مصر تدرس سيناريوهات التعامل مع اتفاقية عنتيبي

16 أكتوبر 2024
نهر النيل في القاهرة، 30 يوليو 2024 (سيد حسن/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشكيل فريق لدراسة الأزمة: كلفت مصر فريقاً من الخبراء لدراسة اتفاقية عنتيبي التي ترفضها مصر والسودان بسبب عدم اعترافها بالحصص المائية التاريخية لهما، مما يثير مخاوف بشأن تدفق المياه.

- موقف مصر والسودان: تعتبر مصر والسودان الاتفاقية غير ملزمة ومخالفة للقانون الدولي، حيث تتيح لدول المنبع إقامة مشاريع دون موافقة مسبقة، مما يهدد حصصهما المائية.

- الأهداف الإثيوبية والاعتراضات: تسعى إثيوبيا لإعادة تقسيم مياه النيل لصالحها، مستغلة تصويت دول المنبع، مما يتعارض مع قانون الأمم المتحدة الذي يميز دول المصب.

كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن المسؤولين في مصر كلفوا فريقاً من أساتذة القانون الدولي والدبلوماسيين إلى جانب فريق من خبراء الري والموارد المائية، بإعداد دراسة موقف لأزمة الاتفاق الإطاري للتعاون بين دول حوض النيل المعروف بـ"اتفاقية عنتيبي"، لرفعها إلى الجهات المعنية، لتحديد وسائل وسيناريوهات التعامل المتاحة معها. ودخلت اتفاقية عنتيبي حيز النفاذ الأحد الماضي، بعد 60 يوماً على انضمام جنوب السودان إليها. وتنصّ الاتفاقية على ضرورة انضمام ست دول على الأقل من أصل 11 دولة تشكّل حوض النيل، من أجل تفعيلها. وسبق أن وقّعت خمس دول على الاتفاق الإطاري في عام 2010، وهي إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا ورواندا وكينيا، قبل انضمام جنوب السودان.

ورفضت مصر والسودان وبوروندي والكونغو الديمقراطية وإريتريا التوقيع. ورفضت القاهرة والخرطوم التوقيع على اتفاقية عنتيبي بسبب عدم اعترافها بالحصص المائية التاريخية لهما، التي تنص عليها عدة اتفاقيات أبرمت القرن الماضي، لكن ترفضها دول المنبع وتصفها بـ"الاستعمارية". ومن المنتظر بعد دخول الاتفاقية حيز النفاذ أن تنشأ مفوضية دول حوض النيل التي تُعنى بتنظيم وإدارة السياسات الخاصة بإدارة المياه بين الدول الأعضاء، والتي من الممكن أن تحظى باعتراف من الجهات الدولية، مما يعطي أعمالها أبعاداً سياسية وقانونية.


محمد حافظ: عدم اعتراف مصر والسودان بدخول اتفاقية عنتيبي حيز التنفيذ لا يمنع تنفيذها

بدء عهد اتفاقية عنتيبي

وقال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في تغريدة على منصة إكس (تويتر سابقاً) الأحد الماضي، إن "يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2024 يعتبر بداية حقبة جديدة لدول حوض النيل، إذ إنه يمثل تتويجاً لرحلة طويلة نحو الاستخدام العادل والمنطقي لمياه النيل، مع دخول اتفاقية إطار حوض نهر النيل حيز التنفيذ، ودعم روابطنا بوصفنا عائلة النيل ويضمن أن إدارة واستخدام مواردنا المائية المشتركة تعود بالنفع على الجميع، لصالح الجميع". كما دعا "الدول غير الموقعة للانضمام إلى عائلة النيل، حتى نتمكن معاً من تحقيق أهدافنا المشتركة للتنمية التكامل الإقليمي". وجاءت تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي في وقت صرح فيه وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، بأن مصر "لن تتنازل عن متر مكعب واحد من مياه النيل"، مؤكداً "عدم اعتراف القاهرة وكذلك السودان بالاتفاق الإطاري لدول حوض النيل المعروف باتفاقية عنتيبي". وأضاف أن مصر والسودان "رفضتا اتفاقية عنتيبي وأكدتا أنها غير ملزمة ومخالفة لمبادئ القانون الدولي العرفي والتعاقدي، وذلك على أساس أن مفوضية الدول الست الناشئة عن الاتفاق الإطاري (غير المكتمل) لا تمثل حوض النيل في أي حال من الأحوال".

وعن ذلك، قال أستاذ هندسة السدود المصري محمد حافظ، لـ"العربي الجديد"، إن "عدم اعتراف مصر والسودان بدخول اتفاقية عنتيبي حيز التنفيذ، لا يمنع تنفيذها، وإن كان وجود اسم السودان داعما لموقف الدولة المصرية أمرا غير ذي وزن، وذلك لأنه تحت أي ظروف، فإن دولة السودان هي دولة ممر وستحصل على ما تريده من مياه قبل وصولها للدولة المصرية". وأوضح أن "أهم ما يخيف الدولة المصرية من تنفيذ اتفاقية عنتيبي هو غياب آليات التحكّم والتنسيق بين دول حوض النيل، والتي قد تؤدي لخفض تدفق المياه للدولة المصرية، وسيكون أول نتائج هذه الاتفاقية إعادة تقاسم المياه بين دول الحوض، إذ تتيح الاتفاقية لدول المنبع، إقامة مشاريع للري والطاقة الكهربائية من دون الحصول على موافقة مسبقة من مصر، مع إلغاء الحصص التاريخية للدولة المصرية ذات الـ55.5 مليار متر مكعب".

