استمع إلى الملخص
- الآراء حول ثورة 23 يوليو منقسمة؛ البعض يراها ديكتاتورية، بينما يراها آخرون ثورة شعبية حققت الاستقلال والتحرر الوطني وأطلقت مشاريع قومية.
- الجدل حول ارتباط دولة يونيو 2013 بدولة يوليو 1952 مستمر، مع تباين الآراء حول امتداد السيسي لعبد الناصر، والدعوة لقراءة التاريخ بموضوعية.
كعادتها في كل عام، تأتي ذكرى 23 يوليو 1952 في مصر، مناسبة لاستعادة ومحاولة تقديم قراءة جديدة لما حدث في ذلك اليوم، عندما استولت مجموعة من ضباط الجيش على السلطة في مصر، وأزاحت الملك فاروق الأول عن عرش البلاد. وتتباين آراء المعلقين ما بين الهجوم على الثورة وبين الدفاع عنها، ولكن مؤخراً لم يعد الأمر يتوقف عند ذلك الحد، إذ تحولت المناسبة إلى ما يشبه "المحاكمة" لعصر يرى البعض أنه المتسبب في الحالة التي وصلت إليها البلاد من الحكم الديكتاتوري غير الرشيد الذي تسبب في ارتفاع حجم الدين الخارجي إلى درجة غير مسبوقة، وما يصاحبه من انهيار في شتى مجالات حقوق الإنسان، وارتفاع أعداد المعتقلين السياسيين بدرجة غير مسبوقة، مرجعين ذلك إلى أكثر من سبعين سنة بقيت فيها مصر تحت حكم العسكريين، بدأت بحكم "الضباط الأحرار" ثم انفراد جمال عبد الناصر بالحكم حتى وفاته في 28 سبتمبر/أيلول 1971، ثم استلام نائبه محمد أنور السادات الحكم، وهو أيضاً أحد الضباط الأحرار، حتى اغتياله "الدراماتيكي" في أثناء حضوره عرضاً عسكرياً لمناسبة ذكرى حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973، وتسليم السلطة إلى نائبه -العسكري أيضاً- محمد حسني مبارك نهاية العام 1981، وهي السلطة التي احتفظ بها مبارك مدة 30 عاماً حتى الثورة عليه في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011. واستلم الحكم عقب ذلك مجلس عسكري بقيادة وزير دفاع مبارك، المشير محمد حسين طنطاوي الذي سلم الحكم بدوره إلى أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، الرئيس الراحل محمد مرسي، في يونيو/ حزيران 2012، لكنه لم يتمكن من الاحتفاظ بالسلطة أكثر من عام واحد فقط، قبل أن يستولي العسكريين عليه مرة أخرى في 30 يونيو من العام التالي.
وعلى العكس من ذلك، يرى فريق آخر أن "ثورة 23 يوليو" 1952 المصرية، حظيت بشِبْه إجماعٍ شعبيٍّ والتفاف حولها، وأنها ترجمت بعد ذلك أحلام وطموحات هذه الشعب في الاستقلال والتحرر الوطني، وفي الانطلاق نحو التصنيع والحداثة، رغم ما شابها من أخطاء لم تصل إلى حد "الخطايا" كما يروج منتقدوها. ويرى أنصار هذا الفريق أنه لا يمكن أن تكون دولة يونيو 2013، امتداداً لدولة يوليو 1052، إذ إن الأخيرة، حررت القرار الوطني المصري من التبعية للاستعمار، وأعادت توزيع الثروة التي كانت حكراً على طبقة معينة دون باقي طبقات الشعب، وأنشأت مشروعاً قومياً حقيقياً لتوطين الصناعة، وكل ذلك إضافة إلى خطوة تأميم قناة السويس التي كانت مصدر إلهام لجميع حركات التحرر الوطني حول العالم، وأيضاً مشروع بناء السد العالي، الذي كان أملاً لكل المصريين.
وفي مقابل نفي أي رابط بين دولة يونيو ودولة يوليو، من جهة بعض أنصار التجربة الناصرية، إلا أنه لا يزال هناك من أنصار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبعض "الناصريين"، من يروج لأن السيسي هو امتداد لعبد الناصر وطغمة العسكريين المصريين السابقين الكبار. ويقول الكاتب الصحافي المصري أنور الهواري، في منشور على صفحته الخاصة في موقع "فيسبوك": "ما قبل 23 يوليو 1952 كان قد وصل الى نهايته المحتومة.. الحقبة أدت أغراضها ولم تعد تملك ما تعطيه، لهذا فالتغيير الذي جرى كان طبيعياً.. الذي لم يكن طبيعياً هو تأسيس نظام ديكتاتوري دون مبرر غير الانفراد بالسلطة والحكم".
أما مهدي علي، فكتب على صفحته في فيسبوك يقول: "بمناسبة أن الغد 23 يوليو ..أقول لكل من يمجد ومن ينتقد عبد الناصر الشخص، أن عبد الناصر قد مات منذ 48عاماً، وأقول لمن يمجد التجربة الناصرية ومن يهاجمها، إن التجربة الناصرية قد انتهت بعد وفاة عبد الناصر ووصول السادات إلى الحكم.. وأقول لكل من يصف الفترة من 1952 وحتى الآن بنظام يوليو، أقول له إن نظام يوليو ظل حتى وفاة عبد الناصر، وبدءاً من فترة حكم السادات وحتى الآن، فهذا نظام يختلف كلية عن نظام يوليو". وأضاف: "التاريخ يقرأ بعين مجردة ومتجردة عن كل هوى أو أفكار مسبقة، ومصر لم تكن ولن تكون المدينة الفاضلة في أي عصر، ولكن من الممكن أن تكون الوطن الذي يسعد فيه شعبه لو تخلصنا من أهوائنا ووجدت الإرادة الحرة والضمير لدى قادتها ونخبتها".