انطلقت أمس في القاهرة "المشاورات الاستكشافية" بين مصر وتركيا لتلمس سبل عودة العلاقات الطبيعية بشكل كامل بينهما، حيث وصل الوفد التركي الأول من نوعه منذ 2013، ويضم ثلاثة أشخاص، يتقدمهم نائب وزير الخارجية سادات أونال، إلى مطار القاهرة، وكان في استقباله بعض قيادات وزارة الخارجية المصرية والقائم بأعمال السفارة التركية بالقاهرة مصطفى كمال الدين.
وعقد الاجتماع الدبلوماسي الرئيسي، الذي استغرق ساعتين، في ديوان وزارة الخارجية المصرية، ظهر أمس، حيث ترأس الجانب المصري نائب وزير الخارجية حمدي سند لوزا. كما عقد اجتماع آخر بصيغة استخباراتية، واجتماع ودي آخر على مائدة إفطار، حسب مصادر دبلوماسية مصرية، أوضحت أنه سيعقد اجتماع ثانٍ صباح اليوم، الخميس، بديوان الخارجية، وأن الوفد التركي سيغادر صباح غد، الجمعة.
انتقدت تركيا استمرار الهجوم الإعلامي المصري على سياساتها
وأوضحت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن أجواء الاجتماع الأول والساعات السابقة عليه خلال الاتصالات واللقاءات الشخصية "كانت إيجابية"، لكنها لم تخل من ملاحظات سلبية من كلا الطرفين على الأداء الإعلامي تجاه بعضهما بعضاً، خاصة في الأسابيع الأخيرة، حيث احتج الجانب المصري بشكل واضح على تصريحات مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي، التي انتقد فيها إعدام عدد من المتهمين المدانين في قضية اقتحام قسم كرداسة، ووصفها بأنها "تهدف لمغازلة الإسلاميين المعارضين أيديولوجيا"، وأن تكرار مثل هذه التصريحات سيبطئ جهود تطبيع العلاقات.
ومن ناحيته، انتقد الجانب التركي استمرار الهجوم الإعلامي المصري على سياسات أنقرة، رغم تراجعه الكمي بشكل واضح في الشهرين الأخيرين. كما تلقت القاهرة مطالب بأن يعبر الإعلام المصري بشكل واضح عن تطور المشاورات بين البلدين، لتفنيد المعلومات غير الصحيحة والمغلوطة التي تنتشر في الإعلام الإماراتي والسعودي عن تعثر المشاورات، وظهور مشاكل مستجدة على الصعيدين الأمني والسياسي.
وأوضحت المصادر أن إصدار وزارة الخارجية بياناً عن اللقاء جاء في هذا الصدد، بعدما كان قرار المخابرات العامة، بصفتها المسؤول الأول عن الملف، يتجه إلى عدم الإعلان، وترك الجانب التركي يتحدث وحيداً عن المفاوضات، كما حدث خلال الشهرين السابقين، إلى حد إصدار تعليمات للصحف الموالية للنظام بعدم نشر بيان عن التقارب أصدره وزير الدولة للإعلام المستقيل أسامة هيكل.
أما بشأن محتوى النقاشات، فذكرت المصادر أنها تركزت حول مستقبل العلاقات بين البلدين، والشروط المصرية لتطبيعها في المجالات كافة، خاصة الأمنية والاقتصادية، والمطالب التركية، والملف الليبي، والضمانات التي تكفي القاهرة على الصعيدين الثنائي والإقليمي، وبصفة خاصة عدم التدخل في الشؤون المحلية المصرية، ووقف الهجوم الإعلامي من القنوات المصرية في تركيا.
تركزت النقاشات حول الشروط المصرية لتطبيع العلاقات والمطالب التركية وليبيا
وأضافت المصادر أن المفاوضات استأنفت النقاش حول مطلب المصريين بانسحاب شامل للأتراك من ليبيا، ولانتزاع تعهدات من أنقرة بعدم التدخل العسكري مرة أخرى في الشأن الليبي، مقابل تنسيق الجهود المصرية التركية لدعم سلطة سياسية في ليبيا ترعى مصالح الطرفين. وأشارت إلى أن المباحثات تطرقت أيضاً إلى خلاف حول مطالبة مصر بتسليم شخصيات بعينها من المعارضين المقيمين في تركيا، لكن أنقرة تعارض هذا التوجه من حيث المبدأ. بينما أكدت مصر أنها ليست معنية باسترداد جميع المعارضين المقيمين في الخارج، سواء بتركيا أو غيرها، بل باسترداد بعضهم فقط، بحجة أهميتهم لمجريات تحقيقات قضائية.
وتطرقت المباحثات إلى ملف التعاون المحتمل في مجال الغاز، حيث قالت المصادر إن مصر لا تمانع انضمام تركيا إلى منتدى شرق المتوسط، لكنها من ناحيتها تضع لذلك بعض الشروط، لكن المناقشة الفنية لتلك المواضيع مؤجلة إلى حين الاتفاق على البنود الأكثر أهمية، والخاصة بالعلاقات المباشرة بين البلدين.