عرضت روسيا، الجمعة، مقترحات للحد بشكل جذري من نفوذ الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" في جوارها، وأبدت واشنطن استعدادها لمناقشة المقترحات بالتشاور مع الأوروبيين.
ويأتي نشر هذه الوثائق على خلفية التشنجات المتعاظمة بين موسكو والدول الغربية بشأن أوكرانيا المجاورة لروسيا. ويتهم الأميركيون والأوروبيون روسيا بالتحضير لهجوم عسكري على أوكرانيا.
وتعليقاً على هذه الاقتراحات، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، خلال حديث إلى الصحافيين في الطائرة التي كانت تقل الرئيس جو بايدن في زيارة قصيرة إلى كارولاينا الجنوبية، قائلة: "نجحنا على مدى عقود في التفاوض مع روسيا حول مسائل أمنية... ليس هناك ما يمنعنا من مواصلة الأمر، لكننا سنقوم بذلك بالشراكة والتنسيق مع حلفائنا وشركائنا الأوروبيين".
وصرح مسؤول أميركي كبير للصحافيين بأنّ الولايات المتحدة "مستعدة لمناقشة" هذه الوثائق حتى لو تضمنت "أموراً معينة يعرف الروس أنها غير مقبولة". وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه "إذا شنّ عدوان آخر على أوكرانيا، فسيكون له عواقب وخيمة، وسيكون مكلفاً للغاية".
وينص الاقتراحان اللذان أطلق عليهما "معاهدة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الضمانات الأمنية" و"اتفاق حول تدابير لضمان أمن روسيا والدول الأعضاء" في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، على حظر أي توسع إضافي لحلف شمال الأطلسي وكذلك إنشاء قواعد عسكرية أميركية في الجمهوريات السوفياتية السابقة.
ومن غير المعتاد أن يعرض دبلوماسيون علناً وثائق عمل كهذه إذ إنّ التكتم يسمح عموماً بإعطاء هامش تحرك ضروري للمفاوضين.
وقال نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف مقدماً للصحافة هذه الوثائق التي سلمت هذا الأسبوع لمسؤولة كبيرة في وزارة الخارجية الأميركية "من الضروري تدوين الضمانات الأمنية لروسيا وأن تكون لها قوة القانون".
كذلك، اقترح بدء مفاوضات "اعتباراً من السبت 18 ديسمبر/كانون الأول" وقال إنّ موسكو عرضت على الأميركيين عقدها في جنيف.
وقال المسؤول الأميركي الكبير "نحن مستعدون لمناقشة" هذه الوثائق حتى لو "تضمنت أشياء معينة يعرف الروس أنها غير مقبولة"، مضيفاً أنّ الولايات المتحدة ستقدم "الأسبوع المقبل اقتراحاً ملموساً في شكل أكبر" بشأن صيغة النقاشات بعد التشاور مع حلفائها الأوروبيين.
وتقع كل من الوثيقتين في أربع صفحات وتتضمنان تسعة وثمانية بنود على التوالي. وقال ريابكوف إنّ هذه المقترحات هي وسيلة لاستئناف التعاون الروسي-الغربي في "الغياب التام للثقة المتبادلة" مع الأخذ في الاعتبار السياسة "العدائية" لحلف شمال الأطلسي "في جوار روسيا". واعتبر المسؤول أنّ الأمر هو "لاستئناف العلاقة استناداً إلى صفحة بيضاء".
وتقول روسيا إنها ترد على ما تعتبره تهديداً لأمنها نتيجة علاقات أوكرانيا المتزايدة مع حلف الأطلسي (الناتو) وتطلعها للانضمام إليه. وهي تقول إنّ الخطة الأمنية المقترحة وسيلة لنزع فتيل التوتر في أوروبا لتجنب المواجهة العسكرية.
ماذا تضمنت مقترحات روسيا بشأن "الضمانات الأمنية"؟
أوجزت وكالة الإعلام الروسية النقاط الرئيسية في مقترحات موسكو على النحو التالي:
- عدم توسع حلف شمال الأطلسي أكثر مما هو عليه وعدم انضمام أوكرانيا إليه.
- عدم نشر قوات وأسلحة إضافية خارج الدول التي كانت فيها في مايو/أيار 1997 (قبل انضمام أي من دول أوروبا الشرقية للحلف)، إلا في حالات استثنائية وبموافقة روسيا وأعضاء حلف شمال الأطلسي.
- تخلي حلف شمال الأطلسي عن أي نشاط عسكري في أوكرانيا وشرق أوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى.
- عدم نشر صواريخ متوسطة وأقصر مدى في أماكن يمكن أن تصيب منها أراضي الجانب الآخر.
- عدم إجراء تدريبات بأكثر من لواء عسكري واحد في منطقة حدودية متفق عليها، وتبادل المعلومات الخاصة بالتدريبات العسكرية بشكل دوري.
- تأكيد أنّ كلاً من الطرفين لا يعتبر الآخر خصماً، والاتفاق على حل جميع النزاعات سلمياً والامتناع عن استخدام القوة.
- الالتزام بعدم خلق أجواء تُعتبر تهديداً للطرف الآخر.
- مد خطوط ساخنة للاتصالات الطارئة.
وقد حذر حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، الخميس، موسكو من "عواقب وخيمة" إذا تدخلت عسكرياً في أوكرانيا، بعد رفض اعتراض روسيا على انضمام كييف المحتمل إلى الحلف.
وأمس، الخميس، أكد رؤساء دول وحكومات الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، في قمة في بروكسل، أنّ "أي عدوان جديد ضد أوكرانيا ستكون له عواقب وخيمة وثمن باهظ". وورد ذلك في نتائج أقرّت بالإجماع بعد مناقشات في جلسة مغلقة استمرت ساعات حول العقوبات الاقتصادية الأوروبية الممكنة.
لندن تعد باستخدام كل إمكاناتها الدبلوماسية والاقتصادية لحماية أوكرانيا
في الأثناء، أكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الجمعة، للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي، أنّ بلاده ستستخدم "كل إمكاناتها الدبلوماسية والاقتصادية" للحؤول دون أي اعتداء روسي على أوكرانيا.
وقال متحدث باسم داونينغ ستريت أنه خلال اتصال هاتفي بعد الظهر، كرر جونسون الدعم البريطاني لأوكرانيا وأكد لزيلينسكي أنّ المملكة المتحدة "ستستخدم كل إمكاناتها الدبلوماسية والاقتصادية بالتنسيق مع حلفائها لمنع أي عدوان روسي على أوكرانيا".
واتفق جونسون وزيلينسكي على أهمية "الحوار القائم بما في ذلك مع روسيا" وتحدثا عن أهمية قيام أوكرانيا والدول الأوروبية "بتقليل اعتمادها على الغاز الروسي" وضرورة "تنمية مصادر الطاقة الخضراء والمتنوعة".
وجاءت المحادثة بين الزعيمين بعد أيام من مكالمة بين جونسون والرئيس الروسي. ودعا رئيس الوزراء البريطاني الإثنين فلاديمير بوتين إلى "تهدئة التوترات"، مكرراً التحذير البريطاني من أنّ أي تدخل عسكري روسي سيمثل "خطأ استراتيجياً" ستكون له "عواقب".
(فرانس برس، رويترز)