محكمة مصرية تتنحى عن قضية "الاتجار بالآثار".. اسم السفير الإماراتي وقيادات عسكرية مدرجة رسمياً في التحقيق

21 ديسمبر 2021
مخاوف من تحول القضية لفضيحة سياسية بعد ورود اسم الشامسي (فيسبوك)
+ الخط -

قررت الدائرة السادسة عشرة في محكمة جنايات القاهرة المصرية، برئاسة المستشار عبد السلام يونس، اليوم الثلاثاء، التنحي عن نظر القضية المعروفة إعلامياً بـ"الاتجار في الآثار"، المتهم فيها رجل الأعمال، حسن راتب، ونائب البرلمان السابق علاء حسانين، و21 آخرون، بـ"تشكيل عصابة للاتجار في الآثار، وتمويل عمليات التنقيب عنها في منطقة مصر القديمة بالقاهرة، وحيازة كمية كبيرة من الآثار التي تعود إلى عصور مختلفة، تمهيداً لبيعها وتهريبها خارج البلاد".

وقررت المحكمة إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف لتحديد دائرة جنايات أخرى لنظرها بدعوى "استشعارها الحرج"، في وقت حصل فيه "العربي الجديد" على معلومات موثقة من أكثر من مصدر، بشأن ورود اسم سفير الإمارات لدى القاهرة، حمد سعيد الشامسي، بشكل رسمي في أوراق القضية، بالإضافة إلى قيادات عسكرية مصرية بارزة، منها مدير جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع اللواء مصطفى أمين.

وحدد قانون المرافعات المصري الحالات التي يتنحى فيها رئيس الدائرة عن نظر إحدى القضايا لاستشعاره الحرج، وهي "إذا كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم حتى الدرجة الرابعة، وإذا كان له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الخصوم في الدعوى أو مع زوجته، وإذا كان وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية، أو وصياً عليه أو قيماً، أو مظنونة وراثته له، أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة للدرجة الرابعة بوصي أحد الخصوم، أو بالقيم عليه، أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المختصمة، أو بأحد مديريها، وكان لهذا العضو أو المدير مصلحة شخصية في الدعوى".

كما يتنحى القاضي إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب، أو لمن يكون هو وكيلاً عنه، أو وصياً أو قيماً عليه، مصلحة في الدعوى القائمة، وإذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى، أو كتب فيها، ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً، أو كان قد أدى شهادة فيها. في حين لم يُلزم القانون القضاة بذكر أسباب استشعار الحرج والتنحي عن نظر القضايا.

وكان "العربي الجديد"، قد حصل على معلومات خاصة، من مصادر قانونية، وقضائية، نشرت في 30 يونيو/حزيران الماضي، بأنّ التحقيقات حملت مفاجآت عدة، من بينها أنّ حسانين كان قد أوهم عدداً من الشخصيات السياسية ورجال الأعمال المشهورين بقدرته على توظيف الأموال في مجالات مختلفة.

وحصل جرّاء ذلك على عشرات ملايين الجنيهات منهم على مدار أربعة أعوام على الأقل، واستخدمها في التنقيب عن الآثار والاتجار فيها داخل البلاد وخارجها. وكان يرد للممولين أموالهم مضافة إليها نسبة ربح عالية، مما أغرى شخصيات أخرى بإعطائه أموالها لتوظيفها.

القبض على عصابة "نائب العفاريت" في مصر

وأشارت المصادر إلى أنّ بعض هؤلاء الأشخاص، ومنهم راتب، عرفوا بطبيعة نشاط التوظيف الذي يمارسه حسانين في وقت سابق، وأنّ هناك سياسيَين نافذيَن لدى أجهزة الدولة، ورد ذكرهما في التحقيقات، باعتبارهما ممن موّلوا، بعلم أو من دون علم، نشاط حسانين في التنقيب عن الآثار والاتجار. وتوضح المصادر أن حسانين تعمّد في التحقيقات ذكر أسماء شهيرة كممولين أو متعاونين معه.

