استمع إلى الملخص
- تقرير الأمم المتحدة يشير إلى غارات جوية واقتحامات برية على المستشفيات، مع عدم تقديم إسرائيل أدلة كافية لاستخدامها لأغراض عسكرية، مما يحرم الفلسطينيين من الرعاية الصحية.
- في مجلس الأمن، أشار مندوب فلسطين إلى أن الهجمات جزء من سياسة تطهير عرقي، بينما انتقد مندوب روسيا الدعم الأميركي لإسرائيل.
قال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، إن الكارثة الإنسانية في غزة مستمرة أمام أعين العالم في الوقت الذي أدت فيه أساليب إسرائيل في الحرب إلى مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتشريد ودمار واسع النطاق، وجاءت تصريحات المسؤول الأممي خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، الجمعة، الذي عقد اجتماعاً بدعوة من الجزائر، رئيسة مجلس الأمن الشهر الحالي، لنقاش استهداف إسرائيل للمستشفيات والقطاع الصحي في غزة.
ولفت تورك في مستهل حديثه أمام المجلس إلى تقرير صادر عن مكتبه غطى الحرب على غزة حتى نهاية شهر يونيو/ حزيران 2024، وأشار إلى أن التقرير وثق هجمات منهجية على المستشفيات في فلسطين بأساليب مختلفة منها الغارات الجوية الإسرائيلية التي تعقبها في العادة اقتحامات برية من الجيش الإسرائيلي واحتجاز المرضى والعاملين من الأطباء والممرضين وغيرهم. وشدد على ضرورة احترام المرافق الطبية من قبل جميع الأطراف في النزاعات، كما أشار إلى هجمات حماس وجماعات فلسطينية على إسرائيل.
جرائم حرب في غزة
وتوقف المسؤول الأممي عند الهجمات الإسرائيلية الأخيرة ومحاصرة مستشفى كمال عدوان، وهو واحد من المستشفيات الأخيرة التي بقيت تعمل في شمال القطاع، كما أشار إلى تقارير حول اعتقال مدير المستشفى حسام أبو صفية. وأشار كذلك إلى تقارير حول إساءة المعاملة والتعذيب الذي يتعرض له الفلسطينيون بما فيهم الطواقم الطبية، ولفت إلى أن "تدمير المستشفيات في مختلف أنحاء غزة يتجاوز حرمان الفلسطينيين من حقهم في الحصول على الرعاية الصحية الكافية، إذ وفرت هذه المستشفيات ملاذاً آمناً لآلاف الأشخاص الذين ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه". وأشار تورك إلى إعلان الجيش الإسرائيلي انتهاء عمليته التي استمرت شهوراً في شمال غزة مع فصل الشمال عن مدينة غزة، ولفت الانتباه إلى تقارير مفادها أن "أجزاء من شمال غزة أصبحت خالية تماماً من الفلسطينيين".
وأشار تورك إلى إصابة قرابة مئة ألف فلسطيني خلال العام الأخير في غزة، لافتاً إلى أن العديد من الجرحى توفوا وهم ينتظرون العلاج. وأكد أن كل ذلك يحدث في الوقت الذي تزداد العقبات وتمنع وكالات الأمم المتحدة الإنسانية من إدخال المساعدات الإنسانية بما فيها الإمدادات الطبية العاجلة، وأشار إلى إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية التي تشير إلى مقتل أكثر من 1050 من العاملين في المجال الطبي في غزة.
وأكد المفوض السامي ضرورة أن تميز العمليات العسكرية بين الأهداف المدنية والعسكرية وأن تلتزم بمبادئ القانون الدولي. وشدد على أن عدم احترام المبادئ ذات الصلة يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، وأضاف أن "شن هجمات متعمدة ضد المستشفيات والأماكن التي يتلقى فيها المرضى والجرحى العلاج، شريطة ألا تكون أهدافاً عسكرية، يعد جريمة حرب. وفي ظل ظروف معينة، قد يشكل التدمير المتعمد لمرافق الرعاية الصحية شكلاً من أشكال العقاب الجماعي، وهو ما يشكل أيضاً جريمة حرب"، كما أكد أنه "إذا ارتكبت هذه الأعمال بوصفها جزءاً من هجوم واسع النطاق أو منهجي على السكان المدنيين، فإنها قد ترقى أيضاً إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية".
