبارك في تصريح لـ"العربي الجديد " إن "الجبهة مستمرة في نفس الخط وهو المقاومة السلمية، من أجل فرض العودة إلى المسار الديمقراطي حتى تعود الديمقراطية، وهناك وعي متزايد من التونسيين بأن قيس يقودهم إلى مسار خاطئ، وأنه هو المشكل وليس الحل"، مضيفا أنه "في اليوم العالمي لحقوق الإنسان تعيش تونس على وقع الانقلاب، والحريات تضيق شيئا فشيئا"، مشيرا إلى أن "هناك رفضا لجميع المسار الذي قاده قيس سعيد".
بدورها، ترى نائب رئيس البرلمان، سميرة الشواشي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "هذه المسيرة "تأتي للتأكيد على حق التونسي في مؤسسات شرعية، والتونسي اليوم يرفض العودة إلى مربع الدكتاتورية"، مؤكدة أن "جمهور جبهة الخلاص وقياداتها تؤكد اليوم أن الانتخابات باطلة ومرفوضة".
وأضافت أن "رسالتهم للانقلاب هي الرحيل بعد أن تم الوصول إلى طريق مسدود من العبث، وأن رسالتهم للداخل والخارج هي أن نضالهم السلمي متواصل".
سعيد يقود البلاد للهاوية، ولا يطبق القانون وما تم التعهد به إبان الثورة
وبيّن محتج من أنصار حركة النهضة يدعى عبد اللطيف الوسلاتي، أنه "قضى 17 سنة في السجن ومستعد لمزيد النضال من أجل الديمقراطية"، مضيفا في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "سعيد يقود البلاد للهاوية، ولا يطبق القانون وما تم التعهد به إبان الثورة"، مشيرا إلى أنه "إذا كان سعيد متشبثا بموقفه فهم أيضا ثابتون على مواقفهم".
وبعد انتهاء الاجتماع الشعبي تحولت قيادات الجبهة إلى حلقات نقاش مع المتظاهرين في شارع بورقيبة، وسط تأكيد واضح على ضرورة مواصلة الحراك الشعبي في بقية ولايات وجهات البلاد، بينما شهد وسط العاصمة تعزيزات أمنية.