مع اقتراب مصر من إجراء انتخاباتها الرئاسية المقررة العام المقبل، تُظهر جهات في النظام حساسية حيال أي "تدخل محتمل" لأطراف خارجية في المشهد. وقالت مصادر سياسية وحزبية مصرية على اتصال بالجهات الرسمية إن "تحذيرات صدرت لشخصيات سياسية وإعلامية محسوبة على النظام، من التعاون من أي جهة أو مؤسسة خارجية".
حديث عن تدخلات خارجية بانتخابات مصر
وأشارت المصادر إلى أن "(شبه الاعتذار) الذي قدّمه الأمين العام السابق للحزب الوطني المنحل، الدكتور حسام بدراوي، عن تصريحاته لموقع (إندبندنت عربية)، والتي طالب خلالها بتداول السلطة وضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية، وخروج القوات المسلحة من المجال الاقتصادي، جاء بعد اتصال من أحد المسؤولين بأحد الأجهزة (السيادية)، تلقى خلاله بدراوي ما يشبه اللوم على تصريحاته التي اعتبرها المسؤول مسيئة للنظام والجيش، لا سيما أنها صدرت عبر وسيلة إعلام أجنبية".
محمد أنور السادات: يتردد الحديث عن تدخل بعض الدول العربية الشقيقة كالسعودية والإمارات، في الانتخابات الرئاسية
وأضافت المصادر أن "الهجوم الذي تعرض له الكاتب الصحافي عماد الدين أديب، من إعلاميين محسوبين على النظام، بسبب مقاله (انتهى عصر "دفتر الشيكات النفطي" المسيّس!)، على أحد المواقع اللبنانية الممولة خليجياً، يشير أيضاً إلى حساسية النظام من أي نقد ينشر عنه في الخارج".
وقال النائب السابق ورئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، محمد أنور السادات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "يتردد في مصر، في الآونة الأخيرة، الحديث عن تدخل بعض الدول العربية الشقيقة كالسعودية والإمارات، في الانتخابات الرئاسية، لا سيما أن هذه الدول لها تأثير ووزن في المنطقة".
ولفت السادات إلى أنه "لا ينصح بهذا التدخل حتى لا يُساء فهمهم، ولا نرغب به كمصريين، مع التقدير الكامل لدورهم الكبير في الدعم والمساندة للدولة المصرية خلال السنوات الماضية". وأضاف أن "أي محاولة لفرض ضمانات في الانتخابات ليست أمراً مرحّباً به في مصر". وتابع: "حتى أنا كسياسي معارض أقول: شكراً لكم وأكثر الله من خيركم، هذه ليست مهمتكم، لأنها ستخلق حساسيات ومشاكل بيننا، ونحن حريصون على العلاقة الطيبة معكم".
انحصر الحديث حول الانتخابات المقبلة في الضمانات اللازمة
وقال السادات إنّ "أياً من هذه الدول والعالم أجمع، سيتعامل مع أي رئيس يأتي إلى حكم مصر عبر صناديق الانتخاب، طالما أن الانتخابات حرة ونزيهة، وهناك فرص متكافئة بين جميع المتنافسين، وهذه وجهة نظر الدولة العربية والأوروبية والعالم كله. من يختاره المصريون يصبح رئيساً شرعياً ويجب احترامه والتعامل معه".
حدّ أدنى من الرقابة والضمانات
أما في ما يتعلق بموضوع الضمانات القانونية والدستورية للانتخابات المقبلة، فقد قال السياسي المصري إنه "من المنتظر أن تفتح الهيئة الوطنية للانتخابات باب التحضير للانتخابات، نهاية سبتمبر/ أيلول المقبل، أو أكتوبر/ تشرين الأول". وأضاف أن "المطالب التي تتعلق بضمانات العملية الانتخابية واضحة ومفهومة، وهي التي كرّرتها الحركة المدنية بأحزابها المختلفة، وبصفتنا الشخصية، وتحدث عنها النائب أحمد طنطاوي في رسالة للهيئة الوطنية ثم تحدث عنها حسام بدراوي وغيرهم".
وأوضح السادات أن "الدولة المصرية، ونتيجة أسباب متعددة بعضها داخلي وبعضها دولي، تحاول أن تجري الانتخابات بالحد الأدنى من الضمانات". وأوضح أنه "ليس بالضرورة أن تتحقق كل المطالب، لكن ستحاول تحقيق جزء منها".
وبخصوص الرقابة والإشراف، قال إن "الدولة قد تسمح بإشراف غير مباشر لبعض المنظمات سواء أفريقية أو أوروبية، وكذلك السماح لبعض البعثات الخاصة بجامعة الدول العربية". في المقابل، لن تسمح الدولة "لمؤسسات أممية أو أميركية أو اتحاد أوروبي بالمراقبة والإشراف"، على حد تعبيره.
وأخيراً، انحصر الحديث حول الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة في "الضمانات اللازمة من أجل عملية انتخابية جادة" تختلف عن سابقتيها عامي 2014 و2018، إذ لا تخلو أحاديث الغرف المغلقة، حتى بين السياسيين الموالين، من الإشارة إلى صعوبة إجراء عملية انتخابية جادة في الوقت الحالي تشهد منافسة حقيقية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي تشير كافة المؤشرات إلى ترشحه مجدداً.
وبحسب المصادر، فإن "لقاءات جرت خلال الشهرين الماضيين خارج مصر، مع معارضين مصريين، وشخصيات محسوبة على دوائر شبه رسمية، أثارت حفيظة المسؤولين في مصر، وزادت من قلقهم بشأن العملية الانتخابية". وتابعت المصادر أنه "من غير الواضح ما إذا كانت تلك اللقاءات جادة، بمعنى أن تلك الأطراف تبحث بالفعل عن بديل، أم أن الأمر لا يعدو كونه مناكفة سياسية فقط، بهدف الضغط على النظام من أجل الحصول على مكاسب معينة".