مشروع قانون لتجنيس أبناء وأحفاد اليهود يثير شكوك مناهضي التطبيع في المغرب

15 أكتوبر 2024
جلسة في البرلمان المغربي (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مقترح منح الجنسية المغربية لليهود المغاربة وأحفادهم: يهدف إلى تمكينهم من حقوقهم الدستورية والسياسية والدينية، استجابة لمعاناتهم من فقدان الجنسية بسبب عوامل تاريخية وسياسية.

- ردود الفعل المتباينة: أثار المقترح جدلاً بين مؤيديه ومعارضيه؛ حيث يراه البعض خطوة لاستعادة الحقوق، بينما يعتبره آخرون تمييزًا دينيًا. رفض رئيس الطائفة اليهودية بجهة مراكش-آسفي المقترح، مؤكدًا عدم حرمان القوانين الحالية لأي مغربي من الجنسية.

- الجدل حول التطبيع والهوية الوطنية: يعكس المقترح توترات حول التطبيع مع إسرائيل، ويعتبره البعض محاولة لاختراق رفض الشعب المغربي للعلاقات مع الكيان الصهيوني، مطالبين بإنهاء التطبيع لحماية سمعة المغرب.

أثار إعلان الحكومة المغربية، السبت الماضي، تلقيها مقترحاً في مجال التشريع موجهاً إلى رئيس مجلس النواب يقضي بمنح الجنسية لأبناء وأحفاد المواطنين اليهود، شكوكاً بين مناهضي التطبيع. وينص الملتمس التشريعي على "منح الجنسية المغربية لجميع أبناء وأحفاد اليهود المغاربة، وذلك لتمتيعهم بحقهم في رابطتهم بأمير المؤمنين حفظه الله، كما بباقي حقوقهم الدستورية، والسياسية، والدينية، والثقافية، والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، كما لإنهاء معاناتهم، وصيانة حقوقهم، وإدماجهم".

وأشار مؤيدو هذه الخطوة إلى أن مطلبهم بمنح الجنسية المغربية لجميع أبناء وأحفاد اليهود المغاربة يأتي بسبب معاناة اليهود المغاربة من فقدان الجنسية المترتب عن النسب، وهو ما تواصل لأجيال لأسباب "قاهرة وخارجة عن إرادتهم، ومتجاوزة لظروفهم".

ويقول الملتمس إن من الأسباب التي أفقدت اليهود جنسيتهم المغربية "بُعد مسافة دول الإقامة عن المغرب، وصعوبة السفر، وصعوبات أخرى مرتبطة أساساً بالوضعية السياسية والأمنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية ببلدان الإقامة، سواء تجاه الجالية اليهودية عامة، والجالية اليهودية المغربية خاصة، مما أثر برابطتهم القانونية تجاه وطنهم المغرب، وبحقوقهم وحقوق أسلافهم القانونية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والروحية".

ويُقصد باليهود المغاربة الذين تسعى المبادرة لمنحهم الجنسية المغربية "اليهود المسجلون في السجلات والإحصاءات التابعة للمؤسسات العمومية، وسجلات الإحصاءات بالمعابد والمصليات الخاصة باليهود المغاربة، في المغرب أو خارجه، المصادق عليها من طرف وزارتي الداخلية والعدل المغربية وهيئة الطائفة اليهودية المغربية بالمغرب"، وفق الملتمس.

وطالب المتقدمون بالطلب، أن تكون اللغة العبرية إضافة إلى اللغة العربية والأمازيغية لغة التواصل مع الفئات المحددة بهذا القانون، كما تشمل جوانب أخرى تتجاوز الجنسية، إلى إلزام الدولة بالعمل على حماية الجالية اليهودية المغربية ومصالحها من أي تمييز أو استهداف أو اعتداء يطاولها، بسبب دينها أو هويتها، في المغرب، وتعمل مع دول الإقامة لحمايتهم خارج المغرب. كما تشمل المطالب "عمل الدولة مع باقي الفاعلين على استرجاع الحقوق الاقتصادية والمالية والثقافية وغيرها للجالية اليهودية المغربية التي تم الإضرار بها وبمصالحها عند مغادرتهم المغرب جماعة".

وطبقاً لمقتضيات القانون رقم 64.14 بتحديد شروط وكيفيات تقديم الملتمسات في مجال التشريع كما تم تعديله، يمكن لكل مواطن أو مجموعة أو تنظيم تقديم طلبات للحكومة، أو اقتراحات تشريع في البرلمان في كل موضوع وجزء من سياسة الحوار المباشر بين الدولة والمواطن. ولكن حتى يوافق البرلمان على مناقشة الطلب، على مقدّمه أن يجمع توقيع 20 ألف مواطن يؤيدون هذا الطلب.

