كشفت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد" عن تحركات مصرية لدى عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، لمنع عرقلة مشروع القرار الذي تعتزم تونس تقديمه خلال الفترة المقبلة بشأن سد النهضة الإثيوبي، ويسعى للحفاظ على حقوق دولتي المصب مصر والسودان، والتوصل إلى حل عادل للأزمة.
وقالت المصادر، إن اتصالات دبلوماسية رفيعة المستوى جرت أخيراً بين المسؤولين المصريين، ونظرائهم في دولة الهند، وذلك في أعقاب تقارير بشأن استعداد نيودلهي، لعرقلة مشروع القرار الذي تسعى تونس للتقدم به، ودعم موقف إثيوبيا، في مواجهة مصر والسودان. وأضافت المصادر أن الاتصالات مع الجانب الهندي تضمنت عرضاً شاملاً للأزمة مع إثيوبيا، والمحاولات المصرية لتقريب وجهات النظر للتوصل لحل سياسي وسلمي للأزمة يحفظ حقوق الأطراف كافة، كذلك تضمنت عرض الردود الإثيوبية على كافة المحاولات والوساطات الدولية لحل الأزمة، وما شملته من تعنت أديس أبابا.
اتصالات دبلوماسية رفيعة المستوى جرت أخيراً مع الهند
وبحسب المصادر "طالب الجانب المصري المسؤولين في الهند، ببناء موقفهم بما يحفظ أمن وسلم المجتمع الدولي، والذي تعدّ منطقة القرن الأفريقي إحدى ركائزه الأساسية، كونها إحدى المناطق الهامة المؤثرة في مسار خطوط التجارة الدولية". وأشارت المصادر إلى أن "القاهرة تتحرك على ضوء خطة جديدة بشأن الأزمة تتضمن جوانب عدة، أهمها حصار المساعي الإثيوبية تجاه المجتمع الدولي، وعدم السماح لأديس أبابا بتقديم معلومات مضللة بشأن الأزمة"، لافتةً إلى أن ذلك التوجه المصري الجديد "يأتي بعدما اتضح حجم التأثير والتحرك الذي قامت به الدبلوماسية الإثيوبية خلال الآونة الأخيرة".
ووفق المصادر، فإنّه "خلال الفترة الماضية، تمكنت القاهرة من السيطرة على مواقف بعض الدول مثل روسيا، والصين، والجزائر، والتي كان يمكن وصفها بالسلبية تجاه مصالح مصر التي تضررت جراء أزمة السد"، مؤكدةً في الوقت ذاته أن "خطة التحرك المصري الجديدة لن تكون في إطار رد الفعل فقط، ولكن تتضمن أيضاً جوانب خاصة بتحركات استباقية".
من جهة أخرى، قال مصدر مصري خاص لـ"العربي الجديد" إنّ تزايد الحديث أخيراً عن محاولات الهجرة غير النظامية عبر السواحل المصرية، وإحباط الأجهزة المعنية لها، من جهة، وكذلك الكشف عن أعداد المصريين الذي يحاولون الهجرة بطريقة غير شرعية صوب أوروبا عن طريق ليبيا، يعدّ رسالة مصرية للأوروبيين من جانب المسؤولين عن إدارة ملف سد النهضة الإثيوبي. وهي الرسالة التي ألمح لها وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، في أكثر من مناسبة، خلال تطرقه للآثار السلبية لنقص حصة مصر من المياه، وما يمكن أن يترتب على ذلك من فقدان فرص العمل في مجال الزراعة، ومن ثم تزايد محاولات الهجرة نحو أوروبا بشكل تصعب السيطرة عليه.
يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه عبد العاطي، وجود تحركات دبلوماسية بملف سد النهضة، موضحاً أنه لا يمكن الإعلان عنها إلا إذا كانت تأتي بنتيجة. وقال عبد العاطي في مقابلة مع قناة "الجزيرة" أول من أمس الأحد، معلقاً على المبادرة الجزائرية الأخيرة في هذا الإطار: "ما لم تأتِ بنتيجة، فلا جدوى منها". ولفت عبد العاطي إلى أن "سبب فشل الملء الثاني لسد النهضة يعود إلى مشكلات فنية متوقعة" وأنّ "إثيوبيا أبلغت مصر والسودان بالملء الثاني بشكل خاطئ". وأوضح أنّ مصر والسودان اتخذتا الاستعدادات اللازمة للتعامل مع الملء الثاني الكامل لسد النهضة والذي أكدته إثيوبيا في أكثر من مناسبة، ولكن عدم إتمام الملء الثاني أدى إلى ارتباك، مشيراً إلى أنّ "قلق القاهرة زاد في ظل المعلومات الخاطئة التي تقدمها إثيوبيا".
التوجه المصري الجديد يأتي بعدما اتضح حجم التأثير والتحرك الذي قامت به الدبلوماسية الإثيوبية
ولفت عبد العاطي إلى أنّ "التأثير بمقدار مليار متر مكعب على حصة مصر المائية يؤدي إلى بوار 200 ألف فدان، بما يؤثر على 200 ألف أسرة" وأشار إلى أنّ "إثيوبيا تستهلك كمية مياه من النيل لا تفصح عنها". وتابع: "يحظون بنصيب الأسد، وما تستهلكه مصر معلن لكلّ العالم، وهو الحدّ الأدنى الذي يعيش عليه المصريون" كاشفاً أنّ "مصر تعوض الاستهلاك من مياه النيل، بإعادة استخدام المياه أكثر من مرة".
وأخيراً، نفى الجيش السوداني اتهامات من قبل نظيره الإثيوبي، بدعم "جبهة تحرير تيغراي" التي تخوض حرباً مع الحكومة المركزية في إقليم تيغراي بشمال إثيوبيا، وتسلل مقاتلي الجبهة عبر الحدود السودانية، في محاولة لتعطيل عمل سدّ النهضة. ويأتي نفي السودان بعد تصريحات منسوبة للمسؤول العسكري الإثيوبي في منطقة متكل في إقليم بني شنقول، العقيد سيف إنجي، قال خلالها إنّ القوات الإثيوبية أحبطت محاولة جماعة مسلحة تعطيل السدّ، وأنّها تتبع "جبهة تيغراي".