ولفتت المصادر، حينها، إلى أنّ جهات التحقيق ستستجوب جميع الأشخاص الذين ذكرهم حسانين، للتأكد من مدى معرفتهم بطبيعة نشاطه أو جهلهم بذلك، مرجحة أن يكون "سؤال السياسيَين الشهيريَن اللذين ورد اسمهما في التحقيقات، نقطة مفصلية في مسار القضية. بالتالي إما أن توجه لهما أصابع الاتهام لتتحول القضية إلى فضيحة سياسية كبيرة، أو يتم وقف التحقيقات عند هذا الحد والاكتفاء بمحاكمة حسانين وأفراد عصابته وحسن راتب فقط".

راتب يمول والشامسي يهرّب

وفي تدوينة حذفها لاحقاً، قال السفير المصري السابق لدى الدوحة، محمد مرسي، عبر صفحته بموقع "فيسبوك"، يوم الجمعة الماضي، إنّ "التحقيقات مع حسن راتب، وشريكه النائب السابق علاء حسانين، كشفت عن تهريب الآثار المصرية في حقائب دبلوماسية إماراتية، ما يؤكد يقظة أجهزة الأمن والرقابة المصرية، وحسن تصرف وزارة الخارجية بمعالجة الأمر بشكل محترف، ومن دون إثارة حرصاً على العلاقات مع دولة الإمارات".

راتب
حسن راتب (فيسبوك)

وفي 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أحالت النيابة المصرية المتهمين في القضية إلى المحاكمة الجنائية، بعدما خلصت تحقيقاتها إلى تمويل راتب باقي المتهمين بمبلغ 50 مليون جنيه على مدار 5 سنوات للتنقيب عن الآثار، وإتلاف حسانين بعض الآثار عمداً بفصل جزء منها، واشتراكه مع مجهول بطريق الاتفاق في تزييف آثار بقصد الاحتيال، وكذا اشتراكه مع الأول في ارتكاب جريمة إجراء أعمال حفر في أربعة مواقع بقصد الحصول على الآثار من دون ترخيص، والاتجار فيها.

وألقي القبض على راتب في 28 يونيو/حزيران 2021، تنفيذاً لقرار النيابة بضبطه، عقب كشف التحقيقات مع حسانين عن تلقيه تمويلاً منه للتنقيب عن الآثار، وهو ما أكدته اعترافات شقيق الأخير -المتهم في القضية كذلك- بشأن توفير رجل الأعمال المعدات المستخدمة في عمليات البحث والتنقيب، وتربحه الملايين من الجنيهات، مستغلاً امتلاكه جنسية أجنبية لتهريب الآثار وبيعها في الخارج.

وامتلك راتب قناة "المحور" الفضائية لسنوات طويلة، قبل إجبار النظام له على بيع 50% من أسهمها لعضو مجلس الشيوخ عن حزب "مستقبل وطن" محمد منظور، و38% لشركة إعلامية مملوكة للمخابرات العامة، و12% للشركة المصرية للأقمار الصناعية (نايل سات). علماً بأنه يستحوذ على مجموعة مهمة من الاستثمارات في محافظة شمال سيناء، منها: جامعة سيناء، ومصنع سيناء للإسمنت الأبيض، ومجموعة "سما سيناء" للاستثمار، ومؤسسة سيناء للتنمية.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وكان ناشطون قد اتهموا رموزاً في النظام المصري الحاكم بـ"الضلوع في عملية تهريب واسعة لقطع أثرية إلى دولة الإمارات، وعرضها في متحف (اللوفر أبوظبي) عام 2017"، مستندين في ذلك إلى إعلان وزارة الآثار المصرية عن اختفاء أكثر من 32 ألف قطعة أثرية من مخازن المتاحف في المحافظات المختلفة، في 16 أغسطس/آب 2017.

ومنعت (آنذاك) صحيفة "المصري اليوم" اليومية مقالاً لرئيس تحرير صحيفة "الأهرام" السابق، المعتقل حالياً عبد الناصر سلامة، هاجم فيه دولة الإمارات بعد الكشف عن عرضها مقتنيات تاريخية تعود إلى العصر الفرعوني في متحف "اللوفر" بأبوظبي، متسائلاً عن مصدر القطع الأثرية المصرية المعروضة في المتحف، ومن بينها توابيت كاملة كبيرة الحجم.