مصر: صعوبات بإقناع شخصيات إسلامية بالمشاركة في الحوار الوطني

29 يوليو 2022
رئيس الأمانة الفنية للحوار محمود فوزي خلال الحوار (صفحة الحوار الوطني على فيسبوك)
+ الخط -

مأزق إضافي تمرّ به القاهرة لاستكمال مشهد الحوار الوطني، الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إبريل/ نيسان الماضي، على هامش حفل إفطار الأسرة المصرية، الذي انعقدت ثاني فعالياته باجتماع مجلس الأمناء الثلاثاء 19 يوليو/ تموز الحالي، بعد تأكيد المشرفين على الحوار على ما صرّح به الرئيس، في وقت سابق، باستبعاد جماعة الإخوان المسلمين عنه.

ووفقاً لأحد أعضاء لجنة نوعية تشارك في الإعداد للحوار، فإن الجهة "الحقيقية" المشرفة على تنظيم الحوار الوطني، والمتمثلة بجهاز المخابرات العامة، تواجه مأزقاً يتمثل في "البحث عن إسلاميين وشخصيات قريبة من الجماعة، وكذا قيادات وأسماء معروفة، تعلن اعترافها بشرعية النظام المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي، وكذا الدستور الذي أُقرّ عقب الثالث من يوليو 2013".

أبدى عدد من رموز "تحالف دعم الشرعية" رفضهم المشاركة في الحوار الوطني

وقال السيسي أخيراً إن الحوار الوطني للجميع باستثناء فصيل واحد، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهو أوضح موقف رسمي بعدما ترددت الأنباء بكثرة عن اتصالات بين الدولة والجماعة من أجل المصالحة والمشاركة في الحوار.

وحسب معلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، من العضو نفسه، فإن الموقف الواضح والصريح الذي عبّر عنه الرئيس المصري يبدو أنه "جاء بعد تعثر الاتصالات بين الدولة والجماعة، وهو ما عبّر عنه القيادي الإخواني محمد سودان الموجود في لندن، مؤكداً أن باب المصالحة مغلق، وأن الجماعة لا يمكنها أن تعترف بشرعية السيسي، كذلك فإنها تطالب أولاً بإطلاق سراح كافة السجناء في السجون المصرية".

رفض رموز "دعم الشرعية" المشاركة بالحوار

وباتت مساعي المسؤولين بجهاز المخابرات العامة المشرفين على الحوار صعبة، وخاصة بعدما أبدى عدد من رموز ما كان يعرف بـ"تحالف دعم الشرعية" رفضهم المشاركة في الحوار الوطني بعدما تأكدوا من عدم جديته.

وبحسب سياسي مصري شارك في وضع التصور المبدئي لفكرة الحوار، فقد بذلت أجهزة مصرية مجهوداً كبيراً لإقناع بعض الشخصيات البارزة في تيار الإسلام السياسي والجماعات والأحزاب الإسلامية، التي رفضت الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي، بالمشاركة في الحوار.

وأوضح أن الفترة السابقة "شهدت اتصالات بين قيادات جهاز الأمن الوطني، بتكليف من المسؤولين بجهاز المخابرات العامة، مع قيادات بالجماعة الإسلامية، وحزبها البناء والتنمية الذي حُلّ بقرار قضائي، بهدف استطلاع موقفهم من المشاركة في الحوار الوطني، وإعلان اعترافهم بما أسموه شرعية 30 يونيو".

وفي الثلاثين من مايو/ أيار 2020، قضت دائرة الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا، بحل حزب "البناء والتنمية" الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، ومصادرة أمواله وإحالتها على الخزانة العامة.

ووفقاً لتصريحات لأعضاء من داخل الجماعة الإسلامية، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فإن القيادات "طلبت وقتاً للعودة إلى صفوف الجماعة، واستشارة من يثقون بآرائهم بحسب ما أبلغوا القائمين على عملية التواصل معهم"، لافتة، في الوقت ذاته، إلى أنه "كان هناك قبول مبدئي من جانب تلك القيادات".

تقديم وعود للجماعة الإسلامية للمشاركة بالحوار

ولفتوا إلى أن هناك "وعوداً كبيرة قدمت للجماعة مقابل مشاركة أعضاء بها في الحوار الوطني، وإعلانهم الخروج من عباءة جماعة الإخوان المسلمين والاعتراف بشرعية دولة 30 يونيو، وهو ما يستتبعه خروج عدد من قياداتها وأعضائها من السجون ضمن قوائم العفو الرئاسي".

