- الأوضاع متوترة بسبب استمرار إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية، مع وجود أمل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ومخاوف من تصاعد المواجهة لتشمل مصر.
- رد حماس على الاقتراحات الإسرائيلية يؤكد على أهمية الدبلوماسية ويضع الضغط الدولي على إسرائيل لقبول اتفاق ينهي الحرب، مع بقاء الأحداث مفتوحة على كل الاحتمالات.
لا تزال المساعي الدولية الهادفة إلى الوصول إلى اتفاق حول تبادل الأسرى ووقف الحرب على قطاع غزة، جارية من جميع الأطراف، وآخرها المحاولات التي تهدف إلى عقد جولة جديدة من مفاوضات هدنة غزة في العاصمة القطرية الدوحة، بعد فشل الجولة الأخيرة في العاصمة المصرية القاهرة، والتي استمرت على مدار يومين، بحضور وفود كل من المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي ومصر وقطر وأميركا.
وبحسب مصادر مصرية وغربية تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الجهود المصرية القطرية لا تزال مستمرة على مدار الساعة، في محاولة لجسر الهوة بين المواقف، ومن جهة أخرى تحاول الإدارة الأميركية ممارسة الضغط على الجانب الإسرائيلي للقبول بصيغة الاتفاق المقترحة والتي وافقت عليها حركة حماس.
مصادر مصرية وغربية: من المنتظر استئناف مفاوضات هدنة غزة بعد أيام في الدوحة
وفي السياق، يقول المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير حسين هريدي، لـ"العربي الجديد"، إن "مصر، ومعها الوسطاء، لا يزالون يحاولون جمع الأطراف على صيغة توافقية"، مضيفاً أن "المشهد ليس سهلاً وبحاجة إلى جهد مضاعف للوصول إلى اتفاق ناضج يمكن تنفيذه فوراً". ويتابع أن "المنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات، لكن الاتجاه نحو الهدوء فيه مصلحة للجميع".
في المقابل، يرى المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، أن حكومة الاحتلال لن تدخل في صفقة قبل أن تنفذ أهدافها في قطاع غزة. ويقول، لـ"العربي الجديد"، إن "إسرائيل تريد تحقيق أهدافها الاستراتيجية باقتحام مدينة رفح الفلسطينية، وما تشمله من محور فيلادلفيا ومعبر رفح البري"، مشيراً إلى أن ذلك "اعتداء على الأمن القومي المصري، وعدم تقدير لمصر رغم دورها الكبير في المفاوضات". ويتابع الأشعل أن "إسرائيل ستفعل ما تريد وتنهي عملياتها العسكرية بالكامل قبل الدخول في صفقة، لا بد منها في نهاية المطاف لإنهاء الحرب، ولكن سيتم ذلك بعد أن تكون إسرائيل قد دمرت غزة ونفذت كل ما هو في مخططاتها العسكرية في مواجهة حماس".
أما أستاذ علم الاجتماع السياسي المصري، محمد سيد أحمد، فيعتقد أن "هناك أملاً في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، خاصة أن قرار (رئيس الحكومة الإسرائيلية) بنيامين نتنياهو باجتياح رفح، يعني أن المسألة ستصل إلى حد المواجهة المباشرة مع مصر بعد سقوط كامب ديفيد". ويقول، لـ"العربي الجديد": "هنا ستتدخل الولايات المتحدة الأميركية بالقوة لوقف هذا الجنون، لأنه ليس بمقدورها أن تتسع الدائرة لتشمل حرباً أو مواجهة مباشرة بين مصر والعدو الصهيوني".
رد "حماس" أربك إسرائيل
وحول مواقف الأطراف المختلفة، يقول المحلل السياسي الفلسطيني حسام شاكر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الرد الذي قدمته حماس في مضمونه وتوقيته كان مربكاً جداً للجانب الإسرائيلي، إذ كان متوقعاً أن يأتي يوم الثلاثاء الماضي وليس الاثنين، وكان التقدير بأنه ستكون عليه بعض التحفظات من جانب المقاومة الفلسطينية، بينما وقّعت بالموافقة على الرد، وبالتالي أربك ذلك الجانب الإسرائيلي ووضع الكرة في ملعبه أمام العالم وبالأخص أمام الوسطاء".
عبد الله الأشعل: حكومة الاحتلال لن تدخل في صفقة قبل أن تنفذ أهدافها في قطاع غزة
ويضيف أنه "في ما يتعلق بوجهة الأحداث، فمن الصعب تقديرها، ولكن نستطيع القول إن قيادة الحرب الإسرائيلية والمستوى السياسي، يمارسان نوعاً من تورية الهدف وإخفائه". ويشير إلى "أننا إزاء احتمالين اثنين، إما عملية محدودة النطاق والزمان في رفح، وبالتالي تكون استعراضية بالأساس، لإثبات الحضور والقول إننا أنجزنا شيئاً في رفح للاستهلاك الإعلامي، بالإضافة لإنجاز جوهري متعلق بوضع اليد على معبر رفح، والاحتمال الثاني أن تكون عملية مديدة مستمرة وربما واسعة النطاق في منطقة رفح، ولكن لا يستبعد أن تكون عملية تحريكية للموقف الإسرائيلي لإنزاله من على الشجرة وتسويق القبول بصفقة عما قريب".
ويتابع شاكر: "نحن أمام منعطف دقيق ومفصلي، على مستوى التطورات الميدانية الحرجة، وأيضاً على المستوى السياسي والتفاوضي، وهناك مسألة أخرى تتعلق بالترتيبات الخاصة برفح ومعبر رفح وطريق نتساريم الذي يمثل عقدة مهمة في القطاع، وما يترتب عليه أيضاً بشأن مستقبل انتشار جيش الاحتلال في قطاع غزة. ولهذا نحن في لحظة يصعب الجزم بأحداثها، لأنها مرتبطة بتطورات الميدان أساساً ونوايا الأطراف".
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل الفلسطيني طلال عوكل، لـ"العربي الجديد"، إن "رد حماس كان ذكياً وفي الوقت المناسب، لأنه ألقى الكرة في ملعب الآخر، انطلاقاً من إدراك أن نتنياهو لا يسعى خلف اتفاق، وبالتالي فإن إسرائيل تكون هي المسؤولة عن تعطيل التفاوض أمام الوسطاء".
ويتفق مع ذلك السياسي الفلسطيني والنائب السابق في الكنيست، جمال زحالقة، إذ يقول ، لـ"العربي الجديد"، إن "رد حماس كان صحيحاً وذكياً وفي وقته، وأحدث انقساماً داخل إسرائيل، التي سارعت برئاسة نتنياهو إلى اختلاق خلافات جديدة لم تكن موجودة في السابق لمنع التوصل إلى وقف لإطلاق النار، حتى لو كان مؤقتاً". وبرأيه فإن "قضية مفاوضات هدنة غزة مستمرة، والاهتمام الأميركي يمكن أن يؤدي إلى نتيجة بشرط واحد إذا كان هناك ضغط على إسرائيل، أما بدون ضغط فلن تكون هناك صفقة في اعتقادي".