أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اليوم الاثنين، أن "مصر ملتزمة ببنود اتفاقية السلام مع إسرائيل، وتعمل من كثب لأجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين من الجانبين، ودخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع".
وقال شكري، في مؤتمر صحافي مع نظيرته السلوفينية تانيا فايون في العاصمة ليوبليانا، إن "مصر مستمرة في جهودها مع الطرفين لوقف إطلاق النار، بهدف حماية المدنيين الموجودين في غزة"، مستطرداً بأنه "ليست لديه تعليقات بشأن المصادر التي تتحدث في الإعلام عن تعليق القاهرة معاهدة السلام مع إسرائيل، فعلى مدى الأربعين عاماً السابقة، كانت هناك علاقات طبيعية بين البلدين".
وأضاف أن "الإدارة المصرية تتعامل بثقة وفعالية، وأي تعليقات نطق بها بعض الأفراد بشأن تعليق المعاهدة ربما تكون قد شُوّهت، على خلفية التهديدات الإسرائيلية بشنّ عملية عسكرية برية في مدينة رفح الحدودية مع مصر، جنوبي قطاع غزة".
وتابع: "المدنيون الفلسطينيون يجب ألا يتحملوا كل هذه المأساة من قلة الطعام والغذاء، لا سيما أن هناك نحو 200 ألف فلسطيني في شمال القطاع. ومنطقة رفح مكتظة إلى أقصى درجة بالمدنيين الفلسطينيين، ولا بد من بعض الحلول لمواجهة هذا الوضع الإنساني الصعب".
وشدد على أنه "يجب أن نضع حلاً دائماً للقضية الفلسطينية، لأن ما يحدث ليس النزاع الأول بين الطرفين، والحرب الحالية استمرت لوقت طويل، ما يستلزم بعض الأفعال من أجل توفير الأمان ليس للجانب الإسرائيلي فقط، وإنما للجانب الفلسطيني الذي يجب أن يحظى بحقوقه المشروعة أيضاً".
ودعا شكري إلى "تنفيذ ذلك على أرض الواقع، من خلال إعلان حلّ الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، حتى يعيش كلا الجانبين في أمن وسلام"، على حسب تعبيره.
ووقعت مصر وإسرائيل معاهدة سلام بينهما في واشنطن عام 1979، في أعقاب اتفاقية "كامب ديفيد" بين الجانبين عام 1978، وأبرز بنودها وقف حالة الحرب، وتطبيع العلاقات، وسحب إسرائيل الكامل لقواتها المسلحة والمدنيين من شبه جزيرة سيناء المصرية، وإبقاء المنطقة منزوعة السلاح.
وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إن شكري استهل زيارته الحالية إلى ليوبليانا بعقد مباحثات مع نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الشؤون الخارجية والأوروبية بسلوفينيا، تانيا فايون، والتي أعقبتها أعمال الجولة الثانية للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي بين البلدين على مستوى وزيري الخارجية.
وتطرقت مباحثات شكري مع نظيرته السلوفينية إلى رؤى الجانبين حيال القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، إذ أبدى وزير الخارجية الترحيب بالتعاون المصري السلوفيني المستمر في هذا الخصوص، وأشاد بالمواقف السلوفينية الداعمة للقضية الفلسطينية، ودعوتها إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، وتصويتها لقراري الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الأحداث في غزة.
وكانت مصر قد أعلنت رفضها الكامل للتصريحات الصادرة عن مسؤولين رفيعي المستوى بالحكومة الإسرائيلية، حول اعتزام القوات الإسرائيلية شن عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، محذرة من العواقب الوخيمة لمثل هذا الإجراء، خصوصاً مع ما يكتنفه من مخاطر تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة.
وطالبت مصر بضرورة تكاتف كلّ الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف مدينة رفح الفلسطينية، التي باتت تؤوي ما يقرب من 1.4 مليون فلسطيني نزحوا إليها، كونها آخر المناطق الآمنة في القطاع.
واعتبرت مصر أن استهداف رفح، واستمرار انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، يُعدّان بمثابة إسهام فعلي في تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني، وتصفية قضيته، في انتهاك واضح لأحكام القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وقرارات مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، ذات الصلة.
إلى ذلك، واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة على قطاع غزة، لليوم الـ129 على التوالي، مع تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع الذي صار على شفير المجاعة، وباتت معظم مستشفياته خارج الخدمة، وسط نقص حاد في الأدوية، واستمرار حرب الاحتلال على المؤسسات والكوادر الطبية.
وعلى الرغم من تصاعد التحذيرات العربية والدولية من إقدام الاحتلال الإسرائيلي على اجتياح رفح، وسط دعوات إلى تحرك عاجل من مجلس الأمن لمنع أي توغل إسرائيلي في المدينة الحدودية، التي لجأ إليها مئات الآلاف من الفلسطينيين الفارّين من القصف الإسرائيلي، لم يعارض الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اجتياح رفح، بل اكتفى بوضع شروط، وهو ما اعتُبر بمثابة ضوء أخضر أميركي للاحتلال لتنفيذ وعيده باجتياحها.
وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب فجر اليوم مجزرة مُروّعة في مدينة رفح، راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد، جميعهم من المدنيين والأطفال والنساء، وصل منهم قرابة 80 شهيداً إلى المستشفيات.
وأكد المكتب الإعلامي وجود نية مبيّتة للاحتلال لارتكاب المجزرة، إذ قصف ودمّر واستهدف 24 منزلاً مدنياً آمناً، وعدة مساجد ومؤسسات، في منطقة مكتظة بالسكان والمدنيين والأطفال والنساء، من دون الأخذ بالاعتبار وجود نحو مليون ونصف مليون نازح في المدينة.