- تغيير معالم المسجد الإبراهيمي من قبل الاحتلال، بما في ذلك تركيب مكيفات ونزع الثريات القديمة، وتشديد القيود على الفلسطينيين بمنعهم من الصيانة والترميم، وتشريع اعتداءات المستوطنين.
- سلطات الاحتلال تسعى لـ"كي وعي" الفلسطينيين تجاه المسجد بفرض قيود مشددة وتغيير السياسات لتقليل الزائرين، وتقسيم المسجد بعد مذبحة 1994، حيث سيطر اليهود على 63% منه وحولوه إلى كنيس، بينما تبقى 37% للمسلمين مع قيود متزايدة.
منذ بدء العدوان على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي. شددت قوات الاحتلال الإسرائيلي إجراءاتها الأمنية حول المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، وقيدت حركة الوصول إليه، وعرقلت إدارة الجهات الفلسطينية الرسمية لشؤونه، ما جعله يبدو مهجوراً، بعد تراجع أعداد المصلّين والزائرين، الذين زخر بهم في رمضان خلال الأعوام الماضية.
ويحيط بالمسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة، نحو 70 حاجزاً ونقطة عسكرية، ثلاثة منها تؤدي مباشرة إلى المسجد، أغلق الاحتلال منها اثنين، وهما: "حاجز أبو الريش وحاجز 160"، ما يعني منع نحو 3 آلاف ممن يقطنون قرب المسجد من الصلاة فيه وزيارته.
شرعنة اعتداءات المستوطنين على المسجد الإبراهيمي
ورغم إغلاق حاجز أبو الريش الذي يربط سكّان الحارات المحاذية للمسجد الإبراهيمي، إلا أن سلطات الاحتلال قررت فتح الحاجز في اليوم الثاني من شهر رمضان، ما دفع الجماعات الاستيطانية المتطرفة إلى التظاهر احتجاجاً في أوقات صلاة التراويح، رفضاً للقرار، مطالبين بإعادة إغلاقه، وهوما حصل فعلاً ليفتح بطريقة غير منتظمة، كما يقول مدير وزارة الأوقاف بالخليل، غسان الرجبي، في حديثه لـ"العربي الجديد".
ويؤكد الرجبي أن قوات الاحتلال عمدت في الآونة الأخيرة إلى تغيير معالم المسجد الإبراهيمي، من خلال تركيب مكيفات هوائية في منطقة اليوسفية المغلقة في المسجد والتي يمنع على المسلمين دخولها إلا 10 أيام في السنة، بالإَضافة إلى نزع الثريّات القديمة وخلع الشبابيك الموجودة منذ مئات السنين.
أما منسق تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان، عماد أبو شمسية، فيقول لـ"العربي الجديد" إنه قبل بدء العدوان على غزة، كان يستوطن محيط المسجد الإبراهيمي نحو 400 مستوطن، يحرسهم أكثر من 1500 جندي إسرائيلي، تحولوا جميعاً اليوم جنوداً بفعل قانون التجنيد الإجباري، الذي يلزم المستوطنين بالالتحاق بالجيش وحمل السلاح، مما يعني "شرعنة" سلوك المستوطن الذي كان يعتدي في السابق على زوّار البلدة القديمة من مدينة الخليل؛ بحجّة أنه جندي.
"كي الوعي"
يسعى الاحتلال وفق الرجبي، إلى إيجاد بروتوكولات جديدة وخلق واقعٍ جديد بمنع سكّان البلدة القديمة في الخليل من الوصول إلى المسجد، ومن ثم ضبط عدد سكّان المناطق الأخرى الراغبين في التوجه إليه، فانخفضت، بعد قيود الاحتلال على المداخل، أعداد الزائرين إلى النصف، بعد أن كان يستوعب 700 مصلٍّ.
من جانبه، يقول مدير المسجد الإبراهيمي، معتز أبو سنينة، لـ"العربي الجديد": "إن الاحتلال يشدد من إجراءاته بطريقة غير مسبوقة"، مضيفاً: "يمنعنا الاحتلال من إدخال أكواب المياه في أوقات صلاة التراويح، ولا يسمح لنا بإجراء أي أعمال صيانة أو أعمال ترميم، ويفرض قيوداً على العاملين التابعين لإدارة المسجد أو بلدية الخليل، ومن ثم يحدد الاحتلال صلاحيات عملنا ويجعلها أدنى من المستوى الذي كانت عليه قبل الحرب على غزة".
ويحذّر أبو سنينة من اعتداءات المستوطنين في محيط المسجد الإبراهيمي، التي تقلل أعداد المصلّين والزائرين للمسجد، فرمضان هو "الشهر الوحيد طيلة أيام السنة التي يعمر فيها المسجد بالحضور والرباط والفعاليات الدينية، خصوصاً بعد عدم تمكّن إدارة المسجد ووزارة الأوقاف من إجراء أي فعاليات دينية كما المعتاد في ذكرى الإسراء والمعراج، في الثامن من الشهر الماضي، بفعل القيود الإسرائيلية".
وبالعودة إلى أبو شمسية، فيقول: "الاحتلال تحوّل من مرحلة التفتيش المعروفة بالمرور عبر البوابة الإلكترونية وإظهار الهوية الشخصية، إلى تعزيز حضور عناصر الجيش لتفتيش كل الزائرين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 - 30 عاماً، من خلال خلع أجزاءٍ من الملابس والأحذية والتفتيش عبر العصاة الكهربائية والتفتيش اليدوي، بالإضافة إلى استدعاء مجنّدات يعملن على تفتيش النساء الفلسطينيات خاصة".
ويتابع: "وضع الاحتلال مكعّبات إسمنتية تقيّد مسار الزائرين للمسجد الإبراهيمي، ليمشوا في مسارٍ محدد، بدءاً بعبور البوابة الإلكترونية الأولى وصولاً إلى البوابة الإلكترونية الثانية، وانتهاء بالمسجد، ومن ثم يمنع على الناس التجوال أو الاستراحة في ساحة المسجد الإبراهيمي، أو في شارع السهلة القديم.
ويهدف الاحتلال، وفق أبو شمسية، إلى كيّ وعي الناس تجاه المسجد الإبراهيمي، عبر تشكيل قناعات وسياسات جديدة لدى الناس بأن المسجد الإبراهيمي مكانٌ خطر، فيخشى الناس إرسال أبنائهم إلى الصلاة والرباط فيه، بعد أن كان مكاناً دينياً يلجأ الناس إليه في المناسبات الدينية".
يعاني المسجد الإبراهيمي سياسة التهويد الإسرائيلية، فقسمه الاحتلال بعد المذبحة التي نفذها المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين، فجر 25 فبراير/ شباط 1994، ليسيطر اليهود على 63% من مساحته ويحولوها إلى كنيس، في حين تبقى 37% للمسلمين.
لا يسمح للمسلمين بالدخول دائماً إلى المسجد، ويمنعون من رفع الأذان أكثر من 630 مرّة كل عام، إضافة إلى تغيير معالم المسجد، عبر بناء المصعد الكهربائي والحفريات تحت أرضه.