وأضاف حافظ: "الأمر ببساطة أن جوهر اتفاقية عنتيبي يسمح لدول المنبع ودول الممر باستهلاك ما تريده من مياه النيل (الأبيض والأزرق) لكافة أغراض التنمية الزراعية وإنتاج الكهرباء من دون الحاجة لإبلاغ دولة المصب (مصر) أو أخذ في الاعتبار احتياجاتها". وحول ما بيد الدولة المصرية من أوراق ضغط لمنع تنفيذ اتفاقية عنتيبي أوضح حافظ أنه "قد تكون هناك فرصة نسبة نجاحها بسيطة جداً، من خلال رفع دعوى دولية ضد شرعية اتفاقية عنتيبي، وأنها ليست على وفاق مع الخطوط الإرشادية لاتفاقيات المياه الدولية، إلا أن هذا المسار بطيء للغاية وقرار المحكمة الدولية سيكون غير ملزم لأن الدول الأعضاء في اتفاقية عنتيبي لم تشارك فيها". وأضاف: "قد تكون أيضاً هناك فرصة لمطالبة البنك الدولي بالتدخل في هذا الأمر وأخذ تجربة تدخل البنك الدولي بين باكستان والهند نموذجا لما يجب أن يكون عليه اتفاقية عنتيبي".

ويعود اعتراض القاهرة على اتفاقية عنتيبي إلى ثلاثة بنود خلافية، وهي "بند الأمن المائي وعدم الاعتراف بالحصة التاريخية لها في مياه النيل المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب وفق اتفاقية 1959، وبند الإخطار المسبق رقم 12 بتنفيذ أي مشروعات على النيل، وبند التصويت على القرارات بالإجماع بدلاً من الغالبية". وتستند الرؤية المصرية في موقفها الرافض إلى حكم صادر عن محكمة العدل الدولية عام 1989، ومفاده أن اتفاقيات المياه تتمتع بنفس الحصانة القانونية التي تتمتع بها اتفاقيات الحدود، وهذا يعني أنه لا يجوز تعديلها.


نادر نور الدين: لا يمكن للنيل الأبيض الصعود إلى الهضاب الإثيوبية عكس الانحدار

أهداف إثيوبية

أستاذ الموارد المائية واستصلاح الأراضي بجامعة القاهرة، نادر نور الدين، قال في حديث لـ"العربي الجديد" إن "إثيوبيا أرادت بهذه الاتفاقية، إقحام دول منابع النيل الأبيض (بوروندي ورواندا والكونغو الديمقراطية وكينيا وتنزانيا وأوغندا) فيما لا ناقة لها ولا جمل بزعم إعادة تقسيم مياه النيل، أو تقسيم فقط ما يجري بين ضفتي النهر وليس كل موارد النهر من أمطار وبحيرات ومياه جوفية ومستنقعات طبقاً لتعريف الأمم المتحدة للنهر الدولي". وأكد أن ذلك "أمر مستحيل من الناحية العلمية، لأنه على أرض الواقع تنبع روافد النيل الثلاثة القادمة من إثيوبيا في شرق أفريقيا من منسوب 1820 متراً فوق مستوى سطح البحر وتنساب مع الانحدار الطبيعي في اتجاه السودان حتى مدينة الخرطوم وعطبرة وملكال على منسوب 500 متر. وبالمثل تأتي مياه النيل الأبيض من هضاب البحيرات الاستوائية العظمى من وسط أفريقيا الاستوائية من منسوب 1200 متر حتى تصل إلى الخرطوم على منسوب 500 متر، وبالتالي فلا بد لأنهار إثيوبيا الثلاثة من أن تتجه حتماً إلى السودان سواء للخرطوم أو شمالها (نهر عطبرة) أو جنوبها (نهر السوبات) عند منسوب 500 متر. وبالتالي لا يمكن لها أن تمد دول منابع النيل الأبيض بحصة من مياهها عكس الانحدار متجه إلى منسوب 1200 متر، ولا يمكن للنيل الأبيض ودول منابعه الذي تتجه مياهه حتماً إلى الخرطوم عند منسوب 500 متر أن تصعد إلى الهضاب الإثيوبية عكس الانحدار حتى تصل إلى منسوب 1820 متراً داخل الأراضي الإثيوبية".

وأضاف نور الدين أنه "من هنا كان الخداع الإثيوبي لدول منابع النيل الأبيض حول إعادة توزيع مياه النهر على جميع دول الحوض، فهو غير صحيح علمياً وعكس الانحدار، وجاء فقط لأن عينها على ما يخرج من إثيوبيا بحجم 71 مليار متر مكعب مقابل 13 ملياراً فقط تأتي من منابع النيل الأبيض، وأيضاً لكي يمكنها استغلال هذه الدول في التصويت على إنشاء سدود عملاقة في إثيوبيا تضر بمصر والسودان". وأشار نور الدين إلى أنه "من نصوص هذه الاتفاقية غير العادلة، النص على أن يكون التصويت لإنشاء السدود وحصص المياه ونقل المياه بالأغلبية بدلاً من التوافق كما في السابق (أي عدم اعتراض أي دولة أو يكون لها حق الامتناع عن التصويت وليس الرفض)، وطبعاً دول المنابع تشكل الأغلبية بما هي ست دول لمنابع النيل الأبيض ومعها إثيوبيا وجنوب السودان مقابل مصر والسودان فقط بوصفهما دولتي مصب، وبالتالي فالأغلبية مضمونة ويكون لها الحق في تحديد مياه دولتي المصب على عكس قانون الأمم المتحدة للمياه، الذي يعطي تميزاً واضحاً لدول المصب لكونها دوماً الدول الأفقر مائياً".

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون