تقترب مصر من الدعوة إلى عقد قمة لدول الجوار السوداني في القاهرة، بمشاركة أطراف إقليمية مؤثرة، وفقاً لإعلان دبلوماسي مصري لـ"العربي الجديد". وأوضح أن مصر اضطرت "بضغوط إقليمية إلى إرجاء اجتماع لقادة دول الجوار السوداني"، قبيل القمة العربية التي استضافتها السعودية في 19 مايو/ أيار الماضي.
وفي سياق متصل، تُظهر المعلومات المسربة من زيارة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، أخيراً للقاهرة، التي التقى خلالها كبار المسؤولين المصريين، وفي مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ما يزال يعوّل كثيراً على الدور المصري الداعم له وللمؤسسة العسكرية السودانية.
وقال دبلوماسي مصري، لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم ذكر اسمه، إن "نائب رئيس مجلس السيادة، جاء محملاً بمجموعة من الرسائل من البرهان إلى السيسي، تحوي بين طياتها مؤشرات على صعوبة الموقف الراهن الذي يواجهه الجيش السوداني حالياً" في الحرب ضد قوات الدعم السريع. وأضاف الدبلوماسي المصري أن عقار "طلب دعماً عاجلاً من القيادة المصرية لقوات الجيش في السودان".
تقدم قوات الدعم السريع
وبحسب الدبلوماسي المصري الذي تتقاطع معطياته مع ما يقوله دبلوماسي سوداني في القاهرة، تحدث لـ"العربي الجديد"، فقد "أطلع عقار القيادة المصرية على الموقف الحقيقي على أرض الواقع، لافتاً إلى تقدم قوات الدعم السريع المتمردة، خلال الأيام القليلة الماضية، ومرجعاً ذلك، إلى تلقيها دعماً مكثفاً خلال الأيام الماضية من أحد الأطراف الخليجية، بالإضافة إلى إثيوبيا".
وبحسب الدبلوماسي، أكد عقار "أن تقديم مجموعات فاغنر في ليبيا وفي أفريقيا الوسطى، المساعدات لقوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم يتوقف، وصعّب مهمة الجيش خلال الفترة الماضية".
ووفق الدبلوماسي السوداني نفسه، يرغب مجلس السيادة في "الدفع بقوات حفظ سلام إلى السودان، لمراقبة الوضع على الأرض، والتأكد من الطرف الذي يشعل الأزمة، ولا يلتزم اتفاقات الهدنة التي يجددها الوسطاء الدوليون والإقليميون".
دبلوماسي مصري: يرغب مجلس السيادة في الدفع بقوات حفظ سلام إلى السودان
وعما إذا كان الدعم المطلوب من القاهرة يشمل الأسلحة والذخائر، استبعد الضابط السابق في القوات المسلحة المصرية، العميد صفوت الزيات، ذلك.
وقال لـ"العربي الجديد" إن "مالك عقار له اعتبارات سياسية في مجلس السيادة السوداني أكثر منها اعتبارات عسكرية، وفي أحيان كثيرة يحاول أن يُبعد نفسه عن الشق العسكري في الأزمة. فأقصى تصريح له عندما عبّر عن أن قوات الدعم السريع أصبحت تتعامل ككيان خاص أو مستقل داخل الدولة السودانية".
وتابع: "تفهم من هذا التصريح أنه لا يريد اتهامهم بالتمرد أو ارتكاب أعمال عنف ترقى لجرائم حرب ضد الإنسانية، باعتبار أنه يحاول لعب دور داخل مجلس السيادة كواجهة مدنية أكثر منها واجهة عسكرية".
وأضاف الزيات: "هناك اعتبار آخر، أن مالك عقار يحاول لعب دور الوساطة والترويج لمبادرة مجموعة دول إيغاد، التي يرفضها الجيش السوداني، ويتهم كينيا بالانحياز للطرف الآخر أو بوجود قوى خارجية من خلفهم. وكان عقار قد أعلن منذ يومين أنه سيكون هناك اجتماع قريب بين البرهان وحميدتي، فكل تصريحاته ومواقفه تشير إلى محاولات لعب الوسيط الذي لا ينحاز لأي طرف".
وأبدى الزيات اعتقاده أن "الحديث عن طلب مساعدات عسكرية أو أمنية من مصر للجيش السوداني أمر مستبعد ومشكوك في صحته، لأنه يضع مالك عقار في طرف لن يتيح له أداء دور الوساطة في الأزمة كما يأمل، ولن يخدم رغباته في الظهور كوجه سياسي معتدل برز أخيراً منذ بدء الاقتتال بين الجنرالين السودانيين. كذلك، لا نتجاهل أن خط الاتصالات الرسمي مفتوح بين مجلس السيادة السوداني والدولة المصرية، والاتصالات طبيعية بين القوات المسلحة المصرية والسودانية، ولم تتوقف".
صفوت الزيات: الحديث عن طلب مساعدات عسكرية من مصر للجيش السوداني أمر مستبعد
مصر وتقديم المساعدات
من جهته، قال مدير "مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان"، أحمد المفتي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مصر اختارت موقف الحياد، منذ بداية الأزمة، واكتفت بتقديم المساعدات والمبادرات الإنسانية، ومنها المبادرة المصرية القطرية. كذلك، كانت مصر من أولى الدول التي بدأت باستقبال الفارين من الحرب، على الرغم من الشروط المجحفة التي وضعتها أخيراً، والتي ناشدناها بضرورة تخفيفها".
وتابع: "أعتقد أن سبب تقلص الدور المصري في الأزمة السودانية، هو المصالح الاقتصادية التي تربطها ببعض دول الخليج، وخصوصاً الإمارات، ذلك على الرغم من أن مصر معنية بالشأن السوداني أكثر من كل الفاعلين الآخرين لأسباب استراتيجية معلومة، وعلى الرغم من أنها الأكثر خبرة من غيرها بالشأن السوداني".
وأضاف المفتي: "لا أستبعد أن يكون مالك عقار قد طلب دعماً لوجستياً أو عسكرياً من مصر في أثناء زيارته الأخيرة، في ظل تلقي قوات الدعم السريع الدعم من أكثر من جهة، وحاجة الجيش السوداني حالياً لأسلحة وذخيرة".
وتوقع "أن يتغير موقف القاهرة، وتحاول لعب دور أكبر في حل الأزمة السودانية، متفادية خطأ تدخّلها المتأخر أو تجنبها التأثير في العملية السياسية في السودان من قبل، إلى أن توّجت بالاتفاق الإطاري، ما جعلها تدعو في اللحظات الأخيرة، وبعد فوات الأوان، مجموعة الحرية والتغيير، الكتلة الديمقراطية، إلى القاهرة".