منح الثقة للحكومة المصرية… إجراء "صوري" في البرلمان

20 يوليو 2024
مصطفى مدبولي في كلمة بمدينة العريش، 31 أكتوبر 2023 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **منح الثقة للحكومة المصرية الجديدة**: كلف الرئيس السيسي مصطفى مدبولي بتشكيل حكومة جديدة حصلت على ثقة البرلمان رغم السخط الشعبي بسبب الأزمات وشبهات الفساد. المعارضة في البرلمان تكاد تكون معدومة.

- **العلاقة بين البرلمان والحكومة**: بعد حراك 30 يونيو/حزيران 2013، تم تعديل الدستور وتغيير النظام الانتخابي، مما أدى إلى برلمان يشبه التعيين ويضعف دوره في مراقبة الحكومة.

- **غياب برنامج حكومي واضح**: برنامج الحكومة لم يف بتوقعات النواب ووصفه البعض بأنه إنشائي. الحكومة وعدت بتقديم برامج أكثر دقة في دور الانعقاد المقبل.

منح مجلس النواب المصري، أول من أمس الخميس، الثقة للحكومة الجديدة التي تشكلت في الثالث من يوليو/ تموز الحالي، بناء على تكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي لرئيسها مصطفى مدبولي، والذي كان قد قدّم استقالته في الثالث من يونيو/ حزيران الماضي. منح الثقة للحكومة المصرية جاء على الرغم من حالة السخط الشعبي التي صاحبت التشكيل الحكومي، نتيجة لعدد من الأزمات، على رأسها أزمة انقطاع الكهرباء، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، بالإضافة إلى أن معظم أسماء الوزراء الجدد طاولتها شبهات فساد وتزوير. كما تغيب المعارضة بشكل شبه كامل عن البرلمان المصري الموالي بغالبيته الساحقة للسلطة، والذي ينتخب كل خمسة أعوام. وكان النائب المصري ضياء الدين داود قد قال إن "المعارضة بمجلس النواب تقتصر على ثلاثة نواب فقط من أصل نحو 600 نائب، بينما الباقي يصوّت مع الحكومة".

وتنصّ المادة 126 من اللائحة الداخلية للبرلمان المصري على أن يقدم رئيس مجلس الوزراء المكلف برنامج الحكومة خلال 20 يوماً من تاريخ تشكيلها إلى مجلس النواب، أو في أول اجتماع له إذا كان غير قائم. كما تنص المادة 146 من الدستور على أن "يختار رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء، ويكلفه بتشكيل الحكومة، وعرض برنامجها على مجلس الشعب خلال 30 يوماً على الأكثر". وإذا لم تحصل الحكومة على ثقة البرلمان المصري "يكلف رئيس الجمهورية رئيساً آخر لمجلس الوزراء من الحزب الحائز على أكثرية مقاعد مجلس الشعب، فإذا لم تحصل حكومته على الثقة خلال مدة مماثلة، يختار مجلس الشعب رئيساً لمجلس الوزراء". ويكلف رئيس الجمهورية حينها رئيس البرلمان المختار "بتشكيل الحكومة، على أن تحصل على الثقة خلال مدة أخرى مماثلة، وإلا يحل رئيس الجمهورية مجلس الشعب، ويدعو لانتخاب مجلس جديد خلال 60 يوماً من تاريخ صدور قرار الحل".

منح الثقة للحكومة المصرية وتطويع البرلمان

وحول العلاقة التي من المفترض أن تقوم بين البرلمان المصري بصفته السلطة التشريعية، والحكومة بصفتها السلطة التنفيذية، قال المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "عقب حراك 30 يونيو/حزيران 2013، تم تعديل الدستور مرتين بشكل أدى إلى تراجع في بعض القضايا السياسية الأساسية، سواء في تعديل مدد الرئاسة، أو إقرار نظام انتخابي يتم على أساسه تشكيل البرلمان المصري". وأدى النظام الانتخابي هذا، وفق ربيع، إلى "تغيير إرادة الناخبين، وهو النظام المعروف بالقائمة المطلقة، علماً أنه في حقيقة الأمر، يؤدي إلى برلمان يشكل بما يشبه التعيين أو التزكية لجزء كبير من الأعضاء".

