وافقت اللجنة التشريعية في مجلس النواب المصري، اليوم الاثنين، نهائياً على مشروع مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون المحكمة الدستورية رقم 48 لسنة 1979، عقب استطلاع رأي المحكمة التزاماً بنص الدستور، والذي يهدف إلى منحها حق الرقابة القضائية على دستورية قرارات المنظمات والهيئات الدولية، وأحكام المحاكم وهيئات التحكيم الأجنبية، المطلوب تنفيذها في مواجهة الدولة المصرية، والحكم بعدم الاعتداد بمثل هذه القرارات، أو بالالتزامات المترتبة على تنفيذها.
وقال مستشار وزير العدل هيثم البقلي، أمام اللجنة، إن بلاده لا يمكن أن تتنصل من الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها، إذ نص التعديل على حق رئيس الوزراء في التقدم بطلب إلى المحكمة الدستورية للنظر في عدم الاعتداد بقرارات المنظمات الدولية، وأحكام المحاكم وهيئات التحكيم الأجنبية، شرط أن يبين في الطلب النص أو الحكم الدستوري الذي يخالفه قرار المنظمة والهيئة الدولية، أو حكم المحكمة الأجنبية.
وسجل بعض أعضاء اللجنة، على غرار النائبين سليمان وهدان وضياء الدين داوود، اعتراضهما على مشروع القانون، مطالبين بدعوة خبراء التحكيم الدولي إلى اللجنة، للاستماع إلى آرائهم، ومعرفة ما إذا كان التعديل يتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر أم لا.
وطرحت الحكومة المصرية مشروع تعديل قانون المحكمة الدستورية بغرض تمكينها من وقف تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة عن محاكم ومنظمات وهيئات دولية ذات طبيعة سياسية أو قضائية في مواجهة الدولة المصرية، أو التي ترتأي السلطة الحاكمة في مصر أنها تخالف الدستور أو التشريعات المحلية.
واستهدف تعديل القانون قطع الطريق على أي حكم ضد مصر، أو قرار ملزم لها بأداء مستحقات، أو تعويضات مالية، أو أدبية، أو الالتزام بنصوص معينة من معاهدات دولية، أو توقيع عقوبات تتطلب رفع الضرر الواقع على أشخاص، أو أطراف أو جهات، من خلال تقدم رئيس الوزراء بطلب إلى المحكمة الدستورية لوقف تنفيذ تلك الأحكام أو القرارات بحجة مخالفتها للدستور المصري.
ويعتبر التعديل مخالفاً بشكل صريح لاتفاقية فيينا التي وقعت مصر عليها بشأن المعاهدات الدبلوماسية، والحاكمة لجميع اتفاقيات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، والتي تسمح للدول بالتحفظ على بعض مواد أو بنود الاتفاقيات التي توقع عليها، ليكون تنفيذها مقيداً بالنصوص الدستورية المحلية، لكنها تحظر وقف تنفيذ القرارات والأحكام الخاصة بتلك الاتفاقيات، أو المترتبة عليها بأحكام قضائية محلية.
وكانت مصادر حكومية مطلعة قد كشفت، لـ"العربي الجديد"، أن السبب الرئيس لتقديم هذا المشروع هو تخوف الحكومة المصرية من صدور أحكام وقرارات تنفيذية عن منظمات دولية ودول أجنبية، على خلفية بعض الدعاوى القضائية المرفوعة ضد النظام المصري، وبعض قياداته بصفاتهم وأشخاصهم في الوقت الحالي.
وأضافت المصادر أن الحكومة المصرية تتخوف كذلك من صدور أحكام ضدها عن هيئات تحكيم دولية مخالفة لما ترنو إليه في عدد من المنازعات ذات الطبيعة الاقتصادية، بالإضافة إلى ما يمكن صدوره من أحكام وقرارات خاصة بتنفيذ القاهرة التزاماتها الحقوقية، في إطار الحريات الشخصية والعامة، بموجب المعاهدات الدولية التي وقعت عليها في فترات سابقة.