كشفت الجولة الثانية من مفاوضات تشكيل الحكومة المغربية الجديدة، التي انطلقت صباح الأربعاء، عن اصطفاف حزب التقدم والاشتراكية المحتل المرتبة السادسة في الانتخابات التشريعية التي جرت في الثامن من سبتمبر/ أيلول، في صفوف المعارضة، في وقت أكدت مصادر مقربة من المفاوضات لـ"العربي الجديد" أن الأمور تتجه نحو تشكيل ائتلاف حكومي يقتصر على أحزاب "التجمع الوطني للأحرار" و"الأصالة والمعاصرة" و"الاستقلال".
وسارع الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، مباشرةً بعد لقائه رئيس الحكومة المكلف عزيز أخنوش، صباح الأربعاء، إلى التأكيد، من خلال تدوينة له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، على أن مشاركة حزبه في الحكومة القادمة" لم تشكل احتمالا مطروحا للنقاش لا من جهته كرئيس ولا من جهتي، كأمين عام للحزب"، في إشارة واضحة إلى أن الحزب قرر الخروج إلى المعارضة.
وقال أمين عام "التقدم والاشتراكية"، الذي حل حزبه في المرتبة السادسة في اقتراع الثامن من سبتمبر/ أيلول بحصوله على 22 مقعدا: "التقيت هذا الصباح بالسيد عزيز أخنوش، بطلب منه، ومر اللقاء في أجواء طيبة. وبعدما قدمت للسيد رئيس الحكومة المعين التهاني إثر الثقة المولوية الكريمة التي حظي بها وتمنيت للحكومة التي سيشكلها التوفيق، تم تبادل وجهات النظر حول نتائج الانتخابات وحول الآفاق المستقبلية بالنسبة لبلادنا".
وتابع في تدوينته: "أكدت للسيد رئيس الحكومة المعين على المنطلقات الأساسية، التي تشكل الأولوية بالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية. وهي تلك المرتبطة بتوطيد الديمقراطية وتوسيع فضاء الحريات وبتعزيز الاقتصاد الوطني وقدراته على خلق الثروات ومناصب الشغل في إطار سيادة القانون والشفافية وبالعناية بالمسألة الاجتماعية وكرامة الإنسان وكذا بالاهتمام بالشأن الثقافي وبالمسألة البيئية".
وبناء على ما انتهت إليه جلسة المشاورات السياسية بين رئيس الحكومة المكلف وزعيم "شيوعي المملكة"، تكون المعارضة المقبلة قد توسعت بانضمام "التقدم والاشتراكية" إلى حزب "العدالة والتنمية".
وبحسب مصدر قيادي في "التقدم والاشتراكية"، طلب عدم الكشف عن اسمه، فإن المكان الطبيعي للحزب في هذه المرحلة هو المعارضة، لافتاً، في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن حزبه لم يكن ينتظر من رئيس الحكومة المكلف عرضا بالمشاركة، وأن الأولوية للحزب هي ترتيب بيته الداخلي.
بالمقابل، لا تستبعد مصادر مقربة من المشاورات أن يضطر حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" إلى الاصطفاف في صفوف المعارضة رغم ما أبداه من استعداد للمشاركة، في ظل توجهٍ نحو تشكيل الأغلبية الحكومية الجديدة من الأحزاب الثلاثة الأولى المتصدرة لنتائج اقتراع الثامن من سبتمبر/ أيلول الجاري، بـ271 مقعداً من أصل 395 التي يتشكل منها مجلس النواب المغربي.
ووفق المصادر ذاتها، فإن مفاوضات تشكيل الحكومة ستنتقل بداية الأسبوع القادم، بعد حسم برلمان كل من حزبي "الأصالة والمعاصرة" و"الاستقلال"، نهاية الأسبوع الحالي، في عرض المشاركة في الحكومة المقبلة الذي تقدم به أول من أمس زعيم "الأحرار"، إلى مرحلة التفاوض المباشر حول هيكلة الحكومة وعدد الحقائب التي ستؤول إلى كل حزب، قبل أن يتم بعد ذلك التوافق على البرنامج الحكومي للسنوات الخمس المقبلة، وميثاق الأغلبية الذي سينظم طريقة تدبير عمل الحكومة.
وبينما لم تستبعد المصادر أن تكون الحكومة جاهزة للتنصيب الملكي نهاية الشهر الجاري، كانت لافتةً خلال الجولة الثانية من مفاوضات تشكيل حكومة أخنوش مقاطعة قيادة حزب "العدالة والتنمية"، لتلك المفاوضات، بعدما تخلف عن الاستقبال الذي كان مقررا مباشرة بعد انتهاء لقاء أخنوش بالأمين العام لـ"التقدم والاشتراكية" صباح اليوم.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس، قد عيّن الجمعة، في القصر الملكي بفاس، رئيس "حزب التجمع الوطني للأحرار"، عزيز أخنوش، رئيساً للحكومة، وذلك بعد تصدُّر حزبه للانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في الثامن من سبتمبر/ أيلول الجاري.
وكانت النتائج التي أعلنتها الداخلية المغربية ليلة الأربعاء/ الخميس، قد كشفت عن ارتفاع حصيلة "التجمع الوطني للأحرار" إلى 102 مقعد نيابي، متبوعاً بحزب "الأصالة والمعاصرة" بـ86 مقعداً، وحزب "الاستقلال" بـ81 مقعداً، فيما احتل حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" المرتبة الرابعة بـ35 مقعداً، وحزب "الحركة الشعبية" المرتبة الخامسة بـ29 مقعداً و"التقدم والاشتراكية" المرتبة السادسة بـ 22 مقعدا، في حين احتل "العدالة والتنمية" المرتبة الثامنة بـ13 مقعدا من أصل 395 مقعدا يتكون منها مجلس النواب المغربي.