أثارت تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي عومر بارليف، أول أمس الإثنين، إثر لقائه بنائبة وزير الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند، وإعلانه أنه بحث معها اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية، ردود فعل غاضبة في أوساط الحكومة الإسرائيلية، وصلت إلى حدّ اتهامه من قبل بعض أعضاء الكنيست بأنه معادٍ للسامية، فيما زعم رئيس الحكومة نفتالي بينت، رداً على تصريح بارليف، أنّ اعتداءات المستوطنين هي ظاهرة هامشية لا أكثر.
لكن تقريراً لصحيفة "هآرتس"، يعتمد على معطيات رسمية لوزارة أمن الاحتلال، بيّن حجم الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون، بأشكال وطرق مختلفة، وسط عدم قيام سلطات الجيش والجنود بردعهم، أو تقديم المعتدين للمحاكمة، أو حتى مجرد اعتقالهم.
ووفقاً للتقرير، فقد تم خلال العام الحالي وحده، توثيق أكثر من 135 عملية رشق للحجارة قام بها المستوطنون ضد فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، مقابل 90 عملية في العام 2019، كما تم توثيق أكثر من 250 عملية اعتداء ومواجهات، مقابل 100 اعتداء في العام 2019. كما طرأ ارتفاع في عدد اعتداءات المستوطنين على جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي نفسه، من خمسين حالة عام 2019 إلى 60 في العام 2021.
وتعتمد هذه المعطيات على عمليات توثيق لهذه الأحداث من قبل جمعيات ومنظمات حقوقية إسرائيلية، مثل "ييش دين"، و"بتسيلم"، لكنها لا تشمل اعتداءات وقعت في الضفة الغربية لم تصل إلى وسائل الإعلام. إذ تشير معطيات منظمة "ييش دين" مثلاً، إلى أن المنظمة وثقت 540 اعتداءً خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فيما قدّم الفلسطينيون بلاغات عن 238 حالة فقط، ومع ذلك لم يتم تقديم لوائح اتهامات إلا ضد 12 مستوطناً لا غير.
في المقابل، تشير معطيات "بتسيلم" إلى ارتفاع بنسبة 28% في اعتداءات المستوطنين لهذا العام، مقارنة بالعام الماضي (192 اعتداءً مقابل 247).
ووفقاً لشهادة مصعب سفيان من قرية بورين في الضفة الغربية، كما توردها الصحيفة، فإنّ بيته يتعرض للرشق بالحجارة من المستوطنين منذ العام 2000، وأنّ الوضع تفاقم في الأشهر الأخيرة: "إنهم يكسرون النوافذ وسخانات المياه الشمسية، وفي الماضي قتلوا لنا المواشي، ويحاولون طردنا"، كما قال.
وأضاف أنه "في كل عملية اعتداء من هذا النوع، شارك بكل عام بين 20 و30 مستوطناً، وهي عمليات تجعل الرعب يدب في قلوب الأطفال والنساء، وأخيراً، أقام المستوطنون خيمة على أراضينا بالقرب من بيتي، تشكل نقطة انطلاق للاعتداءات، وكلما اتصلنا بالشرطة يحضر عناصر منها ثم يعودون دون فعل أي شيء".
ووفقاً لمعطيات منظمة "ييش دين"، فقد رصدت المنظمة أكثر من 400 حالة لم يتم توثيقها أو تقديم بلاغات بشأنها، إذ قال 43% من الفلسطينيين الذين تعرضوا لاعتداءات المستوطنين، إنهم غير معنيين بتقديم بلاغات للشرطة، وأوضح 51% من هؤلاء أنهم لا يثقون بالسلطات الإسرائيلية.
إلى ذلك، بيّن تقرير لحركة "سلام الآن" نشر أخيراً، أنّ اعتداءات المستوطنين تقع بغالبيتها العظمى في القرى والبلدات الفلسطينية القريبة من بؤر استيطانية غير قانونية حتى وفق التعريف الإسرائيلي، إذ إنّ 63% من الاعتداءات التي تم تسجيلها بين عامي 2012 و2021 حدثت في هذه المواقع.
وقالت صحيفة "هآرتس" نقلاً عن مسؤول أمني رفيع المستوى، إنّ هذه المعطيات صحيحة، مضيفاً أنّ ارتفاع الجرائم التي ينفذها المستوطنون في هذه المواقع مرتبط بهذه البؤر، وبما يُسمّى بـ"مزارع استيطانية" في الضفة الغربية المحتلة، ففي مناطق مستوطنة "يتسهار" و"شيلاكان" هناك ارتفاع في عدد هذه الجرائم وخطورتها، سواء كانت هذه الجرائم قطعاً لأشجار الزيتون أو رشق الحجارة على سيارات فلسطينية، كما ارتفعت هذه الجرائم في جنوب محافظة الخليل، حيث أقام مستوطنون بؤراً استيطانية جديدة في السنوات الأخيرة.
وقد شهد شهر سبتمبر/أيلول الماضي قيام عشرات المستوطنين بمهاجمة قرية خربة المفقرة جنوبي الخليل ورشق بيوتها بالحجارة، بالرغم من وجود جنود في الموقع، إلا أنهم لم يحركوا ساكناً لردع المستوطنين.