وإلى حدود الساعة، وقع على الملتمس 18 مواطناً مغربياً فقط، في حين تبدو مهمة إقراره مستحيلة في ظل المعارضة الشديدة حتى في أوساط الطائفة اليهودية، حيث كان لافتاً إعلان رئيس الطائفة اليهودية المغربية بجهة مراكش-آسفي، جاكي كادوش، رفضه الملتمس التشريعي، مؤكداً، في تصريحات صحافية، أنّ "القوانين المغربية الحالية لا تحرم أي مغربي، سواء كان يهودياً أو مسلماً، لديه القدرة على إثبات أصوله الوطنية، من الحصول على الجنسية"، مشدداً على أنّ "ملتمساً تشريعياً من هذا النوع يحمل نزعة طائفية، فليس مقبولاً أن نسمح بالدعوة إلى تمييز تشريعي على أساس الدين".

إلى ذلك، أعرب رئيس "المرصد المغربي لمناهضة التطبيع" أحمد ويحمان، في حديث مع "العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، عن اعتقاده في أنّ الملتمس "هو محاولة من الصهاينة، في الكيان وهنا (في المغرب) من خلال أدواتهم المعزولة والمنبوذة في المجتمع، اختراق رفض للشعب المغربي المطلق لهم ولأية علاقة معهم". وأوضح أنّ تجنيس أبناء وأحفاد اليهود المغاربة في المهجر "لا يطرح أي مشكل لمن يثبت صحة روابطه القانونية بالمغرب، وفق قانون الجنسية وغيرها من القوانين ومقتضيات ضمان حقوق المواطنة بموجب الدستور المغربي والمواثيق الدولية".

وأضاف أنّ "اليهود من أصل مغربي في كيان الاحتلال بفلسطين المحتلة، هم مجرمون قتلة باعتبار خضوعهم للتجنيد والخدمة العسكرية في جيش الحرب الصهيوني المسؤول عن المجازر بحق الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل في فلسطين ولبنان وسورية ومصر والأردن والسودان، وبحق الشعب المغربي والمغاربة الفلسطينيين الذين هدموا حياً كاملاً (حارة المغاربة) على رؤوسهم فقتلوا وشردوا، وكذلك بحق مجموعة من الأطفال المغاربة حديثاً في المجازر الأخيرة بغزة".

وتابع: "هؤلاء المسؤولون عن جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والفصل العنصري وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والعدوان؛ وهي الجرائم الوحشية التي يتابعها العالم كله، بالمباشر على الفضائيات، منذ سنة، يوماً بيوم وساعة بساعة، والتي تحصد آلاف الأبرياء في فلسطين ولبنان... هؤلاء مكانهم الوحيد هي العدالة لتقول فيهم كلمتها". 

من جهته، وصف المكلف بملف التطبيع في "الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة" (غير حكومية)، سعيد مولاي تاج، الملتمس بـ"المشبوه والملغوم"، وبأنه "بالون اختبار لجس نبض الفرق البرلمانية في المغرب ومعها الشارع المغربي عموماً"، موضحاً أن ذلك يأتي "في وقت يلح فيه الشارع المغربي من خلال مسيرته المليونية وحركته الاحتجاجية اليومية والدائمة على مدار 375 يوماً، بمشاركة كل قواه الحية على رفض مسلسل التطبيع، ويوجه الدعوة تلو الأخرى في كل فرصة إلى عقلاء المخزن للخروج من هذه الورطة والمستنقع، التي أضرت كثيراً بسمعة المغرب وصورته".

واعتبر أنّ مقترح الجنسية "ليس أمراً مستغرباً من مرتزقة التيار المطبع/المتصهين الذين يستغلون أية فرصة لتقديم الخدمات المجانية للعدو الصهيوني، فهم طابوره الخامس بيننا للأسف، فالخطوة خطوة تمييزية وغير دستورية، كما قال حتى بعض اليهود المغاربة مثل جاكي كادوش، رئيس الطائفة اليهودية المغربية بجهة مراكش-آسفي"، وفق قوله.

ورأى أنّ "الخطوة تعني إنقاذ عدد من مجرمي الحرب من الصهاينة من ذوي الأصول المغربية للإفلات من العقاب، بتوفير غطاء لهم وتذويبهم في النسيج الاجتماعي المغربي، أو توفير وطن بديل لهم في ظل الهزائم التي يتعرض لها الصهاينة وما نتج عنها من هجرات معاكسة تشير بعض التقديرات إلى أنها تجاوزت نصف المليون في صفوف الأشكناز والسفارديم".