لا تزال العملية الانتخابية في ليبيا تواجه مقترحات التأجيل وسيناريوهاته، خصوصاً مع الضغوط التي تواجهها المفوضية العليا للانتخابات والجهات المساعدة لها من كل الأطراف، في إطار الصراع الحاصل بين أبرز المرشحين للانتخابات الرئاسية.
كما تستمر عملية التحضير للعملية الانتخابية في مرحلتها الثانية الخاصة بالطعون على المرشحين، ومن قبل المستبعدين من القائمة الأولية لانتخابات الرئاسة، والتي بدأت منذ أمس الخميس، وتستمر لمدة ثلاثة أيام، لكن مصادر قريبة من مفوضية الانتخابات أكدت أن العملية الانتخابية لا تزال مفتوحة أمام كل احتمالات التأجيل والتمديد وفقاً لمقترحات داخلية وخارجية لإنقاذ الانتخابات.
ولفتت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى تداول توصيف "التأخير" و"التمديد" في أروقة المفوضية كأحد التعبيرات التي تستخدمها مقترحات تأجيل الانتخابات لتمهيد الرأي العام لقبول فكرة التأجيل. وأشارت المصادر إلى أن سيناريو تأجيل إجراء الانتخابات إلى ما بعد 24 ديسمبر/كانون الأول من الراجح أنه سيستند إلى إجراءات، منها تمديد الفترات الحالية الخاصة بالطعون والاستئناف عليها، بسبب ضيق الوقت وعدم كفاية الوقت المتبقي حتى موعد الإعلان عن القوائم النهائية للمرشحين، والمقرر يوم 7 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ليتم على أساسها "تأخير" موعد إجراء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يوم 24 ديسمبر/كانون الأول.
وفيما أكدت المصادر أن كل مقترحات "التأخير" لا تزال راجحة، دون أن يتحدد أي منها ليكون تاريخه مناسبا للمرحلة، أشارت إلى أن أغلبها يتجنب تأجيل إجراء الانتخابات الرئاسية إلى ما بعد يناير/كانون الثاني المقبل، والانتخابات البرلمانية إلى ما بعد مارس/آذار المقبل.
وفيما حذر المبعوث الأممي المستقيل يان كوبيتش، في إحاطته أمام مجلس الأمن الأربعاء الماضي، من أن "عدم إجراء الانتخابات يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الانقسام والصراع وفراغ في السلطة"، يبدو أن كوبيتش يدعم أيضاً سيناريو التأجيل، فقد لمّح إلى أن الجدول الزمني لتواريخ العملية الانتخابية الذي أعلنته المفوضية العليا للانتخابات ليس نهائياً، من خلاله قوله إن المفوضية "ستقترح تواريخ محددة للانتخابات بعد الانتهاء من قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية في ديسمبر/كانون الأول، وذلك بعد عملية البت في الشكاوى والطعون"، مع أن المفوضية أعلنت، منذ الخامس من الشهر الجاري، عن تواريخ العملية الانتخابية وآجالها.
كما لمح كوبيتش إلى خلافات ليبية متوقعة إزاء التواريخ الجديدة المتوقع إعلانها في حال "التأجيل"، حيث شدد على ضرورة أن "يصادق مجلس النواب على الفور على مواعيد الاقتراع التي تقترحها المفوضية لكل من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".
تشكيك في نزاهة الانتخابات ومصداقيتها في الجنوب والشرق في ظل وجود مليشيات حفتر
وعلى الصعيد الداخلي، لا تزال فترة الطعون في حال من التنافس الشديد بين أبرز شخصيتين في الغرب الليبي، وغموض الأوضاع في الجنوب والشرق، حيث كشفت المصادر ذاتها عن تنافس حاد بين رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، ووزير الداخلية بحكومة الوفاق السابقة فتحي باشاغا، وأكدت أن الأخير دفع بعدة طعون إلى لجنة الطعون في دائرة المحكمة الابتدائية في طرابلس، منها حمل الدبيبة جنسية دولة أوروبية، بالإضافة لوثيقة تعهد فيها أعضاء السلطة التنفيذية، ومنهم الدبيبة، للأمم المتحدة، بعدم الترشح للفترة السياسية المقبلة، عند انتخابهم في ملتقى الحوار السياسي في فبراير/شباط الماضي.
وسبق أن كشفت المصادر ذاتها، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، عن رفض لجنة الطعون لدى محكمة طرابلس ثلاثة طعون قدمت ضد الدبيبة، مشيرة إلى أنها استندت إلى المادة الـ12 من قانون الانتخابات الرئاسية، التي تطالب المرشح بترك وظيفته قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر.
وفيما يبدو تقديم الطعون ممكناً أمام محكمة طرابلس، فإن الأمر يبدو مستحيلاً في بنغازي، إذ قرر المجلس الأعلى للقضاء، يوم أمس، التراجع عن تعديله السابق، والذي يسمح للطاعن بتقديم طعنه في المرشحين في منطقته، وعاد للشرط الأول الذي يحتم على الطاعن تقديم طعنه في منطقة المرشح.
وزاد من عدم قدرة أي طاعن على تقديم طعنه أمام محكمة بنغازي حادثين، جنوبي البلاد وشرقيها، يوم أمس الخميس؛ فبعد اقتحام مجموعة مسلحة تابعة لمليشيات حفتر مقر محكمة سبها، وإقفالها وطرد القضاة والموظفين منها، قبيل استعداد المحكمة لعقد جلسة للنظر في الطعن المقدم من محامي سيف الإسلام القذافي ضد استبعاده من القائمة الأولية للمرشحين للرئاسة، تناقلت منصات التواصل الاجتماعي فيديو يظهر اعتداء أنصار حفتر في مدينة درنة، شرقي البلاد، على المرشح للرئاسة إسماعيل الشتيوي، أثناء زيارته لنادي دارنس الرياضي بالمدينة.
والشتيوي مسؤول سابق عن العديد من الأندية الرياضية الليبية، ويبدو أن زيارته لنادي دارنس، في مدينة درنة، جاءت ضمن حملته الانتخابية كونه أحد المرشحين للرئاسة، إلا أن أنصار حفتر اعتدوا عليه أثناء زيارته للنادي، وطالبوه بمغادرة المدينة، وسمعت في التسجيل أصوات تطالبه بـ"أخذ الإذن من المشير" لزيارة المدينة، في إشارة لحفتر.
وتضاعف الحادثتان من مخاوف عدم قدرة المفوضية على إدارة عملية انتخابية نزيهة وذات مصداقية في ظل استمرار القبضة الحديدية لمليشيات حفتر في الشرق، وامتداد تأثيرها إلى الجنوب أيضاً.