دخل المئات من عمال شركة "الحديد والصلب" المصرية، اليوم الأحد، في اعتصام مفتوح داخل مقر الشركة بضاحية حلوان في القاهرة، اعتراضاً على قرار تصفية الشركة، وغلق مصانعها، بعد 67 عاماً من تأسيسها كإحدى قلاع الحديد والصلب في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، والذي صدر من الجمعية العمومية للشركة في 11 يناير/ كانون الثاني الجاري.
وقال بيان لدار الخدمات النقابية والعمالية في مصر إن أكثر من 4 آلاف عامل، يتصدرهم جميع أعضاء اللجنة النقابية للشركة، هتفوا بسقوط قرار التصفية أمام مبنى الإدارة، في وقت انتشرت فيه مجموعات من قوات الأمن عند البوابة الفاصلة بين الشركة، ومساكن العمال، لمنع انضمام المزيد من العمال إلى مقر الاعتصام.
وطالب المعتصمون بإلغاء قرار التصفية والإغلاق، والبدء في خطة تطوير الشركة بما يليق بمكانتها، وإمكاناتها الكبيرة التي تؤهلها لهذا التطوير. في حين رفض عمال الوردية اليومية الثالثة في مصنع الشركة الخروج من المقر عقب انتهاء عملهم، بعد توافق العمال على التناوب بين الورديات لاستمرار حركة العمل رغم الاعتصام.
وانضم عمال الوردية الثانية بشركة الحديد والصلب إلى العمال المعتصمين، معلنين رفضهم قرار تصفية الشركة ومتمسكين بالدفاع عنها ومطالبين بتطويرها وتشغيل المصانع وذلك تحت شعار "على جثتنا نسيب شركتنا "و "على جثتنا تبيع شركتنا".
واستمر العمال في تنظيم مسيرات وترديد الهتافات المنددة بالقرار وإعلان تمسكهم بمطالبهم، كما رددوا هتافات مناوئة لوزير قطاع الأعمال منها "مش هنمشي هشام يمشي".
على صعيد آخر، ألقت قوات الأمن القبض على أحد صحافيي موقع "القاهرة 24" الإخباري الخاص، وهو موقع مقرب من الأجهزة المخابراتية، لمنعه من تغطية أخبار الاعتصام.
وتجمع قرابة 4000 عامل واللجنة النقابية بكاملها، أمام مبنى الإدارة وهتفوا بسقوط قرار التصفية في الوقت الذي انتشرت فيه مجموعة من قوات الأمن عند البوابة الفاصلة بين الشركة ومساكن العمال لمنع انضمام العمال إلى الاعتصام.
ورفع المعتصمون مطلبًا واحدًا هو إلغاء قرار التصفية والإغلاق وتطوير الشركة بما يليق بمكانتها وإمكاناتها الكبيرة كقلعة لصناعة الحديد والصلب بالشرق الأوسط ووفقا لإمكاناتها الكبيرة التي تمكنها وتمهد لهذا التطوير.
وكان قرار الجمعية العمومية للشركة قد قوبل باستياء شديد وردود فعل واسعة داخل شرائح المجتمع المصري التي رفضت قرار الجمعية العمومية واعتبرت أن تصفية الحديد والصلب هو تصفية لمقدرات وإمكانات الشعب المصري، الذي بنى شركاته ومصانعه وفي القلب منها شركة الحديد والصلب بملحمة وطنية دفع فاتورتها الشعب المصري بمختلف فئاته.
وأصدرت الأحزاب السياسية مختلفة التوجهات بيانات عدة نددت خلالها بقرار التصفية ورفضته رفضا قاطعا في ذات الوقت الذي دعت فيه عدة أحزاب لتكوين جبهة شعبية لمواجهة الخصخصة وأطلقت عدة مبادرات أخرى.
من جهته، تقدم نائب البرلمان المعارض، ضياء الدين داوود، بأول طلب إحاطة في مجلس النواب الجديد ضد قرار تصفية شركة الحديد والصلب، متهماً الحكومات المصرية المتعاقبة خلال الثلاثين عاماً الأخيرة بـ"انتهاج سياسة التصفية المقيتة للإجهاز على مقدرات الصناعة الوطنية".
وقال داوود: "يجب أن تستخدم السلطة التشريعية اختصاصاتها الدستورية في وقف قرار الحكومة بالتصفية، ومنح الفرصة للخيارات البديلة حيال تطوير الشركة، وخطوط إنتاجها"، داعياً إلى عقد اجتماع عاجل للجنة الصناعة في البرلمان لمناقشة الطلب، في حضور الوزراء المختصين، وممثلين عن الشركة، وبعض ذوي الخبرة في مجال صناعة الحديد والصلب.
وأضاف في طلبه الموجه إلى رئيس الحكومة، ووزراء قطاع الأعمال العام، والتجارة والصناعة، والقوى العاملة، أن "دور وزارة قطاع الأعمال العام بات يقتصر على تصفية وبيع شركات القطاع، وهو ما يستلزم فصلها عن الوزارة، وعودتها إلى الوزارات المختصة الأخرى، إذا كانت هناك رغبة حقيقية من النظام الحاكم لتشغيل هذه الشركات، وتعظيم العائد الاقتصادي منها".
وأنشئت شركة الحديد والصلب في عام 1954 لاستغلال خامات الحديد في أسوان، وتطورت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بتكنولوجيا روسية تعود إلى حقبة الخمسينيات، حتى بلغ رأس المال المدفوع للشركة نحو مليار و900 مليون جنيه، غير أن إيرادات النشاط في الشركة تراجعت خلال العام المالي 2018-2019 بنسبة 23.2%، نتيجة انخفاض كمية المبيعات.
وبدأت الشركة في سبتمبر/ أيلول 2018 تنفيذ توصيات المكتب الاستشاري العالمي، بشأن ضرورة تشغيل أفران الشركة تجريبياً بكامل الطاقة الإنتاجية لمدة أربعة أشهر، حتى يتسنى إجراء تقييم فني دقيق للأفران، وتحديد احتياجات التطوير، إلا أنها توقفت فجأة، ومن دون إبداء أسباب.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أبدى الجهاز المركزي للمحاسبات شكوكاً جوهرية في استمرارية الشركة، بسبب تراكم المديونيات للموردين الأساسيين إلى 5.4 مليارات جنيه، موزعة بواقع 3.5 مليارات جنيه لوزارة البترول، و1.3 مليار جنيه لوزارة الكهرباء، و462 مليون جنيه لشركة الفحم والكوك.
تجدر الإشارة إلى دراسة الشركة مقترحاً لتطويرها قدمته الشركة الأوكرانية فازماشيمبيكس، في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، بتكلفة تصل إلى 250 مليون دولار، وتضمن استعادة الشركة لأدائها الطبيعي على مرحلتين، وفقاً لتقييمات المتخصصين، والبيانات التي حصلت عليها الشركة مقدمة العرض، غير أن وزير قطاع الأعمال العام، هشام توفيق، أقال مجلس الإدارة السابق للشركة، وعين مجلساً جديداً تمهيداً لاتخاذ قرار التصفية.