وأضاف أن "كل ذلك يؤدي بطبيعة الحال إلى خلق برلمان يسهل تطويعه، وتحكمه حالة من الخلل في العلاقة مع السلطة التنفيذية، التي من المفترض أن يقوم البرلمان المصري بمراقبتها". وقبيل منح الثقة للحكومة المصرية وأثار النائب المصري المستقل محمد عزت عرفات أزمة تحت قبة البرلمان، الخميس الماضي، إثر انتقاده برنامج الحكومة الجديدة الذي حظي بثقة الأغلبية في مجلس النواب، واصفاً إياه بأنه "موضوع تعبير وإنشاء"، ما دفع رئيس المجلس حنفي جبالي إلى حذف كلمته من مضبطة الجلسة، وسحب الكلمة منه.

محمد السادات: برنامج الحكومة لم يف بتوقعات وتطلعات النواب الذين يتابعونه

غياب برنامج واضح

وفي هذا الصدد قال رئيس حزب الإصلاح والتنمية، النائب السابق محمد أنور السادات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "من المعروف أن الحكومة بعد اختيار الرئيس لأعضائها، تمثُل أمام البرلمان المصري لتقدم برنامجها". وأضاف أنه قبل منح الثقة للحكومة المصرية "تابعنا الآراء داخل مجلس النواب، التي رفضت بيان الحكومة، واعتبرته كلاماً إنشائياً غير معزز لا ببرنامج زمني ولا بأي مؤشرات حقيقيه تؤدي إلى التنمية الحقيقية، ولذلك فإن كثيراً من الأعضاء رفضوه، وكانت لهم تحفظات، بما فيهم حزبنا حزب الإصلاح والتنمية". وأوضح أنه بالتالي من "الطبيعي أن يخرج علينا وزير الشؤون البرلمانية (محمود فوزي) ويؤكد أن الحكومة حريصة خلال دور الانعقاد المقبل على أن تتقدم للبرلمان ببرامج أكثر دقة وبشكل تفصيلي، وأنه ستكون هناك فترة زمنية محددة". ولفت إلى أنه "من الواضح أن البرنامج تم تقديمه على نوع من العجل، ولم يف بتوقعات وتطلعات النواب الذين يتابعونه".

واعتبر أن "السياسات نفسها ستبقى، والحديث سيقتصر على الأحلام والآمال، دون أي نوع من الالتزام، لا ببرنامج محدد، ولا بفترات زمنية محددة". وقال: "دعنا ننتظر لنرى ماذا ستقدم الحكومة في دور الانعقاد المقبل، الذي سيبدأ في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، سواء من أجندة تشريعية متعلقة بالقوانين ذات الأولوية، والتي وعد رئيس الحكومة رئيس الجمهورية، أنه سيتم إقرارها كنتاج للحوار الوطني، في ما يتعلق بالحقوق والحريات، وبالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وحرية تداول المعلومات، وإنشاء مفوضية عدم التمييز، وأيضاً قانون الأحوال الشخصية والعنف الأسري".

وفي ظل منح الثقة للحكومة المصرية رأى السادات أن "كل هذه أمور لها أولوية، وطبعاً على رأسها قوانين الانتخابات البرلمانية المقبلة، بالإضافة إلى قانون الإدارة المحلية، الذي كما وُعد، ستتم بعد غياب طويل انتخابات للمجالس المحلية الشعبية، لكي تستطيع القيام بدورها". وأوضح أن "الجميع الآن في عطلة صيفية، وأقصد مجلس النواب والوزراء، ويفترض أنهم بدأوا ممارسة مهام وظائفهم في وزاراتهم، فدعونا ننتظر".

المساهمون