وأوضحوا أن النظام "يسعى للوصول إلى اتفاقات مع بعض رموز التيار الإسلامي، قبل الانطلاق الفعلي لجلسات الحوار المجتمعية، لتسويقها في الخارج، وخاصة قبل البدء الفعلي لتحضيرات قمة المناخ في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل".


شهدت الفترة السابقة اتصالات بين قيادات جهاز الأمن الوطني والجماعة الإسلامية

وحسب الأعضاء أنفسهم، فإن العروض المقدمة "لا تتضمن أي مشاركة سياسية لاحقاً، أو حرية حركة على المستوى السياسي أو الدعوي في مرحلة لاحقة، وإن الأطروحات الرسمية، انصبّت على إطلاق سراح السجناء، والعيش دون ملاحقة، والسماح للأفراد بممارسة أعمالهم".

وأشاروا إلى أن "ما شجع المسؤولين في جهاز المخابرات العامة على التوجه للجماعة الإسلامية، القرار الأميركي الأخير بشطبها من قائمة الإرهابيين الدوليين". وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت، في 21 مايو/ أيار الماضي، شطب 5 منظمات أجنبية من قائمة الإرهاب العالمي، من بينهم الجماعة الإسلامية المصرية.

وأوضحت الخارجية الأميركية، وقتها، أن مراجعتها الأخيرة لهذه التصنيفات الخمسة لمنظمات إرهابية أجنبية، أثبتت أنها لم تعد منخرطة في الإرهاب أو النشاط الإرهابي، ولا تحتفظ بالقدرة والنية على القيام بذلك، مضيفة أنه لذلك وكما هو مطلوب من قبل قانون الهجرة والتجنس، أُلغيَت هذه التصنيفات كمنظمات إرهابية أجنبية.

وكان وزير التضامن الاجتماعي السابق وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة جودة عبد الخالق قد اعتبر، أخيراً، أن "الحوار الوطني الحقيقي لم يبدأ بعد حتى الآن، حيث إن ما تم استعراضه من مهام الأمانة الفنية، سيعرض أمام مجلس الأمناء لمناقشته". 

وأضاف أن "السياسة شأن المصريين جميعاً، بينما الدين شأن كل فرد بمفرده"، مؤكداً أن "المستبعد من الحوار الوطني ليس الإخوان المسلمين فقط، لكن هناك أطرافاً أخرى تقوم بزجّ الدين بالسياسة، وهم من يجب استبعادهم فوراً من الحوار الوطني".

لا مساس بالدستور في الحوار الوطني

يأتي ذلك في الوقت الذي شدد فيه المنسق العام للحوار ضياء رشوان، خلال المؤتمر الصحافي الختامي لأول اجتماع لمجلس الأمناء مساء الثلاثاء الماضي، على أنه لن يُمَسّ بالدستور المصري في الحوار الوطني، مؤكداً أن هذا المسار مغلق تماماً، لكون الدستور هو شرعية الدولة.

وكشفت عضو بمجلس أمناء الحوار الوطني عن أن تأكيد رشوان "جاء بعدما تعالت الأصوات داخل الاجتماعات التمهيدية من جانب بعض السياسيين، ممن يوصفون بالصقور في معسكر المعارضة، بإدخال تعديلات على بعض المواد الدستورية، التي تمثل قيوداً على الحياة السياسية المصرية والتداول السلمي للسلطة".

وأوضحت أن "تكرار المطالب الخاصة بإدخال تعديلات على الدستور، دفع الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس إلى مراجعة الموقف بشأن إدخال تعديل على الدستور يسمح بفتح المدد الرئاسية أمام السيسي".

وشددت على أن الأمر "لن يتم التراجع عنه، ولكن هناك إعادة تفكير لاختيار التوقيت المناسب لتلك الخطوة"، مشيرة، في الوقت ذاته، إلى أن "اللجنة القانونية التي شكلها الرئيس انتهت بالفعل من إعداد تصورها الخاص بعدد من المواد الدستورية، سيتم الدفع بالمادة الخاصة بفتح مدد الرئاسة بينها".