قال نائب الناطق الرسمي في وزارة الخارجية الأميركية فيدنت باتيل، لـ"العربي الجديد"، إن الإدارة الأميركية سترد "قريبًا"، على آخر رد إيراني على الرد الأميركي، الذي سبقته ردود متبادلة حول الاقتراح الأوروبي لتعويم الاتفاق النووي 2015.
تعليق الإدارة الأولي الذي صدر الأسبوع الماضي وصف رد طهران بـ"غير البنّاء". لكن الخارجية عادت أول أمس الثلاثاء ووصفته بأنه لم ينقل المفاوضات "إلى وضع يسمح بإتمام الصفقة وبالتالي بقيت معه الفجوة (بيننا) على حالها".
وكان المفترض بعدما انتقلت المفاوضات من الطاولة إلى صيغة المراسلة بالواسطة، أن يتم وقف استمرار هذه الدوامة التي حملت بعض المراقبين على الاعتقاد بأنه جرى اللجوء إليها لتبقى المفاوضات تتأرجح بين حل موعود وحل مفقود وبما يوفر تغطية للطرفين، من جهة لأنهما غير قادرين على التوصل لاتفاق نهائي، ومن جهة ثانية لأن كليهما غير راغب في الانسحاب من العملية.
لكن حسب قراءات وردود أخرى في اليومين الأخيرين، فإن هذه الصيغة التقى عليها الجانبان كل لحساباته كواسطة لإخراج الحل الذي "نضجت طبخته لكن الظروف اقتضت تأجيل إعلانه"، ولو أن ثمة من يربط التشبث الإيراني "بالعرقلة" الروسية والتي لا يجوز استبعادها كلياً.
وفي التقدير العملي وقياسا على السوابق، فإن طهران لا تمانع المضي في هذا التكتيك، بل قد تشارك فيه ضمنا وبما يؤدي إلى تمديد "معقول" للمفاوضات، ذلك يعطيها فرصة للمزيد من المساومة وربما مراكمة مكاسب إضافية ولو غير جوهرية، كما جرى في الفترة الأخيرة من مفاوضات 2015.
إطالة أمد الردود المكوكية ترتبط بوعد أعطاه بايدن كما يتردد ويشاع، إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية يئير لبيد بألا يمضي في التوقيع على أي اتفاق مع إيران قبل الانتخابات الإسرائيلية في أكتوبر/ تشرين الأول القادم.
في حينه، تمكن المفاوض الإيراني من تحقيق إنجازات إضافية، مثل حمل إدارة أوباما على دفع مبلغ 400 مليون دولار كاش جرى شحنها بالطائرة إلى طهرن في نفس اللحظة التي أفرجت فيها هذه الأخير عن 4 محتجزين أميركيين لديها. والمعروف أن هناك حاليا 4 محتجزين أميركيين (من أصل إيراني) في طهران، وقد تعهدت الإدارة بالعمل على هامش المفاوضات لإخلاء سبيلهم أو فك منع السفر عنهم.
أما إدارة بايدن فيبدو أنها تتقصد تمديد دوامة "الرد والرد على الرد" لتمرير استحقاقين انتخابيين هامين بالنسبة لها، الانتخابات النصفية التي تعمل على تأجيل ولادة الاتفاق النووي إلى ما بعد حصولها، كما يقول السناتور الجمهوري ليندسي غراهام.
وبات آخرون يشاركون غراهام اعتقاده ولا يرون في إطالة أمد الردود المكوكية، سوى تعبير عن غاية سياسية محلية وأخرى خارجية تتمثل في الوفاء بوعد أعطاه بايدن كما يتردد ويشاع، إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية يئير لبيد بألا يمضي في التوقيع على أي اتفاق مع إيران قبل الانتخابات الإسرائيلية في بداية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وفي ذلك يلتقي الرئيس بايدن مع لبيد من زاوية أنه "لا يطيق فوز نتنياهو"، إذ إن المضي بالاتفاق عشية الانتخابات قد يساهم في عودته إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وربما أن إيران لا تحبذ هي الأخرى مثل هذه العودة.
الترجيح أن أساسات الاتفاق صارت وراء المفاوضات. المتبقي لا يستعصي على التغلب عليه، البند الرئيسي في الشروط الأربعة التي طرحها الرئيس إبراهيم رئيسي قبل أيام والذي يشدد على ضرورة وقف عمل التفتيش الذي تقوم به وكالة الطاقة الذرية بحثا عن آثار نشاطات نووية قبل اتفاق 2015، لا يرقى بصعوبته إلى شرط رفع اسم الحرس الثوري من لائحة الإرهاب والذي تخلى عنه المفاوض الإيراني حسب التقارير الأميركية.
إذا كان هذا الشرط الأخير قابلاً للتجاوز، فإن شرط وقف التفتيش بالمقارنة معه لن يكون أصعب منه. بقاؤه في التداول من مستلزمات اللعبة. ويقال إن إيران تشبثت به وبغيره في ردها الأخير الذي أشيع بناء على تسريبات "موثوق بها عادة" بأنه جاء "بالفعل سيئاً". لكن ذلك في ميزان التقييم الشائع الذي عبّر عنه السناتور غراهام، ليس سوى تفصيل من مستلزمات اللعبة.