مشاركة واسعة في الانتخابات التشريعية الفرنسية.. نسبة ستناهز 67.5%

30 يونيو 2024
فرنسيون يصطفون للتصويت في إحدى دوائر باريس، 30 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، شهدت نسبة مشاركة مرتفعة بلغت 59.39% بحلول الساعة 17:00، مما يعكس إقبالاً كثيفاً ورغبة في التأثير على مستقبل البلاد، مع توقعات بتقدم اليمين المتطرف.
- الرئيس ماكرون ومارين لوبان أدليا بأصواتهما مبكراً، فيما يعبر الناخبون والسياسيون عن مشاعر مختلطة من القلق والتفاؤل تجاه الانتخابات التي قد تغير مسار السياسة الفرنسية.
- استطلاعات الرأي تظهر تقدم حزب التجمع الوطني بقيادة جوردان بارديلا، ما ينذر بإمكانية تشكيل حكومة يمين متطرف لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، مع ترقب لتوجيهات ماكرون لمواجهة هذا التحدي.

توقع معهد إيبسوس لاستطلاعات الرأي أن تناهز نسبة المشاركة في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية 67.5%. وتوجه الفرنسيون بكثافة إلى مراكز الاقتراع، اليوم الأحد، في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية التي يواجه الناخبون فيها خياراً تاريخياً، إذ قد تفتح الطريق أمام اليمين المتطرف للوصول إلى السلطة بعد أسبوع.

وفي الساعة 17:00 (15:00 بتوقيت غرينتش)، بلغت هذه النسبة 59.39% بزيادة عشرين نقطة عن نظيرتها في الساعة نفسها في الدورة الأولى من انتخابات 2022، وفق ما أفادت به وزارة الداخلية الفرنسية في وقت سابق. وهي أيضاً النسبة الأعلى منذ الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية عام 1978، باستثناء اقتراع 1986 الذي جرى وفق النظام النسبي وعلى دورة واحدة. وتستمر عمليات التصويت حتى الساعة 18:00 (16:00 بتوقيت غرينتش) وصولاً إلى الساعة 20:00 في المدن الكبرى، على أن تظهر عندها النتائج الأولية لهذا الاستحقاق.

وفي مكاتب الاقتراع، لم يخف عدد كبير من الناخبين قلقهم حيال هذه الانتخابات المبكرة التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون في التاسع من يونيو/ حزيران الفائت. وقالت روكسان لوبران (40 عاماً) في بوردو (جنوب غرب): "أود أن أستعيد الهدوء لأن كل شيء اتخذ منحى مقلقاً منذ الانتخابات الأوروبية".

وفي أحياء شمال مدينة مرسيليا على البحر المتوسط التي تضم عدداً كبيراً من السكان من أصول مهاجرة، قرر نبيل أغيني (40 عاماً) أن يدلي بصوته رغم عدم مشاركته في الانتخابات الأوروبية، وقال: "ما دام الخيار متاحاً، الأفضل الذهاب للتصويت".

وبادر العديد من السياسيين إلى الإدلاء بأصواتهم صباحاً. وقام الرئيس ماكرون بذلك في توكيه (شمال غرب)، فيما صوتت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في هينان-بومون في الشمال. ويدلي رئيس الوزراء غابريال أتال بتصريح في المقر العام للحزب الرئاسي "النهضة" بعد الساعة 20:00 (18:00 توقيت غرينتش)، بحسب أوساطه.

ويحظى حزب التجمع الوطني برئاسة جوردان بارديلا (28 عاماً) بـ34 إلى 37% من نوايا الأصوات في استطلاعات الرأي، ما قد يفضي إلى سيناريو غير مسبوق مع حصوله على غالبية نسبية أو مطلقة بعد الدورة الثانية في السابع من يوليو/ تموز الحالي.

وتشير استطلاعات الرأي، التي يترتب النظر إليها بحذر نظراً لضبابية الوضع، إلى أن التجمع الوطني يتقدم على تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري الذي يجمع ما بين 27,5 و29% من نوايا الأصوات، والغالبية الرئاسية الحالية من وسط اليمين التي تحصل على 20 إلى 21%.

