على الرغم من دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مجلس الشيوخ للانعقاد في أولى جلساته، غداً الأحد، إلا أنه لم يصدر -حتى كتابة هذه السطور- قراره الجمهوري بأسماء المائة المعينين في المجلس (ثلث عدد الأعضاء)، على خلفية استبدال بعض المرشحين بآخرين لثبوت تعاطيهم المخدرات، في وقت استبعدت فيه التعيينات العديد من الأسماء البارزة بسبب موقفها من النظام.
واستبعدت التعيينات نقيب أطباء مصر حسين خيري، رغم الدور البارز الذي لعبته النقابة في مواجهة أزمة تفشي فيروس كورونا، وخسارتها ما يقرب من 200 شخص من أعضائها قضوا نتيجة الإصابة بالفيروس، على وقع تصديه لمطالب الأطباء العادلة في مواجهة تعنت النظام الحاكم، والذي رفض إضافة ضحايا الأطباء وأطقم التمريض إلى قانون امتيازات ضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية، وأسرهم.
وبحسب مصدر برلماني مطلع، لـ"العربي الجديد"، فإن التعيينات استبعدت الإعلامي محمد مصطفى شردي، بعد تداول اسمه ضمن قائمة التعيينات خلال الأيام الماضية وتلقيه التهاني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب ثبوت إيجابية تعاطيه للمخدر من خلال الكشف الطبي الذي أجراه جميع المرشحين، وهو السبب الذي أطاح بأربعة آخرين من المعينين، وأدى لاستبدالهم بآخرين في اللحظات الأخيرة.
اللافت أن التعيينات استبعدت وكيل مجلس النواب، نقيب الأشراف السيد الشريف، والذي تلقى وعداً بإدراج اسمه في كشوف المعينين في مجلس الشيوخ، بل وشغله منصب وكيل المجلس، إلا أن "سبباً غير معلوم" حتى الآن أطاح به من المشهد بشكل مفاجئ، مع العلم أنه لم يترشح لانتخابات مجلس النواب الجديد، بناءً على الوعد الذي تلقاه من شخصيات نافذة في الدولة (النظام)، وفق المصدر.
وكما اختار نظام السيسي نقيبة التمريض كوثر محمود ضمن قائمة تعيينات مجلس الشيوخ نكاية في نقيب الأطباء، اختار كذلك نقيب المحامين السابق سامح عاشور ممثلا عن النقابة، على الرغم من خسارته الفادحة في انتخابات النقابة في مارس/ آذار الماضي، والتي تفوق فيها النقيب الحالي رجائي عطية على عاشور بأكثر من 9 آلاف صوت، وحظي فيها الأخير بدعم واسع من أجهزة الدولة من دون جدوى.
واستبعدت التعيينات رئيس حزب "الغد" موسى مصطفى موسى، الذي قبل بلعب دور "الكومبارس" في مسرحية الرئاسيات المصرية عام 2018، علماً أن التعيينات شملت أسماء 12 من رؤساء وممثلي الأحزاب الموالية، في حين اعتذر رئيس حزب "التحالف الشعبي" مدحت الزاهد عن قبول التعيين في المجلس، بسبب موقف حزبه الرافض للعملية الانتخابية برمتها.
واستبعدت أيضاً بعض الشخصيات التي كان من المفترض أن تدرج أسماؤها بصفتها (منصبها)، لارتباطها في السابق بنظام الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك وقرينته سوزان مبارك، مثل وزير النقل والمواصلات السابق، نقيب المهندسين الحالي هاني ضاحي، ورئيسة "المجلس القومي للمرأة" مايا مرسي، ورئيسة "المجلس القومي للطفولة والأمومة" سحر السنباطي.
كما استبعدت رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان (رسمي) محمد فايق، بسبب حوار أجراه العام الماضي مع صحيفة "الشروق" الخاصة، قال فيه إن "المجلس يواجه تعنتاً وتسويفاً في تنفيذ طلباته الخاصة بزيارة بعض السجون، وهو ما يمثل انتهاكاً لا بد من معالجته سريعاً"، مشيراً إلى أن بعض السجون المصرية (لم يسمها) مغلقة أمام أعضاء مجلس حقوق الإنسان، و"لا يُعرف ما يحدث فيها من انتهاكات (إن وُجدت)".
كذلك استبعد من التعيينات أحد المرشحين لها بقوة، وهو أستاذ القانون الدستوري في جامعة المنصورة، وعضو لجنة العشرة لإعداد مسودة دستور 2014، صلاح فوزي، الذي يطلق عليه الصحافيون في مصر لقب "عبده مشتاق"، نظراً لنفاقه الدائم للسيسي عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتبريره جميع المخالفات الدستورية واللائحية لمجلس النواب طيلة السنوات الخمس الماضية، أملاً في أن يحظى بالتعيين في أي منصب نيابي.
وكان قرار السيسي الخاص بتعيينات مجلس الشيوخ قد كشف عن اختيار 20 عسكرياً وشرطياً سابقين، ومن أبرزهم: الفريق أسامة الجندي، قائد القوات البحرية السابق، والفريق يونس المصري، وزير الطيران المدني السابق، واللواء أسامة كامل منتصر، رئيس أركان قوات حرس الحدود، واللواء طارق فاروق نصير، مدير معهد دراسات العلوم المخابراتية والأمنية، واللواء هارون أبو سحلي، مدير المجمع الطبي للقوات المسلحة، واللواء محمد مجد الدين بركات، نائب رئيس القضاء العسكري السابق.
ويرأس النائب المعين جلال هريدي (91 عاماً)، وهو فريق سابق في الجيش، الجلسة الإجرائية لمجلس الشيوخ بوصفه أكبر الأعضاء سناً، والتي ستشهد انتخاب رئيس المحكمة الدستورية السابق عبد الوهاب عبد الرازق (72 عاماً)، رئيساً للمجلس، والذي فُرض قبل نحو عامين في منصب رئيس حزب "مستقبل وطن" من دون انتخاب، من أجل تولي رئاسة الغرفة الثانية للبرلمان.