ولفت تورك الانتباه إلى ادعاءات إسرائيل بأن المستشفيات تستخدم لأغراض عسكرية من قبل الجماعات الفلسطينية المسلحة وقال إن مكتبه تلقى رسائل من مندوب إسرائيل حول ذلك، وأضاف "لم تقدم إسرائيل معلومات كافية وإثباتات لادعاءاتها والتي غالباً ما تتسم بالغموض والعمومية، وفي بعض الأحيان تتناقض مع المعلومات المتاحة". وشدد على إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة وشفافة في جميع الهجمات الإسرائيلية على المستشفيات والبنية التحتية الأساسية المدنية بما فيها البنية التحتية الطبية والعاملين في المجال الصحي.
منظمة الصحة العالمية: 7٪ من سكان غزة قتلوا أو جرحوا منذ أكتوبر 2023
وقدم ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ريك بيبركورن، كذلك إحاطته خلال الجلسة وقال إن قرابة سبعة في المئة من سكان غزة قُتلوا أو جرحوا منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ولفت الانتباه إلى أن خمسة وعشرين في المئة من الجرحى، والذين يصل عددهم إلى أكثر من مئة ألف جريح، يعانون إصابات دائمة غيرت حياتهم وسيحتاجون إلى إعادة تأهيل ومساعدات طبية مدى الحياة. وأشار إلى وجود أكثر من 12 ألف فلسطيني في غزة بحاجة لنقلهم خارج القطاع لتلقي العلاج بمن فيهم الأطفال ولفت بيبركورن إلى الوتيرة البطيئة لعمليات الإجلاء حيث لا تعطي إسرائيل إلا عدداً محدوداً من التصاريح، مشدداً على أنه في حال استمرت الوتيرة على النحو الحالي فإن إجلاء هؤلاء لتلقي العلاج سيستغرق من خمس إلى عشر سنوات. وأضاف أن إسرائيل رفضت أغلب طلبات منظمة الصحة العالمية التي تشمل نقل المرضى وإدخال المساعدات الطبية والإمدادات للمستشفيات ولم تسمح إلا بقرابة أربعين في المئة فقط منها.
مندوب فلسطين يبكي خلال قراءته شهادات من غزة
وأجهش مندوب فلسطين للأمم المتحدة، رياض منصور، خلال الجلسة بالبكاء أثناء قراءته لشهادات وكتابات بعض الأطباء والعاملين في المجال الصحي الفلسطينيين الذين أصروا على البقاء ورعاية مرضاهم واستشهدوا أو تعرضوا للتعذيب والاغتصاب والاعتداءات. وقال منصور إن الحرب الذي تشهدها غزة هي حرب إبادة تهدف إلى القضاء على أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين ومن ثم الانتقال إلى مناطق أخرى في فلسطين.
🔴🎥دموع مندوب فلسطين🇵🇸 رياض منصور تهز مجلس الأمن 🇺🇳.. حديث مؤثر عن #غزة يبكي الحضور في جلسة اليوم لمجلس الأمن برئاسة الجزائر🇩🇿
— Radio Algeria international إذاعة الجزائر الدولية (@radioalginter) January 3, 2025
◼️المندوب الفلسطيني انهار أثناء حديثه عن الدكتور عدنان البرش من مستشفى الشفاء الذي تأكد خبر استشهاده بأحد سجون الكيان الصـ*ــ@يوني، مؤكدا أنه تعرض… pic.twitter.com/1x4r8eulfD
وتحدث منصور عن أن التطهير العرقي والإبادة الجماعية تحققت في غزة والهجوم على المستشفيات هو جزء منها. وتحدث عن هجمات في الضفة تحت المزاعم الكاذبة نفسها باستخدام المستشفيات دروعاً بشرية للمقاتلين الفلسطينيين، ولفت إلى أن إسرائيل هي التي تستخدم المستشفيات دروعاً بشرية عندما تجتاحها متخفية بلباس مدني أحياناً للقبض على فلسطينيين، مشدداً على أن المجتمع الدولي يتحمل المسؤولية لحماية الشعب الفلسطيني الأعزل، وأكد ضرورة إنهاء إفلات إسرائيل من العقاب.