جمعية وطنية متعثرة

في حال وصل بارديلا إلى رئاسة الحكومة، فستكون هذه المرة الأولى التي تحكم فيها فرنسا حكومة منبثقة من اليمين المتطرف منذ الحرب العالمية الثانية. وخلاف ذلك، ثمة خطر حقيقي يكمن في أن تكون لفرنسا جمعية وطنية متعثرة من دون احتمال تشكيل تحالفات بين معسكرات شديدة الاستقطاب، وهو ما يهدد بإدخال فرنسا في المجهول.

وأحدث الرئيس إيمانويل ماكرون زلزالاً سياسياً حقيقياً في التاسع من يونيو/حزيران الفائت، حين أعلن، فور تبين فشل تكتله في انتخابات البرلمان الأوروبي، حلّ الجمعية الوطنية، في رهان محفوف بالمخاطر كان له وقع الصدمة في فرنسا والخارج. ورغم تبايناته الداخلية، نجح اليسار خلال الأيام التالية في بناء ائتلاف. لكن الخلافات بين حزب "فرنسا الأبيّة" اليساري الراديكالي وشركائه الاشتراكيين والبيئيين والشيوعيين، لا سيما حول شخص زعيمه جان لوك ميلانشون، المرشح السابق للرئاسة، سرعان ما ظهر مجدداً، وغالباً ما ألقى بظلّه على حملة التكتل.

في هذه الأثناء، واصل التجمع الوطني زخمه في حملة ركّزها على القدرة الشرائية وموضوع الهجرة، من غير أن تتأثّر لا بالغموض حول طرحه إلغاء إصلاح نظام التقاعد الذي أقره ماكرون، ولا بالسجال الذي أثارته طروحاته حول إقصاء مزدوجي الجنسية من "الوظائف الاستراتيجية" ولا بالتصريحات الجدلية الصادرة عن مرشحين من صفوفه.

وقد يكون من الصعب استخلاص العبر من الدورة الأولى لارتباطها بعوامل كثيرة غير محسومة. وفي طليعة هذه العوامل، الارتفاع الكبير المرتقب في عدد الدوائر التي سيتأهل فيها ثلاثة مرشحين للدورة الثانية، وعدد المرشحين الذين سينسحبون خلال فترة ما بين الدورتين، في حين تراجع على مرّ السنوات الاندفاع إلى تشكيل "جبهة جمهورية" تقف بوجه اليمين المتطرف.

"وضوح تام" في تعليمات التصويت للدورة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية

ويواجه معسكر الغالبية الرئاسية الحالية أكبر قدر من الضغوط، بعدما انتخب ماكرون رئيسا في 2017 و2022 متحصّناً بضرورة تشكيل حاجز أمام اليمين المتطرف. ووعد، الخميس، بـ"بوضوح تام" في تعليمات التصويت للدورة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية في حال المنازلة بين الجبهة الوطنية واليسار، لكنه كان حتى الآن يبدي ميلاً بالأحرى إلى نهج "لا للجبهة الشعبية ولا لفرنسا الأبية"، الذي يقابَل بتنديد من اليسار وانتقادات حتى داخل تكتله. ومن المقرر أن يجمع ظهر غدٍ الاثنين رئيس الوزراء غابريال أتال وأعضاء حكومته في قصر الإليزيه لبحث مسألة انسحاب مرشحين والاستراتيجية الواجب اعتمادها بوجه التجمع الوطني.

وتجرى هذه الانتخابات بعد سنتين لم يكن خلالهما للتكتل الرئاسي سوى غالبية نسبية في الجمعية الوطنية، ما أرغم الماكرونيين على البحث عن حلفاء كلّما أرادوا طرح نصّ، أو حتى استخدام بند في الدستور سمح لهم بتمرير الميزانيات وإصلاح النظام التقاعدي من دون عمليات تصويت. ومع فوز التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية بحصوله على 31,4% من الأصوات مقابل 14,6% للمعسكر الماكروني، تسارعت الأحداث دافعة الرئيس إلى اتخاذ خيارات تضعه أمام سيناريو "تعايش" مع بارديلا.

وعرفت فرنسا في تاريخها الحديث ثلاث فترات من التعايش بين رئيس وحكومة من توجهات مختلفة، في عهد فرنسوا ميتران (1986-1988 و1993-1995) وفي عهد جاك شيراك (1997-2002).

(فرانس برس)

المساهمون