من جهته قال مندوب الجزائر ورئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، عمار بن جامع، إن العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني، خاصة في غزة، له هدف واضح ومثير للقلق وهو "دفع السكان الفلسطينيين إلى مغادرة أراضيهم من خلال سياسة واضحة للتطهير العرقي"، وقال إن "أحد الركائز الأساسية لهذه السياسة هو التدمير المنهجي لنظام الرعاية الصحية" مشيراً إلى تقرير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي نُشر في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، والذي يشير إلى استهداف إسرائيل في 136 غارة ما لا يقل عن 27 مستشفى و12 منشأة طبية أخرى. وأضاف أن "53٪ من المستشفيات في غزة لم تعد تعمل؛ من بين 138 مركزاً صحياً أولياً لا يزال ستة فقط يعمل بكامل طاقته؛ وتضررت 130 سيارة إسعاف. كما يحتاج أكثر من 14 ألف مريض إلى إجلاء طبي طارئ إلى الخارج. وقُتل أكثر من ألف فلسطيني عامل، ناهيك عن اعتقال المئات من العاملين في مجال الرعاية الصحية"، وأشار كذلك إلى تقارير منظمات غير حكومية مفادها تعذيب وسوء معاملة. ووفقاً للأمم المتحدة توفي العديد من الأطباء في الحجز الإسرائيلي.
أما الدبلوماسية الأميركية للأمم المتحدة، دوروثي شيا، فكررت ادعاءات إسرائيل بتحميل حماس المسؤولية عن مقتل الفلسطينيين والادعاء باستخدام حماس للمستشفيات. وحول اختفاء مدير مستشفى كمال عدوان قالت الدبلوماسية الأميركية إن بلادها تتواصل مع السلطات الإسرائيلية، وأكدت أن إسرائيل "ملزمة حتى عندما تقاتل حماس بحماية المدنيين لا نود أن نرى المستشفيات مسارح للعنف". وبدت كلمة المسؤولة الأميركية منفصلة عن الواقع في ظل دعم بلادها المستميت لإسرائيل عسكرياً ودبلوماسياً مما يجعلها شريكة في الحرب، وقالت شيا "يعاني الكثير من المدنيين في غزة من الجوع ونقص المياه النظيفة والمأوى والأدوية. وزير الخارجية أنتوني بلينكين شدد في أكثر من مناسبة على ضرورة إنهاء النزاع وإعادة الرهائن ومنهم الأميريكيون السبعة الذين احتجزتهم حماس، كما شدد على ضرورة بداية التفكير في فترة ما بعد النزاع وإعادة الأعمار"، وأضافت "أوضحنا لإسرائيل أنه عليها أن تبذل جهداً أكبر لمعالجة النواقص في المساعدات الإنسانية التي يمكن علاجها".
من جهته وجه مندوب روسيا، فاسيلي نيبينزيا، انتقادات شديدة اللهجة للولايات المتحدة ودعمها لإسرائيل الذي يمكنها من الاستمرار في حربها وانتهاكاتها ضد الفلسطينيين. وتحدث عن تدمير إسرائيل الكامل للبنية التحتية في غزة والتجويع وانتشار الأمراض والمجاعة. ووصف الجيش الإسرائيلي بأنه مهووس بالعقاب الجماعي ضد الفلسطينيين في غزة ويدمّر المستشفيات بتعمد.